معرض مفاهيمي يروي حكايات التواصل

بينالي دبي للخط يواصل الإبداع بـ «سرد دون قول»

صورة

تتواصل إبداعات بينالي دبي للخط في دورته الأولى، لتطلّ أول من أمس، مع «سرد من دون قول وخط»، المعرض المفاهيمي الذي افتتح في «فاوندري آرت»، بمشاركة 21 فناناً وفنانة يقدمون 35 عملاً إبداعياً.

ويتضمن المعرض الذي يستمر حتى 31 أكتوبر الجاري، أربعة أقسام، يسرد كل واحد منها عبر الأعمال الفنية تفاصيل رحلة التواصل البشري التي تبدأ من التواصل مع الذات، مروراً بالسياقات العائلية والاجتماعية، لتنتهي بالتواصل الروحاني. وتعكس كل محطة في المعرض - الذي يأتي ضمن فعاليات بينالي دبي للخط، الذي تنظمه هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة) - أشكال وطرق التواصل المختلفة بين البشر في ظل غياب الكلمة المكتوبة، إذ يشكل دعوة الى اكتشاف الذات في مراحل الاتصال المختلفة.

أعمال متنوّعة

وقدم المعرض أعمالاً فنية متنوّعة تروي حكايات التواصل، تبدأ من التواصل مع الذات، من بينها عمل الفنان محمد أحمد إبراهيم، الذي يمزج فيه الطين مع الأوراق والتبغ وغيرها من المواد، ليشكل سلسلة من الأعمال تحمل أشكالاً مشابهة للنوافذ. فيما قدمت الفنانة ميس البيك عملها «نطق المعجم» مستخدمة فيه شاشة تلفاز وفيديو، لتعبّر عن التواصل من خلال التقنيات الحديثة. ومن التواصل مع الذات إلى التواصل الأسري ثم الاجتماعي والروحاني في أعمال عدة، إذ تبرز تقوى النقبي في عملها «خطوات على رمال البحر»، لتقدم بجانبه آلة كتابة تحمل اسم «كتابة الخطوات». فيما شكلت شمسة العميرة من خلال الطلاء «نمط البكاء».

أما الفنان عمار العطار فشارك بعمل بعنوان «صلاة»، وهو سلسلة من الصور التي تبرز التواصل الروحاني. وقال العطار لـ«الإمارات اليوم»: «يعود هذا العمل لعام 2015، وقبل أن أقدمه بعامين، نفذت آخر يحمل عنوان (مصليات)، ويتناول المساحات المخصصة للصلاة في الأماكن العامة كمراكز التسوّق وغيرها، وكنت أصور الأماكن نفسها دون المصلين، إلى أن فكرت في تصوير المصلين والبحث أكثر في الموضوع».

ورأى أن التجربة تمثل التواصل الروحي، وعمل عليها لسنوات، معتبراً أن حضور الفن التشكيلي المفاهيمي، ضمن بينالي دبي للخط يحتفي بهذا اللون، يتيح الفرصة للتنوّع في الأعمال بدءاً من اللوحات، سواء الكلاسيكية أو الحديثة، وصولاً إلى أشكال الفن البصري المتعددة، فضلاً عن عرض الأعمال في المواقع المختلفة للمعارض التي يتضمنها هذا الحدث، ما يمنح فرصة للجمهور للتعرف إلى كل أنواع الفنون.

«فناجين ودلة»

وتحت عنوان «انتظار الفناجين»، شاركت الفنانة إيمان الهاشمي بعمل تركيبي، إذ صاغته من السيراميك ونفذت مجموعة كبيرة من الفناجين والدلة، مشيرة إلى أنها عملت على مفهوم شرب القهوة، الذي بات يحمل نمط الحياة السريعة ويعتمد على الطلب السريع، ما أفقد فنجان القهوة المعنى الذي كان يمتلكه المتمثل في إيجاد الروابط بين البشر والجلسات والتواصل.

وأضافت أنها «سعت إلى التركيز على مفهوم السرعة في حياتنا، وتركت في الفناجين بعض القهوة للدلالة على الوقت، فيما كان العدد المستخدم يمثل الروزنامة الهجرية لسنة كاملة». واستعانت الهاشمي بالسيراميك في عملها، وأحاطت الجلسة بفناجين على شكل صناديق، لتبرز نمط الحياة كاملاً، وإلى جانب فناجين القهوة، قدمت حبات التمر على رفوف مستعيدة قصة شخصية حدثت معها في أميركا، إذ كانت وحدها وطلبت منها صديقة أن تشاركها الإفطار بحبة تمر، فكانت هذه الحبة ثمرة تواصل، مشددة على أن الهوية لابد أن تظهر في أعمال المبدع.

أصوات الذكريات

من جهتها، قالت الفنانة روضة الكتبي، التي قدمت عملاً تركيبياً بعنوان «همس»، وهو مصاغ من أشكال «الكاسيت» القديم: «قدمت من خلال العمل أصوات الذكريات التي وجدتها في شرائط (الكاسيت)، التي جمعتها من أماكن مختلفة من أبوظبي والعين، وبعدها سجلت الأصوات ودمجتها، وهي عبارة عن أغنيات وأشعار، وكذلك بشر يتحدثون، ولذا يعبّر العمل عن الأصوات التي تشكل الذكرى التي تختزن المكان». وأشارت إلى أنها عملت على مجسّمات من الألومنيوم تعبّر عن «الكاسيت»، مع الإضاءة والصوت، فيما يمثل العمل الجانب العاطفي، موضحة أنها «سعت إلى تقديم رحلة عبر الوقت، لتتيح للجمهور استرجاع الماضي من خلال الواقع».

واعتبرت أنها تعمل بتلقائية في الفن، وركزت كثيراً على مفهوم الاستدامة، فكانت تجمع المواد وتضعها في العمل، ولكن بسبب ندرة هذه الأشياء التي يمكن جمعها، باتت تتعمد صياغة هذه المواد لتبدو قديمة ومهملة.

• 21 فناناً وفنانة يقدمون 35 عملاً في معرض «سرد من دون قول وخط».


 

عمار العطار:

• «حضور الفن التشكيلي المفاهيمي، ضمن البينالي، يتيح الفرصة للجمهور لمشاهدة فنون متنوّعة».

إيمان الهاشمي:

• «عملي (انتظار الفناجين) يركز على معنى فقده فنجان القهوة، بسبب إيقاع هذا العصر».

روضة الكتبي:

 «أشارك من خلال عملي أصوات ذكريات في شرائط (الكاسيت)، والتي جمعتها من أماكن مختلفة».


حوار قائم

حول اختيار الأعمال، قال الشيخ مكتوم بن مروان آل مكتوم، القيّم على معرض «سرد من دون قول وخط»، لـ«الإمارات اليوم»: «إن الهدف من المعرض هو أن ينضم الفنان التشكيلي إلى الحوار القائم حول فن الخط (في بينالي دبي للخط)، سواء الخط العربي أو اللغات الأخرى، فالفن المفاهيمي هو لغة غير مكتوبة، وتؤمن نوعاً من التواصل لا يتم التحدث عنها، فهناك مجموعة من الطرق للتواصل لا يتحدث عنها بشكل مباشر». وأضاف: «اختيار الفنانين لهذا المعرض أتى من خلال فتح الطلب للانضمام إليه، كما اختيرت مجموعة لروّاد الفن، فتم وضع الأعمال التي تخدم فكرة المعرض، مع تأمين عرض العمل بما يعزز وجوده في المكان. وحول التوجه الذي يحكم الفنان الإماراتي»، أشار إلى أنه من خلال العادات والتقاليد تحمل الفنون الإماراتية رموزاً كثيرة، ما يجعلها تندرج في الفن المفاهيمي، ووجود روّاد في هذا المجال سهل على الجيل الجديد العمل في هذا الفن.

«كلمات»

ضمن فعاليات بينالي دبي للخط، يستضيف غاليري «كلمات» 13 عملاً تحمل بصمات 12 مبدعاً من حول العالم خلال المعرض الذي يحمل عنوان «ما وراء القلم». ويُبرز عمل «مشروع هياماتني» شغف الفنان عقيل أحمد بالخط العربي، فيما تعكس منحوتة «الخيل والليل» مهارات بسام كيرلس في إنتاج الأعمال التذكارية والتصويرية. ويشارك سعيد خوية بعملين «سلسلة القصص غير المكتملة 3» و«سلسلة القصص غير المكتملة 7». ويكشف عمل «لا نهائي 2» عن إبداعات الإماراتي محمود العباد في الفنون البصرية والتشكيلية. في حين، يطلّ تشالد ريس أرام في المعرض بـ«مقامات في العشق»، التي يترجم من خلالها طريقته في التعمق بجماليات النص وإيقاعه الموسيقي.

وتحت عنوان «الكلمات والأنماط رقم 1» يشارك الدكتور ناصر بالانجي في المعرض. وتحضر ساندرا بطرس بعملها «شغف»، ويشارك سامح إسماعيل بعمل بعنوان «سديم». ويعبر عمل بعنوان «رحلة» عن تجربة زكريا الرماني في مجال الفنون البصرية، ويقدم مدير إدارة الفنون التشكيلية في «دبي للثقافة»، الفنان خليل عبدالواحد، في المعرض عمله «أدوات الفنانين». وتظهر لوحة «الوطن» ما تتميز به أعمال الدكتور محمد غنوم من رؤى إبداعية. ويعرض جلال لقمان منحوتته «العملاق غير المرئي»، الذي يعبّر من خلالها عن حال الذين يوظفون قدراتهم المميزة لخدمة المجتمع بشكل أفضل، دون الاهتمام بإظهار شخصياتهم، وهو ما يجعلهم غير مرئيين أمام الآخرين.

تويتر