انتقلت من عالم الهندسة إلى «أدب الجريمة»

نهى داود: «الإمارات للآداب» فرصة للقاء مبدعين من أنحاء العالم

صورة

بين تجارب مغامرات، وفي أجواء مغلفة بالغموض والترقب وحبس الأنفاس، صحبت الروائية المصرية نهى داود جمهور مهرجان طيران الإمارات للآداب، نحو استكشاف عوالم الجريمة وأسرار شخصياتها، من خلال جلستين: الأولى «مسرح الجريمة.. دليلك الكامل في الأدب البوليسي»، حول كيفية تصميم وبناء سيناريو الجريمة الكاملة بما في ذلك تصميم الشخصيات والدوافع والصراعات وسيكولوجية المجرم ومحنة البريء. والثانية «جريمة واحدة لا تكفي – لعبة الكاتب المحقق»، وهي جلسة تفاعلية بمشاركة الكاتب الإماراتي إبراهيم المرزوقي، إذ خاضا معاً سيناريوهات جرائم متعددة ورسما تصورات وأحداثاً وشخصيات مختلفة مفعمة بالإثارة والتشويق، وصفت الكاتبة بعض محطاتها في حوارها مع «الإمارات اليوم».

وتحمست صاحبة رواية «جريمة في الفندق» لمشاركتها لأول مرة في فعاليات المهرجان بنسخته الـ15، معربة عن سعادتها بحضور مختلف حواراته وورشه ولقاءاته الأدبية، مؤكدة: «أشعر بالفخر لمشاركتي في مهرجان بهذه الأهمية والتميز عربياً وعالمياً. وهي فرصة للقاء الكتاب والأدباء من أنحاء العالم وحضور الفعاليات الثقافية المختلفة ومن ثم تمثيل وطني، والمشاركة في جلسات تدور حول شغفي بعالم أدب الجريمة. وتعد هذه زيارتي الأولى لمدينة دبي التي باتت قبلة سياحية للملايين».

رحلة شيقة بين عالمين لا يبدو أنهما سيلتقيان، كرستها تجربة نهى مع أدب الجريمة الذي جازفت الكاتبة بدخوله، موضحة: «رحلتي بين عالمي الهندسة والكتابة كانت مصادفة ومفاجأة لي. لقد عملت لمدة 19 عاماً بالهندسة ولم تكن لدي أي خطط لتغيير مساري المهني رغم شعوري بالملل من مهنتي في سنواتها الأخيرة، إلا أن تأثير روايات أجاثا كريستي ومصادفة رحلة أسرية إلى مدينة الغردقة المطلة على البحر الأحمر وغرقي آنذاك في أجواء فندق مالت ديكوراته إلى الغموض، دفعني إلى كتابة أولى رواياتي: (جريمة في الفندق) التي استوحيتها من أجواء المكان والنزلاء. بعدها توالت الروايات وبدأت عمراً جديداً في الكتابة ومشوار نشر مليء بالمصاعب، اكتشفت من خلاله أثر مهنة الهندسة على كتابتي، بعد أن أيقنت أن أدب الجريمة يتطلب جهداً وتخطيطاً دقيقاً وصبراً أظنني اكتسبته وأجدته من ممارسة الهندسة لسنوات طويلة».

صرخات خافتة

وحول اهتمامها بنقل قضايا المجتمع ورؤيته، ورصد أبرز مشاهده وتحولاته عبر نسيج الرواية ومن منظور «الرعب والخيال» في أعمالها، أضافت نهى: «أنا متخصصة في أدب الجريمة وأعتبر أن دور الرواية البوليسية الأساسي نحو القراء تحقيق الترفيه وفصلهم عن ضغوط الحياة وواقعيتها المريرة، لكنني أهتم في الوقت نفسه بنقل الجانب الاجتماعي لرغبتي في تسليط الضوء على بعض القضايا المجتمعية المهمة وقناعتي بأن القصة ببساطة هي أقصر الطرق لإيصال الفكرة للقلوب، ولذلك زخرت الكتب السماوية بالقصص، وهكذا أنظر إلى العمل الأدبي كمزيج ما بين الترفيه والتوثيق والدفع نحو التغيير، عبر إطلاق الصرخات الخافتة من خلال القضايا التي تتناولها الرواية والصراعات القائمة فيها».

أما الرسائل التي تطلقها هذه الصرخات فوصفتها الكاتبة بأنها «تختلف من عمل إلى آخر، ففي أعمالي الأخيرة (جريمة العقار 47) و(جثتان والثالثة عند قدمي)، أردت توجيه رسائل تربوية لنواة المجتمع لتوعيتهم بأهمية إشباع الأطفال من الحب غير المشروط وتربيتهم في بيئة صحية متوازنة، لأن الإخلال بذلك يفرز شخوصاً غير أسوياء يتحول بعضهم إلى مجرمين بمرور الأيام، والبعض الآخر بمثابة قنابل موقوتة تهدد أمن واستقرار وسعادة من حولها».

تحديات وأمل

في الوقت الذي يواجه فيه الكتاب العربي وقطاع النشر والصناعات الإبداعية عموماً تحديات بالجملة، تتمسك نهى بالتفاؤل والأمل في تقديم حلول «خارج الصندوق» ومواجهة مختلف العراقيل لترجمتها فرصاً وحلولاً تسهم في خلق بيئة مبتكرة ودعم الأفكار الإبداعية.

وتابعت: «في بلدي، أظن أن ارتفاع سعر الورق على الأقل، أحد أكبر التحديات التي تهدد سوق الكتاب الورقي ومتانة قطاع النشر في الوقت الحالي، أما إقليمياً فأظن أن انتشار وسائل التسلية السريعة وإدمان الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، جعلت الشباب يعزف عن القراءة باعتبارها فعلاً يتطلب صبراً وتركيزاً».

وعبرت عن تمنياتها بأن تتبنى الدول العربية مبادرات ومقترحات للتوعية بمخاطر التشتت الرقمي وتشجيع النشء والشباب على القراءة، لافتة إلى شغفها ومتابعتها الحثيثة لمبادرة «تحدي القراءة العربي» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وسعادتها بنتائجها المفرحة وبتكريم النشء من كل الأعمار ومن كل الدول العربية الشقيقة. أسماء باقية

عن علاقتها بالأسماء التي لمعت في سماء الأدب العربي، وأيها أكثر صلة بعقلية الشباب العربي اليوم، قالت نهى داود: «نحن محظوظون في عالمنا العربي اليوم بالثراء الأدبي والألوان الثقافية، وبالتالي التنوع الذي نشأنا عليه، الذي أسهم في تشكيل وجداننا فأصبح مع مرور الوقت كنزاً لا ينضب للأجيال الحالية والمقبلة، وأظن في هذا السياق أن قلم نجيب محفوظ والرائدة لطيفة الزيات وإحسان عبدالقدوس ورضوى عاشور والطيب صالح وصنع الله إبراهيم أو أشعار نزار قباني ومحمود درويش وغيرهم الكثير، من أعظم الكنوز الأدبية والرموز الثقافية التي لاتزال حية ومحفورة في ذاكرتنا الجمعية، وقادرة على مخاطبة شبابنا على امتداد التاريخ والجغرافيا العربية».

نهى داود:

«أتابع بشكل حثيث مبادرة تحدي القراءة العربي، وسعيدة بنتائجها المفرحة وبتكريم النشء من كل الأعمار».

«دور الرواية البوليسية الأساسي نحو القراء تحقيق الترفيه، وفصلهم عن ضغوط الحياة وواقعيتها المريرة».

تويتر