خلال المؤتمر الدولي للنشر والصناعات الإبداعية

صنّاع محتوى ومختصون: لنُعِد للخيال العربي قيمته

صورة

أكد صنّاع محتوى وناشرون أن العالم سيشهد تطورات متلاحقة خلال السنوات القليلة المقبلة، في ظل التطور الكبير والمتسارع في قدرات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، مشيرين إلى ضرورة العمل على تعزيز المحتوى العربي الرقمي والمرئي بكل أشكاله، حتى يتمكن العرب من مواكبة هذا التطور، وأن يتحلى صنّاع هذا المحتوى بالمسؤولية في ما يقدمون من أفكار وقضايا وطرح، حتى لا ينقلب الأمر ضدنا.

جاء ذلك خلال جلسات المؤتمر الدولي للنشر العربي والصناعات الإبداعية في نسخته الثانية التي انطلقت أمس وتختتم اليوم، في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، بتنظيم من مركز أبوظبي للغة العربية في دائرة الثقافة والسياحة، ضمن فعاليات الدورة الـ32 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، بمشاركة نخبة من الناشرين والمترجمين وصنّاع المحتوى، ورواد الأعمال من مختلف دول العالم.

وقال رئيس مركز أبوظبي للغة العربية الدكتور علي بن تميم، إن «المؤتمر منذ دورته الأولى لبّى حاجة كانت ملحّة على الساحة العربية، فهو يمثل منصة تليق بجهود استئناف الحضارة التي تقوم بها دولة الإمارات، وتواكب دعم أبوظبي غير المحدود للإبداع واحترامها للمبدعين في كل المجالات، وتدعم سعي المركز ودائرة الثقافة والسياحة إلى تعزيز حضور اللغة العربية بين لغات العالم».

وأوضح أن المؤتمر في دورته الحالية التي تحمل عنوان «تطويع السرد القصصي»، يسعى لأن يعيد القيمة للخيال، ويناقش كل ما يتعلق به من موضوعات، واستدعاء ذخائر التراث العربي والأدب العجائبي والغرائبي، والعوالم السحرية، ويضيء على تجارب الأدب العربي حديثه وقديمه، وكيفية توظيفه في إثراء المحتوى العربي، وتعريف الأجيال الجديدة بتراث أجدادهم لرسم وتشكيل مستقبلهم.

تجارب

من جهته، استعرض مؤلف القصص المصورة براين مايكل بنديس، صاحب الشهرة العالمية الواسعة، تجربته في مجال ابتكار قصص وشخصيات الأبطال الخارقين في القصص المصورة، موضحاً أن هذه القصص و«لغة الكوميكس» تعد إحدى أقدم اللغات البشرية في العالم، إذ تتشابه مع رسومات الكهوف البدائية، وهي كذلك أكثر اللغات تطوراً ومواكبة للتطور التقني في مختلف العصور.

من جانبه حذر خبير الذكاء الاصطناعي والرئيس التنفيذي السابق للأعمال في شركة «غوغل إكس»، محمد جودت، من خطورة التراخي في تحديث وإثراء المحتوى العربي عبر الإنترنت، متوقعاً - في حال استمرار تطور الذكاء الاصطناعي بالوتيرة نفسها - أن تشهد السنوات المقبلة، ظهور كائن جديد في العالم يفوق ذكاء آينشتاين بـ10 أضعاف، وفي هذه الحال سيكون بمثابة «سوبر هيرو» من نوع جديد.

ودعا جودت إلى التحلي بالمسؤولية في صناعة المحتوى، لأنه يمثل مصدر المعرفة لدى الذكاء الاصطناعي، وبالتالي سيكون الدور الأكبر في تحديد هل سيكون بطلاً خارقاً بالمعنى الإيجابي للكون والعالم، أو شراً هائلاً للبشرية.

وأشار في المناظرة التي جمعته مع الدكتور رافد فطاني من شركة «أمازون»، المدير العام الإقليمي لـ«أليكسا» في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى أن نسب ذكاء النسخة الرابعة من خدمة الذكاء الاصطناعي (تشات جي بي تي) بلغت 155، بينما تبلغ نسبة ذكاء العالم آينشتاين 160. ومن المتوقع أن تزيد نسبة ذكاء النسخة الجديدة 10 أضعاف على الحالية، وهو ما يتطلب وعياً كبيراً بالفرص الواسعة التي تتيحها هذه الخدمة، وبالمخاطر التي يمكن أن تسبّبها. وتوقع أنه في حال حدث ذلك يكون أذكى متحدث باللغة العربية هو ذكاء اصطناعي.

حكايات

بينما اعتبر المشاركون في جلسة «حكايات الخيال العربية: أين اختفى كل ذاك السحر؟» التي ناقشت أعمال الفنتازيا العربية المعاصرة، وما تواجهه من تحديات لترسـيخ هويتها الأدبية بين أوساط الجماهير العربية والدولية، أن أعمال الخيال مازالت موجودة، لكنها تواجه تحديات مختلفة أبرزها الإنتاجية والمادية، نظراً لأن إنتاج هذه الأعمال يتطلب ميزانيات ضخمة للخروج بمستوى تنافسي عالمياً.

وأكدت المخرجة الإماراتية نائلة الخاجة، أن «هناك وفرة في روايات الخيال والفنتازيا في العالم العربي، خاصة في مصر، ولكن تحوّلها إلى أعمال فنية يواجه تحديات الإنتاج»، مشيرة إلى فيلمها الجديد الذي تعمل عليه «باب»، وهو من نوعية الفنتازيا والرعب ويحمل بصمة إماراتية واضحة.

وأوضحت أنها استلهمت فكرته من إصابتها بـ«طنين الأذن» الذي سبّب لها آلاماً رهيبة خلال حملها بطفليها التوأم، واستحضرت فيه حكايات خيالية من الموروث المحلي.

من جانبه، فرّق الكاتب المصري أحمد مراد بين نوعين من الخيال: الفنتازيا والخيال العلمي، مشيراً إلى عزوف قطاع كبير من الكتاب العرب عن كتابة الخيال والفنتازيا بسبب النظرة إليه باعتباره أقرب للأطفال، ولميلهم إلى محاكاة الواقع العربي بقضاياه، متوقعاً أن تشهد الفترة المقبلة عودة قوية له نتيجة لارتباط الشباب بالكوميكس والإنيميشن.

من ناحيته، قال المدير الإبداعي لشركة «ساند ستورم» الإماراتية محمد الشيباني، إن «الكتابة الجيدة يجب أن تسبقها قراءات متعددة في مختلف المجالات»، معتبراً أن نجاح القصص المصورة يرتبط بمدى قوة القصة، وعمق الأثر الذي تتركه في نفس المتفرّج.


علي بن تميم: «المؤتمر يمثّل منصة تليق بجهود استئناف الحضارة التي تقوم بها دولة الإمارات».

نائلة الخاجة: «هناك وفرة في روايات الخيال العربية، ولكن تحوّلها إلى أعمال فنية يواجه تحديات الإنتاج».


نقاشات

ناقش المؤتمر الدولي للنشر العربي والصناعات الإبداعية في جلساته، قضايا مرتبطة بالخيال وصناعة المحتوى، مثل العلاقة بين الرواية والأفلام، والتعليم الترفيهي وكيفية استخدام الترفيه لدعم جودة التعليم، والكتب الصوتية والبودكاست، في ظل توجه العديـد مـن منصـات بـث الموسـيقى في الآونة الأخيرة، نحو توسـعة نطـاق عملها بإضافة الكتب الصوتية والبودكاست إلى المحتوى الموسيقي المقدّم لمستخدميها. كما ألقت الضوء على أهمية دور الترجمة ومواءمة المحتوى للثقافة المحلية، لإتاحـة المحتوى العربي للجماهيـر العالميـة، وتقديـم المحتـوى العالمي للجمهـور العربي.

تويتر