أضاء على أعمال 118 مبدعاً من الإمارات ودول الخليج

مهرجان «سكة» في المحطة الختـامية.. بلمسة صديقة للبيئة

صورة

إلى المحطة الأخيرة وصلت أمس النسخة 11 من مهرجان سكة للفنون والتصميم التي حملت شعار «إبداع يتجدد على نفس السكة»، وأوجدت حواراً بين الأعمال الفنية التركيبية واللونية والديجيتال آرت وغيرها. وأطلت أعمال المهرجان المعاصرة من حي الفهيدي التاريخي الذي فتح أبواب 13 بيتاً للفن والمعارض لأعمال أكثر من 118 فناناً من الإمارات ومن دول مجلس التعاون الخليجي، لتسليط الضوء على أصوات شبابية تستخدم وسائط فنية غير مألوفة، فضلاً عن تركيز بعض الفنانين على المواد المعاد تدويرها والفن المستدام.

وحمل الكثير من المشاريع الفنية الجانب المفاهيمي، وركزت الأعمال على تقديم رؤى الشباب بأدوات معاصرة، ولهذا توجه البعض إلى الأعمال التركيبية والتفاعلية والديجيتال آرت، فيما ركز آخرون على المواد المستدامة.

وقدمت الزينة لوتاه عملاً بعنوان «الحركة في المساحة»، وهو مجسم تجريدي يعبر عن جسم الإنسان ومراحله في الحياة، بدءاً من مرحلة الطفولة وصولاً إلى المراهقة ثم الشباب والنضج. وقالت لوتاه عن عملها لـ«الإمارات اليوم»: «حمل العمل في تكوينه شكل التساؤلات التي تبدأ من مرحلة الطفولة ثم تدخل في مرحلة المراهقة، وكيف يصبح المراهق أكثر بحثاً عن نفسه، بينما تتميز مرحلة العشرينات وما بعدها بالهدوء والنضوج، وقد عبرت عن مرحلة الطفولة المعقدة بتداخل تراكيب العمل، خصوصاً أن تلك المرحلة هي الأكثر تعقيداً».

وأوضحت أن اختيارها العمل على الطفولة يعود إلى كونها تسعى إلى الخوض بدراسة الإنسان، إذ استخدمت الخشب المعاد تدويره، معتبرة أن العمل على المواد المستدامة والصديقة للبيئة مهم، وتوجهها إلى المواد المعادة التدوير أتى تبعاً لمتطلبات العمل.

«الحالمون»

من جهته، قال الفنان والمسرحي يوسف القصاب عن عمل «الحالمون المحبطون» الذي قدمه بمشاركة ثلاثة من أصدقائه هم: عبدالله الموسوي وناصر النعيمي وسلطان صالح، إنه يجمع بين الصور الملتقطة لأشخاص مغلفين بالبلاستيك وعروض تفاعلية. وأشار إلى أنهم عملوا على المشروع على الرغم من اختلاف مجالات تخصصاتهم، إذ شعروا بأن ما يجمعهم هي الكلمات المحبطة التي يسمعونها من المحيط، لذا استخدموا الكثير من العبارات التي ترفض هذا الإحباط وتقاومه.

أما الصور التي التقطت في المشروع فتعكس ملامح من الواقع، وقد قرروا عرضها على مكعبات بدلاً من تقديم المعرض على الجدران لكسر الطريقة المألوفة في العرض، منوهاً بأنه اعتمد على تقنيات الإخراج المسرحي في العمل، لذا استخدم الغلاف البلاستيكي على الأشخاص كدلالة على القوقعة التي يحبسون أنفسهم فيها.

من جهته، أكد سلطان صالح أنهم سعوا إلى تقديم المعرض بطريقة غير مألوفة عبر عمل يحمل رسالة تحفّز الشباب على تحدي الصعوبات وتحويل كل ما هو سلبي إلى إيجابي.

أفكار جديدة

أما الفنان جاسم العوضي، فقدم أعمالاً تركيبية مصنوعة من الحديد، بهدف المساهمة في إثراء المشهد الفني في الإمارات، وكذلك تقديم أفكار تحمل مفهوم الاستدامة وإعادة التدوير، بهدف تقديم المواد المهملة والمتروكة بشكل فني، لأن هناك فرصاً كثيرة في استخدام المواد المحيطة.

وأشار إلى أن المادة الصلبة التي يستخدمها تتطلب بعض التطويع، وهناك جزء من العمل الفني ينطوي على التحدي، وهذا ما يبرزه في المواد المستخدمة، موضحاً أن رسالته الأولى من المعرض أن دورة الحياة الخاصة بالأشياء لا تنتهي مع استخدامها، فمن الممكن أن تكون هناك دورة حياة جديدة للمواد في مكان آخر.

وشدد على أهمية استخدام المواد المستدامة في الفن، وضرورة وجود قناعة عند المبدع بتقديم هذا النوع من المواد المعاد تدويرها، وإنتاج عمل فني يمكن وضعه في الأماكن العامة. وكشف أنه سيقدم مجسمين بمناسبة عام الاستدامة في الإمارات وسيوضعان في الأماكن العامة في إمارة دبي.

وحملت النسخة 11 من مهرجان «سكة» ست جداريات قدمت مشاهد مرتبطة بالبيئة الإماراتية. وعملت طالبات من جامعة زايد على رسم جدارية أمام الجمهور، وقالت فاطمة الحسيني عنها: «قررنا تقديم الفن المعاصر من خلال الجدارية، وهذه التجربة هي الأولى لنا كطالبات من خلال مهرجان سكة، ومنحتنا التجربة شعوراً بالسعادة».

بينما قالت حصة ناصر: «قدمنا الجدارية من خلال تقسيمها بحيث تقوم كل طالبة برسم جزء منها، إذ نفذنا عملاً بهذه التقنية في أميركا، وقدمنا معاني الحياة الإماراتية من خلال الرموز التي تقدم السدو والهضاب في بلدنا، إلى جانب الألوان التي تعكس البيئة المحلية».

أما الفنانة المصرية مي مجدي، فعبرت عن جماليات الزي الإماراتي وألوانه من خلال معرضها «أنا هنا»، مشيرة إلى أنها ترعرعت في الإمارات، وعاشت بين مناطق مختلفة، وكانت ترى الأمهات والبنات يرتدين في البيوت ألواناً مختلفة عن الزي الذي اعتاد الناس رؤيته في الأماكن العامة. وأضافت أن المرأة الإماراتية تتميز بكونها مختلفة بهويتها وأنوثتها وإيمانها بقوتها، وهذا ما تسعى إلى تقديمه من خلال اللوحات، لافتة إلى تقديمها لغة فنية تصور المرأة الإماراتية بين الماضي والحاضر والمستقبل، إذ عملت على الألوان الزيتية وعلى اللوحات جميعها في الوقت ذاته، مؤكدة أنها تتعامل مع اللوحات على أنها شخصيات حقيقية، وليس مجرد ألوان.

مساحات تنطق بالجمال

وشهد مهرجان سكة للفنون والتصميم مشاركة فاعلة من 13 مستأجراً اتخذوا من بيوت حي الفهيدي التاريخي مقراً لهم، لعرض إبداعات نخبة من الفنانين والمبدعين من الإمارات والمنطقة وشتى أنحاء العالم. وبرزت في المهرجان إبداعات الفنانة الإماراتية فاطمة لوتاه عبر معرضها «أرض» في «بيت 35»، حيث تنتج فيه مجموعة مشاريع فنية مبتكرة، فيما يُعتبر «مجلس غاليري» في «بيت 52» مساحة خاصة للفنانين يعبرون فيه عن رؤاهم ويستعرضون تجاربهم المختلفة. وفي نسخة المهرجان لهذا العام قدم المجلس المعرض الفردي للفنان البريطاني مات رايدر بعنوان «الهدوء»، مستلهماً أفكاره من المناظر الطبيعية الصحراوية المحيطة، إلى جانب «ورشة عمل للألوان المائية» أشرف عليها البريطاني تريفور وو، بينما أتاح متحف «بيت الخنير» لزوار المهرجان إمكانية التعرف إلى تاريخ الخنجر الإماراتي وتصاميمه وطرق استخداماته.

وقدم مركز الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للتواصل الحضاري، بين جدران «بيت 47» قائمة فعاليات جديدة تتواءم مع شعار المهرجان «إبداع يتجدد على نفس السكة»، من بينها «استيكانا كافيه»، وورشة عمل «إنكا الإماراتية/اليابانية» التي تستكشف جماليات الثقافتين الإماراتية واليابانية، وأضاء على طرق «العلاج بالفن» وأهمية استخدام المواد الفنية والإبداعية كوسيلة للتواصل، فيما احتضن «بيت 26» ورش عمل تفاعلية مختلفة، من بينها ورشة «البيت المفتوح» والطهي الحي.

وفي يناير الماضي، فتح «بيت 40» أبوابه أمام الفنانة التجريدية الإكوادورية آنا ليز كورديرو، التي حولته إلى مرسم خاص، تعرض فيه سلسلتين حصريتين تدوران حول فكرة استعادة القيمة الحقيقية للطبيعة والحرية، كما شارك في المهرجان بيت «لاتيليه للنحت والفنون» الذي أسسه الفنان والنحات المصري عمرو عزيز لإبراز فن النحت ودوره في الحياة العملية، حيث عرض «لاتيليه» تشكيلة واسعة من أعمال النحت التي تحمل بصمات الفنانين الإماراتيين: سعاد الشامسي، وهند راشد، وفريدة يحيى، وميرة العتيبة، إضافة إلى فنانين آخرين.


على ضفاف الخور

فتح مركز عكاس للفنون البصرية أمام زوار «سكة» أبواب «بيت 17» لاستكشاف إبداعات نخبة من الفنانين الإماراتيين، من بينهم راشد الملا الذي يعرض مجموعة أعماله الفنية «عد النجوم»، و«حامي المحيط»، و«لا تنخدع»، والفنانة مروة الحوسني التي تقدم «تحدي النفس»، كما يُعرض أيضاً عمل «الظل» المستلهم من زخرفة حي الفهيدي المعمارية، والعمل التركيبي «الحلقة»، وهما من إبداع الفنان جاسم العوضي، بينما يعرض الفنان فيصل الريس عمله التفاعلي «أناس من الفريج» الذي يجسد فيه رحلته بين الناس على ضفاف خور دبي.

وحوّل «مركز تشكيل» غرف «بيت 10» إلى مساحات فنية مفتوحة أمام جمهور المهرجان، ليعرفهم عن كثب إلى أعمال نخبة من الفنانين.

كما فتحت هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة) أبواب بيوت 16 و31 و38 لعرض مجموعة من الأعمال تنتمي لمختلف أنواع الفنون لعدد من الفنانين.

يوسف القصاب:

«استخدمنا في عملنا الفني الذي عرضناه في المهرجان الكثير من العبارات التي ترفض الإحباط وتقاومه».

فاطمة الحسيني:

«قدمنا الفن المعاصر من خلال جدارية.. وهذه التجربة هي الأولى لنا كطالبات خلال مهرجان سكة».

مي مجدي:

«المرأة الإماراتية تتميز بكونها مختلفة بهويتها وأنوثتها وإيمانها بقوتها، وهذا ما سعيت لتقديمه من خلال لوحاتي».

جاسم العوضي:

«رسالتي الأولى من المعرض أن دورة حياة الأشياء لا تنتهي مع استخدامها، فمن الممكن أن تكون لها دورة حياة جديدة».

تويتر