ناتاشا أشقر: حوّلت جسدي فضاء للجمال في زمن الحرب
ناتاشا أشقر: أعطيت شبابي للرقص ونضجي للمسرح. الإمارات اليوم
قالت الممثلة اللبنانية، ناتاشا أشقر، بطلة فيلم «خلص» للمخرج برهان علوية، إنها لا تستطيع العيش من دون فن، فقد كانت راقصة محترفة في فرقة «كركلا» اللبنانية، ثم انتقلت الى الكتابة، اضافة الى التمثيل على خشبة المسرح، ومنه الى السينما. وأوضحت «من دون قصائد وفن لا استطيع تحمّل قسوة الحياة»، ورأت أن «الحياة جدباء في غياب أفق للخيال، يمثل حياة موازية تخفف حدة الواقع».
وأضافت ناتاشا لـ«الإمارات اليوم» عن حياتها الفنية «خياري تجسّد في الجمع بين الجسد والفكر معاً، اذ حوّلت جسدي فضاء لتوليد الجمال، خصوصا ايام الحرب الأهلية في لبنان»، مبيّنة أن الجسد كان يواجه التدمير والتشويه والإذلال، «لكنني اردت إعادة الاعتبار لمفهوم الجسد من خلال الرقص الاحترافي، باعتباره لغة تعبير عالية المستوى».
وأوضحت الفنانة ناتاشا، التي حصلت على درجة الماجستير في الفلسفة من الجامعة اليسوعية، «أثناء سفري مع فرقة كركلا في جولاتها الفنية، كنت احمل معي كتب الفلسفة وأواصـــل دراستي التي أفادتني كثيراً في تعميق فهمي للفنون».
وواصلت حديثها عن حياتها «بعد اتمام دراستي الفلسـفة، تعـــلمت فن كتابة السيناريو. لكنني لم أرغب في إفناء حياتي الأنثوية، فتجربة الأمومة مهمة، لذلك، وعلى الرغم من انني كنت في قمة تألقي في فن الرقص، الا انني قررت ترك الفرقة، ومنحت وقتي لابنتي».
تجارب
لكن التمثيل ظل ينبض في عروق ناتاشا؛ اذ إنها بعد عودتها لدراسة كتابة السيناريو، «كان لدي شوق للمسرح، فعملت في تجارب عدة لعدد من المخرجين، من بينهم روجيه عساف، وفادي ابو خليل، وميشيل جبر، في اطار المسرح التجريبي. كما عملت مع المخرج الفرنسي الان بليسون في اعمال الرقص، لكنني عدت الى الرقص الحديث مع المخرج عمر راجح».
وقالت «أعطيت شبابي للرقص، ونضجي للمسرح»، إذ إنها بعدما توقفت عن الرقص ذهبت الى الكتابة، وبدأت تقطف ثمار دراستها الفلسفة «أمدتني الدراسة بطاقة كبيرة لخلق أفكار جديدة، بمفهوم سياسي فلسفي». وعن فيلم «خلص» الذي نال جائزتي أفضل سيناريو وأفضل مونتاج في مهرجان دبي السينمائي عام 2007، قالت ناتاشا «رفضت المشاركة في اعمال تلفزيونية؛ كوني ممثلة مسرح في الأساس، الى ان عرض عليّ المخرج برهان علوية المشاركة في فيلمه (خلص) الذي يمثل اول تجربة لي في الأفلام الروائية الطويلة»، في حين اشارت الى انها جسّدت دور البطولة في فيلم «عايشة» للمخرجة بارين جدو في عام .1999 وأضافت «كنت تلميذة المخرج علوية، الذي اتصل بي في عام 2004 وعرض عليّ بطولة فيلم (خلص) الذي يتناول تفاصيل من بيروت»، مشيرة الى ان المخرج اختارها على وجه التحديد «لأنه كان يبحث عن امرأة لا تكذب في شعورها».
وواصلت ناتاشا حديثها حول دورها في الفيلم الذي كتب السيناريو له المخرج نفسه، وجسّدت فيه شخصية «عبير» المبادرة وصاحبة المواقف الصعبة «عندما قرأت السيناريو، أحسست انه يتضمن مناخا شعريا، وهو الخط الذي يتبعه المخرج علوية»، واصفة سيناريو فيلم «خلص» بأنه «نص عنيف وشعري معا»، مشيرة الى ان المخرج اراد ان يؤكد قوة المرأة وفاعليتها في الحياة، اذ ان «عبير» في الفيلم هي «صاحبة قرار»، وعندما تظهر يحدث تطور جديد في قصة الفيلم.
مرثية جيل
يتناول فيلم «خلص» الذي يعتبره مخرجه «مرثية لجيل كامل» تشوّهات ما بعد الحرب الأهلية في لبنان، وانهيار احلام ولهاث وراء سراب، عبر قصة عبير، المرأة الفلسطينية بنت الثورة، الذي يمثل انفصالها عن حبيبها «طلاقا مع الماضي والحبيب معا». فبعدما كانت مناضلة ومعلمة في مدرسة، تذهب الى رجل غني يمثل دوره الفنان ريموند حسني، في محاولة للبحث عن خلاصها، اذ كان حبيبها الصحافي «احمد» الذي ادى شخصيته الممثل فادي ابو خليل، محبطاً وليس لديه أفق. هذه القطيعة «تزلزل» أحمد، فيقرر مع صديقه روبي «تصفية حساباتهما مع الماضي».
وأوضحت ناتاشا ان المخرج اللبناني برهان علوية «عبّر من خلال فيلمه عن شخصية مدينة بيروت، وهي ليست سهلة، انها شخصية مركبة، اذ كانت بيروت قبل الحرب بمثابة باريس المنطقة، وفي الوقت ذاته لا تعرف الحلول الوسطى»، مشيرة الى ان جيل الستينات المتمثل في الفيلم بشخصيات أحمد وعبير وروبي سرقت الحرب الأهلية شبابهم، وكانوا يعتبرون الحرب طريقا لأحلامهم وقيامة بيروت، لكن الواقع الذي همّشهم دفعهم الى «حرب خلفية» لتصفية حسابات قديمة.
قالت الفنانة ناتاشا أشقر إن « المخرج برهان علوية كان يقول دائماً إن هناك أفلاماً تمحى مع الزمن، لكن افلامنا ستبقى للزمن»، مؤكدة أن «الفيلم الذكي، هو القادر على إثارة حوار». وكان فيلم «خلص» واجه مشكلات عدة قبل انجازه، خصوصاً بعد انسحاب أحد مموليه، فتأجل تصوير الفيلم عامين، وانجز عام 2007.
ناتاشا التي أدت دورا متميزا في «خلص»، اعتمدت فيه على طاقة تعبيرية قوية، جسّدت من خلالها التحولات الداخلية والخارجية في شخصية «عبير»، قالت ان «اللبنانيين يرفضون مواجهة حقيقتهم، لكن السينما تضع الاصبع على الجرح، على الرغم من الألم»، مبينة ان علوية استشرف المستقبل عبر فيلمه، اذ قال في عام 2004 «إننا لم نخرج من الحرب في لبنان»، وأنجز «صورة حقيقية لبيروت».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news