سوالف رمضان

القهوة رمز الكرم ورفيقة المجالس والسهر

صورة

إلى زمن الطيبين، تحملنا سوالف الآباء والأجداد لنستعيد من خلالها ذكريات وملامح الحياة في الإمارات في فترة ما قبل النفط، مثل العادات والتقاليد التي كانت سائدة في المجتمع، والتعاملات اليومية بين الناس، وكيف كانوا يحتفون بالشهر الكريم في أجواء روحانية يسودها الودّ والتراحم والتعاون.


تحتل القهوة مكانة خاصة في حياة العرب، فهي مشروبهم المفضل ورمز الكرم وحسن الضيافة، وهي رفيقتهم في مجالسهم وأثناء السهر في الليالي الطويلة. وتزيد هذه المكانة في شهر رمضان الذي يشتهر بجلسات السمر، وتجمعات الأهل والأصدقاء والجيران في كل مكان.

استعدادات الشهر الكريم

تمثل القهوة جزءاً رئيساً من الاستعدادات للشهر الكريم، فيتم تجهيزها مع المير الرمضاني، حسب ما ذكرت الوالدة شريفة مراد عبدالله لـ«الإمارات اليوم»، مشيرة أن تجهيز القهوة كان من أهم الاستعدادات لشهر رمضان وطوال العام، فهي عنصر أساسي في حياة العرب ورمز للكرم والضيافة، وبالتالي لا يمكن الاستغناء عنها، موضحة أن هذه الاستعدادات كانت تجري في كل البيوت، وكانت السيدات يتبادلن أخبار استعداداتهن للشهر الكريم في فرحة وسعادة.

ويرتبط إعداد القهوة وتجهيزها وتقديمها للموجودين في المكان، بعادات وتقاليد تعد جزءاً مهماً من تراث دولة الإمارات، ويحرص السكان على نقله إلى الأجيال الجديدة.

أصغر الحاضرين

وفي الغالب يجلس الضيوف بشكل دائري، أو ربما يشكلون نصف دائرة، بحسب ما توضح «موسوعة زايد: الإمارات والتراث»، ويقوم أصغر الحاضرين بمهمة تقديم القهوة للضيوف، ويسمى «المقهوي»، ومعه «المغسل»، ويطوف على الضيوف مبتدئاً باليمين.

أما إذا كان في الموجودين رجل مسن أو رجل ذو مقام كبير، فالسقاية تبدأ به، وتمسك «الدلة» باليد اليسرى، أما اليد اليمنى فتحتضن الفناجين، وتقدّمها مملوءة بالقدر المعتاد من القهوة للضيوف، ويجب ألا تزيد على ثلث الفنجان، فإذا أعاد الضيف الفنجان بعد شربه دون أن يهزّه أو كلمة شكر تدل على الكفاية، عاد «المقهوي» مرة أخرى إلى صب القهوة له، وإذا اكتفى الضيف هزّ الفنجان أو تلفظ بكلمة «غنمت» التي تعني الشكر والاكتفاء.

ومن آداب الشرب أن يتناول الضيف فنجانه باليد اليمنى. كما تذكر الموسوعة أن صناعة القهوة وإعدادها للشرب يتطلبان مهارة فائقة من الصانع، بداية من انتقاء الحبوب، والبُن المحبب هنا هو البُن اليمني لتميزه برائحة نفاذة وطعم لذيذ، وهناك أنواع من البُن منها: السيلان والحمراء والخضراء والصفراء.

ويتم إعداد القهوة بعد تحميص البُن بوضع «دلة» على النار في موقد يعد خصيصاً لهذه العملية، وعندما يغلي الماء توضع اللقمة، أي الكمية المناسبة من البُن بداخلها، وتعاد «الدلة» إلى النار مرة ثانية وثالثة وهي تغلي، حتى تنضج ثم يتم إنزالها من على النار وتترك فترة حتى ترسب اللقمة إلى أسفل، وبعد ذلك تصب القهوة في دلال صغيرة لتصبح جاهزة للشرب.

وينبغي ألا تسكب القهوة من «الدلة» عندما تفور فوق النار، حيث يعد ذلك أمراً مكروهاً.

تويتر