عذب الكلام

نزار قباني من قصيدة ((أنا يا صديقة.. متعبٌ بعروبتي))

 يا تونسُ الخضراءُ جئتك عاشقاً

إني الدمشقي الذي احترفَ الهوى

أحرقتُ من خلفي جميعَ مراكبي

يا ساكناتِ البحرِ في قَرطاجةٍ

تبكي الكؤوسُ فبعدَ ثغر حبيبتي

أأنا مُغنّي القصرِ يا قرطاجةً؟

ماذا أقول فمن يفتشُ عن فمي

فمآدبٌ عربيةٌ وقصائدٌ

لا الكأسُ تنسينا مساحةَ حُزننا

من أين يأتي الشعرُ حين نهارُنا

سرقوا أصابعَنا وعطرَ حروفنا

والحكمُ شرطي يسير وراءنا

الشعرُ رُغم سياطهم وسجونهم

من أين أدخل في القصيدةِ يا ترى

لم يبق في دار البلابل بلبلٌ

من أين أدخلُ في القصيدة يل ترى

إن القصيدة ليس ما كتبت يدي

يا تونسُ الخضراءُ هذا عالمٌ

هل لي بعُرض البحر نصفُ جزيرة

أنا متعبٌ ودفاتري تعبت معي

لا تغضبي مني إذا غلبَ الهوى
 وعلى جبيني وردةٌ وكتابُ

فاخضوضرتْ لغنائِهِ الأعشابُ

إن الهوى أنْ لا يكون إيابُ

جفَّ الشذا وتفرقَ الأصحابُ

حَلفتْ بأن لا تسكرَ الأعنابُ

كيف الحضورُ وما عليّ ثيابُ

والمفرداتُ حجارةٌ وترابُ همزية .. ووسائدٌ وحُبابُ

يوماً ولا كللا الشراب شرابُ

قمعٌ وحين مساؤنا إرهابُ

فبأيّ شيء يكتب الكتابُ ؟

سراً فنكهةُ خبزنا استجوابُ

ملكٌ وهمْ في بابه حُجّابُ

وحدائقُ الشعر الجميل خرابُ

لا البحتري هنا ولا زريابُ

والشمسُ فوق رؤوسنا سردابُ

لكنها ما تكتب الأهداب

يثرى به الأمّي والنصابُ

أم أن حبّي التونسيَّ سرابُ

هل للدفاتر يا ترى أعصاب

إن الهوى في طبعِه غلابُ

تويتر