خبراء يبحثون سبل تطوير صناعة المعرفة

طموحات النشر العربي وتحدياته.. تحت الضوء في أبوظبي

صورة

أكد ناشرون عرب وأجانب أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أبرز الأسواق الواعدة في مجال صناعة النشر بمختلف أنواعه، ولكن مازالت هناك العديد من التحديات التي تعترض تطوره بوتيرة تواكب التطور الذي يشهده المجال على مستوى العالم، مشيرين خلال مشاركتهم في جلسات المؤتمر الدولي للنشر العربي والصناعات الإبداعية، الذي نظمه مركز أبوظبي للغة العربية، التابع لدائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، أمس، في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، على أهمية العمل على توفير قاعدة بيانات متكاملة وإحصاءات ذات مصداقية حول صناعة النشر في البلدان العربية.

وقالت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين، ضيف شرف المؤتمر، إن «قطاع النشر العربي شهد خلال السنوات الماضية حراكاً نشطاً ونقاشات داخلية كثیرة بدأت ترسخ فهماً جديداً للدور الكبير الذي یلعبه، ويمكن أن یلعبه قطاع النشر. ليس فقط لدعم التنمية الثقافية، بل أيضاً لتعزيز التنمية الشاملة لشعوب المنطقة، ولاشك أن هذا الحراك هو خطوة في المسار الصحيح»، مضيفة خلال الكلمة التي ألقتها في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أن «بناء قطاع نشر عربي قوي ومرن وقادر على الاستمرار لسنوات طويلة مقبلة، يحتاج إلى وضع أسس وقواعد متينة. ومن بين أهم أسس نجاح قطاع النشر على المدى البعید في أي منطقة في العالم، هو الالتزام الكامل بمبادئ احترام الملكية الفكرية وحرية النشر».

وتابعت الشيخة بدور القاسمي: «بصفتي رئيسة للاتحاد الدولي للناشرين، زرت العديد من الناشرين العرب في دول مثل مصر، والسعودية، والمغرب، وتونس، وغیرها.. ولمست من خلال حواراتي معهم الشغف والحماس نحو مواصلة الاستثمار في المواهب المحلية، وتشجيع المحتوى المحلي، وتوسيع دور التكنولوجيا في أعمالهم. ولكن معظمهم أبدى تخوفاً من وضع حماية حقوق الملكية الفكرية وحرية النشر حالياً، خصوصاً بعد الارتفاع غیر المسبوق للقرصنة الرقمية منذ بداية جائحة كورونا. فيجب علینا الانتباه جیداً لهذه التخوفات، وأن نعمل مع جميع الأطراف المعنية من أجل تعزيز ثقة الناشرين لمواصلة الاستثمار وتطوير أعمالهم في المستقبل. ونحن نعمل في الاتحاد الدولي للناشرين جنباً إلى جنب مع أعضائنا في العديد من بلدان العالم، من أجل وضع الأطر القانونية وآليات التنفيذ والمتابعة المناسبة لحماية الملكية الفكرية وحرية النشر.

ورأت الشيخة بدور القاسمي، أن صناعة النشر تمر بتحولات أساسية ليس فقط بسبب الجائحة، بل أيضاً بسبب الوتيرة المتسارعة للتقدم التكنولوجي، والتغير السريع في احتياجات القراء وسلوكياتهم، وهو ما يفرض ضرورة مواكبة توجهاتهم وقبول التغيير للمحافظة على دور ومكانة صناعة النشر عند القراء، لافتة إلى أن جائحة كورونا وما سببته من تغير المفاهيم والمصطلحات وتغيير نماذج العمل، والتخلي عن عقلية الماضي، ودعم أفكار جديدة ومبدعة، تمثل فرصة للمواهب الشابة والمتنوعة لصنع القرار وتعزيز الابتكار.

قطاع مستدام

من جانبه؛ أوضح رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، الدكتور علي بن تميم، أن «أبوظبي أثبتت التزامها ببناء قطاع ثقافي مستدام عبر استثمار 30 مليار درهم كجزء من استراتيجيتها الرامية لدعم الصناعات الثقافية والإبداعية. وتعمل حالياً على تمكين المواهب الإبداعية من جميع أنحاء العالم، وتسهم في إنشاء المحتوى والألعاب الإلكترونية والأفلام والنشر باللغة العربية.

ويعد المركز الإبداعي الجديد في جزيرة ياس خير دليل على أن الإمارة قادرة على احتضان جميع أنواع الأفراد والشركات الناشئة وكبار منتجي المحتوى معاً، للعيش والعمل وتحقيق الازدهار في ربوعها، بإلهام من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة».

وأشار بن تميم إلى أن المؤتمر يسعى إلى إثراء المحتوى العربي، والعمل يداً بيد للاستفادة من مرونة العالم الرقمي المليء بالفرص في سبيل تدعيم أواصر صناعة النشر وروابطها مع الصناعات الإبداعية التي تترجم الكلمة المكتوبة إلى واقع رقمي لزيادة آفاق استخدامها، مقدماً التحية للشيخة بدور القاسمي، ضيف شرف المؤتمر، لدورها الريادي في دعم المحتوى العربي وتحولاته في سياقاته الورقية والرقمية وغيرها، وتصدرها هذا الدعم من خلال كل المحافل العالمية بصفتها رئيسة اتحاد الناشرين الدوليين.

جلسات متخصصة

ناقش المؤتمر عدداً من الموضوعات والقضايا عبر ست جلسات متخصّصة شارك فيها نخبة من الخبراء والناشرين، وصناع المحتوى والمهنيين في مجال الصناعات الإبداعية.

واستعرض المشاركون في جلسة «سوق النشر في العالم العربي: الوضع الراهن والتوجهات المستقبلية» أبرز التحديات التي تواجه صناعة النشر في المنطقة. وقال الناشر شريف بكر إن سوق النشر في العالم العربي واعدة، بسبب عدد المتحدثين باللغة العربية في المنطقة، وحتى في الخارج، وعلى سبيل المثال أصبحت «العربية» اللغة الثانية في السويد، بينما جاءت مصر في المرتبة الخامسة على مستوى العالم في معدلات القراءة للفرد، معتبراً أن أبرز التحديات التي تقف أمام تقدم هذه الصناعة يتمثل في غياب الإحصاءات الدقيقة، ومشاكل نقل الكتب من بلد لآخر، وهي مشاكل لوجستية وأخرى تختص بالرقابة على الكتب، بالإضافة إلى عادات القراءة لدى سكان بعض الدول.

بينما رأت الناشرة شيرين كريدية أن السنوات السبع الأخيرة شهدت انتعاشاً في الكتابة للأطفال، وأن هذا المجال كان يعتمد على الترجمة حتى عام 2000، ثم بدأت تظهر كتابات متزايدة موجهة للأطفال.

من جانبها، سلطت مديرة تنمية المحتوى الإقليمي بمنصة ستوريل، ستيفاني لامبرينيدي، الضوء على الكتاب المسموع، مشيرة إلى أن المنصة تضم أكثر من 20 مليون مشترك حول العالم، وتنشر أكثر من 8000 كتاب صوتي سنوياً. ومنذ أن دخلت منطقة الشرق الأوسط في 2017 بلغ عدد مشتركيها أكثر من مليوني مشترك.


• وسائل التواصل.. سوق جديدة

شهد المؤتمر الدولي للنشر العربي والصناعات الإبداعية في أبوظبي أمس جلسة بعنوان «هل أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بمثابة سوق جديدة للكتب؟» سلطت الضوء على الدور الذي تلعبه منصات التواصل الاجتماعي في رفع نسب مبيعات الكتب وتأثير وكلاء الكتب والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي.

وشارك في الجلسة الكاتب السعودي سامي البطاطي، مؤسس ومقدم قناة «ظل كتاب» على موقع يوتيوب، ومديرة استراتيجية المنصة وخبيرة في الرؤى المؤثرة في «تيك توك» آني آرسان، ومديرة الشراكات للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «تويتر»، جويل يزبك.

 

تويتر