عذب الكلام

قصيدة «بنفسي تلك الأرض» للصمة بن عبدالله القشيري

أَمِنْ أَجْلِ دارٍ بالرَّقاشَيْنِ أَعْصَفَتْ       عليها رياحُ الصَّيفِ بَدْءًا ومَرْجِعا
أَرَبَّتْ بها الأَرْواحُ حتى تَنَسَّفَتْ         مَعارِفُها إلاّ الصَّفيحَ المُوَضَّعا
وغيرَ ثَلاثٍ في الدِّيارِ كأنّها            ثَلاثُ حَماماتٍ تَقابَلْنَ وُقَّعا
بَكَتْ عَينيَ اليُسْرى فلمّا زَجَرْتُها       عَنِ الجَهلِ بعدَ الحِلْمِ أَسْبَلَتا مَعا
ولمْ أَرَ مِثلَ العامِرِيَّةِ قَبْلَها             ولا بعدَها يومَ ارْتَحَلْنا مُوَدِّعا
 تُريكَ غَداةَ البَيْنِ مُقْلَةَ شادِنٍ          وجيدَ غَزالٍ في القَلائِدِ أَتْلَعا
ولمّا تَناهَبْنا سِقاطَ حَديثِها             غِشاشاً ولانَ الطَّرْفُ منها فأَطْمَعا
فَرَشَّتْ بِقَولٍ كادَ يَشْفي مِنَ الجَوى    تَلُملا بهِ أَكْبادَنا أنْ تَصَدَّعا
كما رَشَفَ الصَّادي وَقائِعَ مُزْنَةٍ       رِشاشٍ تَوَلّى صَوْبُها حينَ أَقْلَعا
أَتَجْزَعُ والحَيَّـــانِ لم يَتَفَرَّقا               فكيفَ إذا داعي التَّفَرلاقِ أَسْمَعا
فَرُحْتُ ولو أَسْمَعْتُ ما بي مِنَ الجَوى  رَذِيَّ قِطارٍ حَنَّ شَوْقاً ورَجَّعا
ألا يا غُرابَيْ بيتِها لا تَرَفَّعا            وطِيرا جَميعاً بالهَوى وقَعا مَعا
أَتَبْكي على رَيّا ونَفسُكَ باعَدَتْ         مَزارَكَ مِن رَيَّا وشَعْباكُما مَعا
فما حَسَنٌ أنْ تَأْتِيَ الأمرَ طائِعاً         وتَجْزَعَ أنْ داعي الصَّبابَةِ أَسْمَعا
كأنَّكَ لم تَشْهَدْ وداعَ مُفارِقٍ             ولم تَرَ شَعْبَيْ صاحِبَيْنِ تَقَطَّعا
ألا يا خَليلَيَّ اللّذَيْنِ تَواصَيا              بِلَوْميَ إلاّ أَن أُطيعَ وأضْرَعا
فإنّي وَجَدْتُ اللَّوْمَ لا يُذْهِبُ الهوى      ولكنْ وجَدْتُ اليأسَ أَجْدى وأنْفَعا
قِفا إنَّهُ لا بُدَّ من رَجْعِ نَظْرَةٍ            مُصَعَّدَةٍ شَتّى بها القومُ أوْ مَعا
قِفا وَدِّعا نَجْداً ومَنْ حَلَّ بالحِمى        وقَلَّ لِنَجْدٍ عندنا أنْ يُوَدَّعا
بنَفْسي تِلْكَ الأرضُ ما أَطْيَبَ الربى      وما أَحْسنَ المُصْطافَ والمُتَرَبَّعا
وأَذْكُرُ أيّامَ الحِمى ثمَّ أَنْثَني              على كَبِدي مِن خَشْيَةٍ أنْ تَصَدَّعا
فَلَيْسَتْ عَشِيَّاتُ الحِمى بِرَواجِعٍ           عليكَ ولكنْ خَلِّ عَيْنَيْكَ تَدْمَعا
كأَنّا خُلِقنا للنوى وكأنما                  حَرامٌ على الأيام أن نتجمعا

تويتر