«المجمع الثقافي- أبوظبي».. 40 عاما في حب الثقافة الابداع

تصوير-إيريك ارازاس

على مدى ما يقرب من 40 عاما، استطاع المجمع الثقافي في أبوظبي أن يحتل مكانة خاصة جدا في قلوب سكان العاصمة، ليس فقط باعتباره مركزا للثقافة والفنون وحاضنا للمواهب، فقد كان شاهدا على تطور المدينة، وشريكا لسكانها في حياتهم الاجتماعية، حيث كان مقصدا للأسر والعائلات، ونافذة تفتح للكبار والصغار آفاقا من المعرفة والاطلاع والتجريب. حتى في فترة أغلاقه لإعادة ترميمه ظل محتفظا بهذه المكانة عبر ذكريات لا تمحى من ذاكرة محبيه.

احتفاء بهذه المسيرة الحافلة للمجمع الثقافي، جاء المعرض الذي تم افتتاحه صباح أمس، الأربعاء، تحت عنوان «المجمّع»، وهو الاسم الذي اعتاد سكان أبوظبي اطلاقه على المكان، تعبيرا عن الانتماء إليه، وعن احتضانه لكافة جوانب الثقافة والفنون. كذلك يجمع المعرض، الذي يستمر حتى 15 فبراير 2022، بين الجانب الأرشيفي، والأعمال الفنية التركيبية، والأفلام القصيرة. ويروي الجانب الأرشيفي من المعرض قصة «المجمّع الثقافي»، بدءًا من الرؤية التي وضعها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والتي أثمرت عن تأسيس المجمّع الثقافي في عام 1973 وافتتاحه في عام 1981. كما يتتبع المعرض مسيرة المجمّع حتى إغلاقه عام 2010 وإعادة افتتاحه عام في 2018. وفق ما أوضحت قيمة المعرض عائشة الحميري ل«الإمارات اليوم»، مشيرة أنه يتكون من ستة أقسام، يتناول القسم الأول منها مراحل تأسيس المبنى والتي بدأت كفكرة ثم قرار بإنشاء المكتبة الوطنية والمؤسسة الثقافية في عام 1971. وحتى صدور قانون تنظيم العمل في المجمع الثقافي عام 1981، متناولا موقع المبنى والتصميم المعماري له، مع استعراض جانب من زيارات الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في المناسبات المختلفة، حيث اعتاد أن يدعو حكام الإمارات وحتى المبعوثين الأجانب إلى المجمع، وحضور حفلات افتتاح المعارض والفعاليات بنفسه.

و يضم القسم الثاني، الأنشطة والبرامج التي كان ينظمها المجمع، مثل معرض الكتاب، والاسابيع الثقافية وغيرها، ويركز القسم الثالث على المكتبة الوطنية، والتي كانت تعرض 680 ألف مجلدا على رفوفها، فضلا عن 1.5 مليون مجلد في مساحات مغلقة إضافية، بالإضافة إلى مكتبة الأطفال. في حين يتناول القسم الرابع الفنون الجميلة في المجمع الثقافي، والمعارض الفنية التي نظمها وساهمت في ازدهار المشهد الثقافي، والمجموعات الفنية التي تشكلت بين أروقته مثل «الجدار» و«أصدقاء الفن». وتم تخصيص القسم الخامس من المعرض للشعر في المجمع الثقافي، بينما عرض القسم الأخير معلومات عن مرحلة ترميم المبني في الفترة من 2010 إلى 2018.
أجيال فنية
إلى جانب الجزء التوثيقي، يضم المعرض ثلاثة أعمال تركيبية لثلاثة فنانين إماراتيين تصور دور المجمّع باعتباره صرحًا عالميًا للثقافة والفنون في قلب العاصمة، وفق ما ذكرت القيمة على الجانب التشكيلي والأفلام في المعرض، سمية السويدي، موضحة أن اختيار الفنانين المشركين اعتمد على هؤلاء الذين كانوا جزء من قصة المكان، ويمثل كل واحد من الفنانين الثلاثة جيلًا مختلفًا في حياة المجمّع الثقافي، حيث يمثل محمود الرمحي فترة الثمانينيات، وجلال لقمان فترة التسعينيات، أما عزة القبيسي، فهي تمثل العقد الأول من الألفية الثالثة. ويضيف كل منهم منظورًا مختلفًا للمجمّع الثقافي لكنه في ذات الوقت يوحدهم لتقديم قصة ذات إطار عام واحد يعبر عن جهود المجمع الثقافي في بناء الروابط بين الفنان والمجتمع، ودوره كمنصة لإثراء الحوار على الساحة الفنية في أبوظبي. وأوضحت السويدي أن المعرض يشمل كذلك عرض ستة أفلام قصيرة تسلط الضوء على مسيرة الفنانين في دولة الإمارات وهم عبيد سرور والدكتور محمد يوسف وعبدالرحيم سالم ومحمود الرمحي وخلود الجابري ومنى الخاجة، والذين تربطهم جميعًا علاقات ممتدة مع المجمّع الثقافي بدأت مبكرًا بالتوازي مع انطلاق مسيرتهم الفنية.
3 أعمال تركيبة
 وأشارت الفنانة عزة القبيسي، ل«الإمارات اليوم»، ان عملها الفني يمثل حرف «ه»، ويتكون من جزئيين الأول يشير إلى الماضي والثاني يرمز للمستقبل، وبشكل عام يعكس العامل مكانة المجمع ودوره في إلهام الأجيال المختلفة، وما زرعه في نفوسهم من ذكريات لن تمحى.
وحمل عمل الفنان جلال لقمان عنوان «هدوء ثقافي»، ووظيف فيه الأنماط الإسلامية مثل أوراق الشجر والأقواس التي تميز تصميم المكان ليخلق منها مأوى لمن يبحثون عن الهدوء والتأمل. في حين يشير عمل الفنان محمود الرمحي، «الطيور السبعة»، إلى إمارات الدولة وهي تطير بحرية في فضاء الإبداع والثقافة.

رحلة للمريخ
إلى جانب المعرض؛ يقدم المجمّع الثقافي تجربة للأطفال بعنوان «رحلة إلى المريخ»، تم تصميمها خصيصا للاحتفاء بإنجازات دولة الإمارات في مجال الفضاء، وتحفيز الإبداع، وإلهام لدى الأطفال والأجيال الصاعدة. وتُقدم التجربة طرق مبتكرة للتفاعل مع المعرفة من خلال تقنيات غنية بالوسائط والتجارب الحسية، لتلقي نظرة عامة على ما قد يحمله لنا المستقبل القائم على التميز، والعلم، والخيال. وسيشرع الزوار في مهمة تنقلهم من الأرض إلى الفضاء، ومن ثم إلى سطح المريخ مرورًا بالعديد من المحطات الممتعة والشيقة.

تويتر