عرض قدمه «مسرح زايد» في «دبي لمسرح الشباب»

«آخر خبر».. لعبة ينتصر فيها الحب على «ألزهايمر»

صورة

«نحن لا نرى في ثنايا النفوس كما نرى الأشياء في الغرفة».. جملة تختصر العمل المسرحي «آخر خبر»، الذي قدمه «مسرح زايد للمواهب والشباب»، ضمن «مهرجان دبي لمسرح الشباب» على خشبة ندوة الثقافة والعلوم أول من أمس.

وبُنيت فكرة العمل على لعبة تقوم بها امرأة على نحو يومي مع زوجها، لأنها الوسيلة الوحيدة المتاحة لتعبّر بها عن حبها وتفانيها في حمايته، حيث يغوص النص المسرحي للكاتب أحمد الماجد، والمخرج سمير البلوشي، في ثنايا النفس البشرية، ليكشف عن المشاعر الإنسانية على الخشبة، من خلال أحداث أليمة ينتصر فيها الحب على كل المشاعر الأخرى.

يحملنا العرض الذي أدى فيه البطولة: إيناس عزت، خميس اليماحي، يعقوب الياسي، منصور المطروشي، وأمل حسن، إلى حكاية امرأة عجوز تعيش مع زوجها في منزل صغير، فيه حديقة حملتها إلينا «السينوغرافيا» البسيطة التفاصيل.

يأتي إلى العجوز مندوب من شركة يعمل فيها (سيف) ابنها، ليبلغها بأنه طرد من العمل بسبب غيابه المتواصل، ثم تتوالى الأخبار السيئة مع قدوم الطبيبة لتخبرها بأن نتائج الفحوص المخبرية لا تتيح له الزواج من ابنة عمه، وبعدها يأتي اللص ليسرق المنزل، بحجة الديون المتراكمة على ابنها.

يدخلنا النص المتماسك في حبكة هذه الأحداث التي تبلغ ذروتها في تعاطى العجوز مع الأخبار السيئة، الواحد تلو الآخر، بحرص الزوجة المحبة على ألا يعرف زوجها ما يحل ببيته. ثم يدخلنا الكاتب في عوالم الشخصيات الموجودة على الخشبة، ليشرّح مستويات المشاعر الإنسانية بشكل عميق، فيتناول الحب، الطمع، الاحتيال، والحسد، وغيرها من الأحاسيس التي قد تصادفنا في الحياة اليومية.

ساند النص المتماسك والأحداث المتتابعة، تقديم المخرج سمير البلوشي للفكرة عبر «سينوغرافيا» هادئة، تلائم الحكاية البسيطة التي أرادها الكاتب أن تكون إنسانية بالدرجة الأولى، فكان الديكور المستخدم على المسرح كافياً لنقل حيثيات الزمان والمكان، بما في ذلك حالة الطقس وهطول المطر الذي حمله المخرج للجمهور عبر مؤثرات الصوت والإضاءة.

أما الموسيقى المرافقة التي كانت من إعداد علي العامري، فقد خدمت الأحداث بشكل لطيف، مع الإشارة إلى أنها في الجزء الأخير الذي اشتمل على المونولوج، طغت على أصوات الممثلين.

وظف الكاتب في العمل المسرحي الحوارات الشخصية وانتقل منها إلى المونولوج في ختام العمل، ليقوم بهدم الشخصيات التي بناها طوال مدة العرض الذي شدّ انتباه الجمهور.

تتسارع الأحداث في نهاية العمل، وتظهر لنا أهواء الشخصيات من طمع وغيرة وحسد من (سيف)، الذي يتبين انه ابن الزوجة الأولى وليس ابن العجوز.

تفاصيل تظهرها حبكة الحكاية، لنكتشف أنها كلها منسوجة من الخيال، وأنها ليست سوى لعبة تقوم بها العجوز يومياً مع زوجها المصاب بـ«ألزهايمر»، لتتجنب إخباره بأنه فقد ابنه في حادث سير أليم. وعلى الرغم من تكرار العجوز لعبارة «يبدو أن الفرح قد ضل طريقه إلى بيتنا» طوال العمل المسرحي، فإنها تنجح في أن تجعل الحب والفرح عنواناً لحياتها مع زوجها وإن كان من خلال لعبة.

المخرج سمير البلوشي تحدث عن تجربته الإخراجية الأولى لـ«الإمارات اليوم»، فقال: «إنها الصفحة الأولى لي في عالم الإخراج المسرحي، وسعيد بأن تكون أول محاولة من خلال مهرجان دبي لمسرح الشباب، قد أتلعثم ولكن بالمثابرة والجد والجدية بالطبع سأواصل الطريق».

وأضاف: «تجاربي كلها كانت في التمثيل المسرحي والتلفزيوني والتقديم، وقد استهواني أن أقدم تجربة إخراجية من خلال المهرجان، ويمكن القول إنني تعلمت كثيراً من الشباب الموجودين في العمل، فالجميع كان مسانداً لي كمخرج، فلست المخرج الوحيد للعمل، لأننا عملنا على مبدأ تبادل الخبرات».

ووصف البلوشي مهرجان دبي لمسرح الشباب، الذي تنظمه هيئة دبي للثقافة والفنون، بأنه «منجم لاكتشاف المواهب الشابة»، متطلعاً لتقديم أعمال أكثر أهمية في المستقبل.

وأشار إلى أنه تعامل مع نص متماسك وثقيل، ولهذا كان أمامه الكثير من التحديات، لاسيما في كيفية تقديم الأفكار المطروحة التي تتسم بالواقعية بشيء من الخيال، وذلك بهدف منح الممثل حقه في التكوين الجسدي على المسرح، مشدداً على أنه أوجد الاتزان في العمل من خلال الهدوء في الطرح، لاسيما أن المسرح البسيط قريب من الناس.

من جهته، قال الكاتب أحمد الماجد: «المسرح لا يقدم الحلول الجاهزة، ولابد من أن يدخل المشاهد في اللعبة المسرحية، ولهذا ركزت من خلال الفكرة الخاصة بالمسرحية على تقديم النص في الفضاء المجازي، فأدخل المتلقي معي في هذا الفضاء، حتى أقرر الكشف عن كل أسرار الشخصيات في العمل».

وتحدث عن إعجابه بالإخراج الذي قدمه سمير البلوشي، خصوصاً أنه اعتمد على البساطة دون أن يتعالى على النص، بخلاف العديد من المخرجين الشباب الذين يعتقدون أن «السينوغرافيا» أهم من النص.

وأكد الماجد أن مشاركته في مهرجان دبي لمسرح الشباب، أتت بعد انقطاعه عنه لسنوات، بعد أن شارك فيه بتسعة نصوص في السابق، منوّها بأن هذه المشاركة كانت جميلة، خصوصاً أنها تأتي مع طاقات شبابية جميلة.


سمير البلوشي:

• «هذه صفحتي الأولى في الإخراج، قد أتلعثم ولكن سأواصل الطريق بالجد والجدية».

أحمد الماجد:

• «أعجبني الإخراج.. اعتمد على البساطة دون أن يتعالى على النص لمصلحة السينوغرافيا».


الندوة التطبيقية

أثنى حضور الندوة التطبيقية من مخرجين وممثلين ومهتمين بالمسرح على التجربة الاخراجية الأولى لسمير البلوشي، ووصفوها بالتجربة المميزة، التي وإن وجدت فيها بعض الأخطاء، إلا أنها نجحت في تقديم النص بقالب ممتع.

كما أجمع الحضور على براعة الممثلين في تقديم الشخصيات والأدوار، لاسيما منصور المطروشي، الذي شد انتباه الجمهور، بلعب دور اللص بشكل متقن، حيث قدم الشخصية بإقناع ودون تصنّع.

تويتر