عمير دعنا: رحلة كفاح على أبواب القدس
قبل أن تشرق شمس الصباح على أسوار مدينة القدس القديمة يبدأ المواطن الثمانيني عمير دعنا «أبوسلام» في أشهر بسطة لبيع الصحف والمجلات في باب العمود يومه بتسلم وترتيب الصحف اليومية ومطالعة أخبارها.
صيفاً وشتاءً ومنذ 50 عاماً يفتح أبو سلام بسطته أمام القراء والمتابعين. أخبار سياسية واقتصادية ورياضية وفنية يستطيع «أبو سلام» أن يتحدث عنها، حتى يخيل إليك أنك تتحدث إلى رجل سياسي مثقف، أو إلى رجل تاريخ يعتبر شاهداً على العصر المقدسي الحديث، منذ أيام الانتداب البريطاني مروراً بالحكم الأردني ووصولاً إلى الاحتلال الإسرائيلي. «أبو سلام» الذي اضطر إلى العمل في صباه بسبب اعتقال والده وإخوته في ثورة عام 1936 ضد الإنجليز لم يتمكن من دخول المدرسة، لكنه استطاع أن ينمي نفسه ويتعلم القراءة والكتابة ذاتياً، وتنوعت حياته بين التجول ببيع الصحف والالتحاق بالجيش الأردني ثم الحزب الشيوعي والعمل السياسي وحياة الاعتقال، وصولاً إلى الاستقرار في تلك البسطة.
يذكر «أبو سلام» الفترة العصيبة الماضية قائلاً: «كان عمري ست سنوات حين اعتقل أشقائي الثلاثة ووالدي، ولم يعد هناك معيل للأسرة، فاضطررت أنا وشقيقي للبحث عن عمل، وفي أحد شوارع مدينة القدس «مأمن الله» وجدنا صديق والدي «موزع صحف» فطلبنا منه جرائد للبيع، وبعد أن عرف هويتنا أعطانا خمسة أعداد لكل واحد منا، ويومها تم بيع النسخ وربحت خمسة مليمات وتمكنت من شراء الخبز والبيض للعائلة، ومن هنا كانت بداية العمل بائعاً للصحف.
بداية تعلمه القراءة والكتابة كانت من خلال سؤاله للناس الذين يشترون منه الصحف ويجلسون على المقاهي لقراءاتها، وكان دعنا يستفسر عن الحروف والكلمات حتى أصبح قادراً على قراءة الصحف التي يبيعها وأتقن كتابة وقراءة اللغة العربية وهو في سن 14 عاماً، ثم تعلم اللغة الانجليزية فالعبرية والفرنسية، وأصبح مراسلاً لصحف فنية مصرية، حيث كان يعد تقارير مختلفة عن الحركة الفنية في فلسطين، ومن خلال عملهأ بائعاً للصحف متنقلاً تمكن من مقابلة الفنان فريد الأطرش وأسمهان وحسن فايق، وقام بإجراء مقابلات صحافية معهم وإرسالها إلى الصحف المصرية. وعن بسطته في باب العمود قال« في عام 1950 وبعد تقسيم القدس إلى غربية وشرقية أسست البسطة لبيع الصحف لتكون مركزاً لي، وأصبحت أبيع المجلات والكتب المختلفة العربية والأجنبية. فالكتب التي أبيعها يجب أن تكون ذات مغزى وتعود بالفائدة على القارئ، واستفيد منه شخصياً لتجنيد أنصار في صفوف الحزب الشيوعي»، وأضاف أن «كشك الصحف» هو عنوان مركزي لمراكز التوزيع والبيع في الأراضي الفلسطينية اجمع (الضفة وغزة)، إضافة إلى بعض عواصم الدول العربية كبيروت وعمان.
قرأ الحاج دعنا الكتب السماوية الثلاثة جميعها، وأصبح يفكر في خالق الكون ويقارن بين الديانات فتمسك بالإسلام بشكل شديد وترك الشيوعية، كما قال.
وباعتباره شخصاً ملماً بالإحداث السياسية والتاريخية يقول «أبو سلام» عن الوضع الراهن «لن يتحقق السلام مع الإسرائيليين بسبب غرورهم وكبريائهم»، وأضاف يجب أن نتعامل معهم من مبدأ أن إسرائيل دولة غير معترف بها وهي بحاجة لنا، ولا توجد لها خريطة، وسيبقون معلقين مهما طال الزمان».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news