صفحات من حياة ناصر النشاشيبي

من منا لا يعرف ناصر الدين النشاشيبي، الذي جمع على مدار أكثر من 60 عاماً بين السياسة والتاريخ والأدب والفن والثقافة؟ أحب ومازال يحب فلسطين والقدس والكتابة. يقول «القدس ستبقى تسري في عروقنا وستبقى لقمة العيش في غذائنا ولن نكفر بها، ولن ننشد مدينة أخرى سواها، وسنبقي الضغط على جميع العرب للانتساب إليها.. القدس كل ذرة فيها تساوي الدنيا بأسرها»، وأضاف «سألاقي وجه ربي وأنا أكتب، فالكتابة هي ثروتي الوحيدة، وهي عطائي وبسمتي وشقائي، ولا نعمة توازي نعمة القراءة».

ولد ناصر الدين النشاشيبي العام 1924 في القدس، وتلقى تعليمه في مدرسة المطران، ثم انتقل إلى مدرسة الرشيدية، ثم إلى بيروت، حيث حصل على شهادتي البكالوريوس والماجستير في جامعتها «العلوم السياسية» و«الأدب العربي»، وتلقى تعليمه على أيدي خيرة الأدباء اللبنانين. درس الحقوق في مدرسة الحقوق بالقدس، لكنه لم ينه دراسته بسبب حرب ،1948 لكنه بعد الحرب أصبح يوزع نشاطاته بإلقاء المحاضرات ونشر الكتابات في جريدتي «الدفاع» و«فلسطين»، فكان مدافعاً عن قضية بلده.. يكتب باسم أجنبي ما أثار تساؤلاً وقتها «من هذا الإنجليزي المناصر للعرب؟». ومنذ نعومة أظفاره وهو يملك ثروة هائلة، فهو ينتمي إلى عائلة مقدسية عريقة لها أملاك وعقارات عدة، لكنه أراد أن يعمل ويحقق ذاته من خلال تعبه لا بالاعتماد على أموال والديه، واتّبع في عمله تقاليد مازال يلتزم بها حتى اليوم، ولا يحيد عنها دون أي اعتبار لأي التزام عائلي أو سياسي.

تنقل النشاشيبي بين الدول العربية وعمل في مختلف صحفها وعمل رئيساً لتحرير جريدة الجمهورية المصرية، إضافة إلى انفراده بكتابة صفحة كاملة صباح كل خميس في الجريدة، رفد النشاشيبي المكتبة العربية بأكثر من 50 كتاباً.

وعن علاقة النشاشيبي بالزعماء العرب قال «كنت فخوراً بعلاقتي برجالات العرب وعلى رأسهم نوري السعيد «صانع الوزراء» العراقي، ورياض الصلح بطل الاستقلال اللبناني، حيث تعتبر وفاته من أكبر الخسائر للعرب. يذكر أن الصلح كان والد زوجته. أما علاقته بالرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر فيعتبرها النشاشيبي لا مثيل لها». لمدينة القدس مكانة خاصة لدى النشاشيبي، وعلى الرغم من تجواله في مختلف عواصم العالم فإنه يقول عنها «أنا لم أغادر القدس يوماً إلا لأعود إليها وأسكن في أروقتها.. لم أودع يوماً بلدي إلاّ وفي نفسي قرار بأن أعود، وكنت دائما التزم بذلك.. فعندي حب كبير لها». وقال بلهجة شاعرية «نحن لك يا قدس وسنبقى لك، ولن ننسى التصاقنا بك، ولا محباتنا لك لأنك المدينة التي اختارها الله مسرى.. يا قدس نعتذر عن تقصيرنا وعن بعض جحودنا عن تأخرنا.. أنت الغالية وستبقين كذلك». وأكد الأستاذ النشاشيبي، أنه «ليس مهماً أن تأتي الدولة الفلسطينية، المهم أن تعيش وتكون لها سيادة، ولا تكون بحاجة الى معونات، ولو أنها ستكون كذلك فمن الأفضل ألا تأتي».
تويتر