تسهم في تشكيل ملامح اقتصاد المستقبل القائم على المعرفة

الصناعات الإبداعية في دبي.. قطاع واعد بالفرص

صورة

أكدت مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة)، هالة بدري، أن الاقتصاد الإبداعي (أو ما يسمى عالمياً الاقتصاد البرتقالي)، يمثل أولوية رئيسة ليس في مرحلة التعافي من تداعيات «كوفيد-19» فحسب، إنما لعقود مقبلة أيضاً، لما له من ثقل يضاهي القطاعات الرئيسة الأخرى من حيث القيمة المضافة الإجمالية، وعدد الشركات العاملة فيه، مشيرة إلى أن البنية التحتية المتكاملة والناضجة للإمارة تؤهلها كي تكون مركزاً عالمياً جاذباً للاستثمار في الصناعات الإبداعية.

وأضافت: «انطلاقاً من الأهمية المتزايدة التي تكتسبها الصناعات الثقافية والإبداعية، كان دعم الاقتصاد الإبداعي إحدى الأولويات القطاعية الرئيسة لخارطة طريق استراتيجية الهيئة، والتزاماً بدورنا الفاعل في تحقيق مستهدفات استراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في أبريل الماضي، طوّرنا برامج ومبادرات رئيسة تشكل الركائز الجوهرية لنمو الصناعات الثقافية والإبداعية في الإمارة، وتعزيز مكانتها لتكون مركزاً إقليمياً ودولياً للاقتصاد الإبداعي، ضمن منظومة متكاملة تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة للإمارة»، مشيرة إلى أن هذه الجهود تأتي أيضاً جزءاً من أجندة الهيئة في السنة الدولية للاقتصاد الإبداعي من أجل التنمية المستدامة 2021، التي أعلنتها الأمم المتحدة، بهدف تعزيز النمو المستدام والشامل، وإبراز دور الإبداع في الاقتصاد.

الأولى من نوعها

أضافت بدري أنه بتوجيهات سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة «دبي للثقافة»، أجرت الهيئة دراسة إحصائية لواقع الاقتصاد الإبداعي في دبي، بالتعاون مع مركز دبي للإحصاء، تُعد الأولى من نوعها على مستوى دولة الإمارات، وبعد تحليل نتائجها تبيّن أن أداء القطاع يتصاعد بشكل صحي وإيجابي، إذ ارتفع إسهام الصناعات الثقافية والإبداعية في الناتج المحلي للإمارة من 2.6% في 2018 إلى 2.7% في 2019، ما يؤكد الاهتمام المتواصل الذي توليه دبي للنهوض بهذا القطاع الحيوي في تشكيل ملامح اقتصاد المستقبل القائم على المعرفة، كما ينسجم ذلك مع الجهود المبذولة في سبيل تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل، وخلق قطاعات اقتصادية جديدة وواعدة.

وأوضحت بدري أن الاقتصاد الإبداعي يغطي طيفاً من الأنشطة القائمة على المعرفة، التي تشكل العمود الفقري للصناعات الثقافية والإبداعية التي لها أثر في المنظومة الاقتصادية بشكل عام، وتضم ستة قطاعات رئيسة، تشمل التراث الطبيعي والثقافي، والكتب والصحافة، وفنون الأداء والاحتفالات، والإعلام المسموع والمرئي والتفاعلي، والفنون البصرية والحرف، والتصميم والخدمات الإبداعية، إضافة إلى المجالات الأخرى التي تتفرع عنها، مثل: صناعة النشر والكتب، والإعلام المرئي والمسموع والمطبوع، مروراً بالسينما، والأفلام والفيديو والموسيقى، والفنون بأنواعها، ومتاحف التراث الثقافي، والمواقع التاريخية والأرشفة، والأحداث الثقافية الكبرى، والمكتبات، وغيرها من القطاعات الفرعية والمجالات التابعة لها.

وتُظهر بيانات ونتائج الدراسة بشكل واضح نجاح استراتيجية دبي في استقطاب رؤوس الأموال الإبداعية والمهارات ورواد الأعمال المبدعين، إذ زاد عدد المؤسسات الربحية العاملة في الصناعات الإبداعية والثقافية من 8352 شركة في 2018 إلى 9772 في 2019، وبدورها أسهمت في توفير فرص عمل في هذا القطاع لعدد 69 ألفاً و341 موظفاً، في عام 2018، و75 ألفاً و998 موظفاً في 2019، بنمو يصل إلى 9.6%.

وبلغ عدد الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة العاملة في الصناعات الإبداعية، 9749 شركة في 2019، أي أكثر من 99% من إجمالي عدد الشركات العاملة في هذا القطاع، وهذا مؤشر إلى صحة توجّه الهيئة الاستراتيجي تجاه دعم رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب تأكيده على الجاذبية وبيئة العمل النوعية التي توفرها الإمارة لرواد الأعمال المبدعين، وبالتالي قدرة الإمارة على استقطاب هذه المهارات، التي سيكون لها دور بارز في دعم الإنتاج المحلي للاقتصاد الإبداعي في دبي ودولة الإمارات.

كما سيكون لاستراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي، وتطوير منطقة القوز الإبداعية كمرحلة أولى، وإطلاق مناطق إبداعية متكاملة أخرى بالإمارة، خلال السنوات المقبلة، أكبر الأثر في دعم وتعزيز صحة أداء القطاع، واستقطاب المزيد من الشركات الإبداعية ورواد الأعمال ورؤوس الأموال العاملة في هذا المجال، وتحقيق الأهداف الاستراتيجية الرامية إلى جعل الإمارة مركزاً عالمياً للثقافة وحاضنةً للإبداع، وملتقى للمواهب من مختلف أنحاء العالم وفي شتى مجالات الإبداع.

ومع إطلاق استراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي، تحرص «دبي للثقافة» على الحفاظ على صحة الاقتصاد الإبداعي، لاسيما خلال مرحلة التعافي من الجائحة ليستمر في تحقيق نمو متواصل على مدار السنوات المقبلة، بفضل الشمولية التي تميّزت بها الاستراتيجية، إلى جانب التسهيلات التي باتت توفرها دبي لكل قطاعات الاقتصاد الإبداعي، انطلاقاً من إيمان قيادتها بضرورة التوجه ودعم هذه الصناعات، لما لها من مستقبل مشرق ودور مهم في رسم وتشكيل ملامح اقتصاد المستقبل على نطاق واسع.

«الفيزا» طويلة الأمد

ولفتت هالة بدري إلى أن استراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تهدف إلى زيادة عدد الشركات والمؤسسات الإبداعية والثقافية إلى 15 ألف شركة، توفر 140 ألف وظيفة في قطاعات الاقتصاد الإبداعي المختلفة، بحلول عام 2026، وإسهام الاقتصاد الإبداعي في 5% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، مع تسهيلات منح الفيزا الثقافية طويلة الأمد للمبدعين الذين يرغبون في تأسيس أعمالهم في دبي.

ونوّهت بأن منظومة الصناعات الثقافية والإبداعية تقوم على سلسلة قيمية تتكون من أربعة عناصر، هي: الابتكار، والإنتاج، والتوزيع، وقنوات النفاذ للمنتجات والخدمات الناتجة هذا القطاع، مشددة على أن «دبي للثقافة» تكثف جهودها بالتعاون والتكامل مع شركائها على المستويين المحلي والدولي، لتعزيز صحة القطاع الثقافي والإبداعي في الإمارة، من خلال تفعيل المشروعات والمبادرات والشراكات الرئيسة، وتطوير الاستراتيجيات الرامية إلى الارتقاء بجاذبية الإمارة لضمان استدامة أعمال المبدعين ضمن هذا القطاع في دبي، إضافة إلى استقطاب المواهب المطلوبة ضمن قطاع الصناعات الإبداعية، وتحفيزها على تأسيس أعمالها في دبي، ولعب دور الممكن من خلال فتح أسواق مستهلكة للمنتج الإبداعي للإمارة، ضمن جهود الهيئة في إطار الدبلوماسية الثقافية، ما يشكّل محركاً لتلك العناصر الأربعة التي تشكّل السلسلة القيمية للصناعات الإبداعية.

وأوضحت بدري: «كان لجائحة (كوفيد-19)، التي مازال العالم يشهد تداعياتها، أثر كبير في القطاع الثقافي والإبداعي حول العالم، إلا أن هذه الجائحة، رغم ذلك، كشفت عن أهمية هذا القطاع، إذ أصبح الفن والموسيقى والمادة المصورة والمكتوبة ملجأً للناس حول العالم خلال مرحلة الحجر، كما وجدت المتاحف طرقاً إبداعية لمشاركة المحتوى الثقافي مع الناس في المنزل، وجلب الموسيقيون الراحة النفسية للناس عبر الإنترنت أو من شرفات منازلهم».

وتابعت: «تشهد قطاعات الصناعات الإبداعية في الإمارة استجابة للتعافي، بفضل الجهود التي بذلتها وتبذلها القيادة في دعم مبدعيها، وقادت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، الحراك الثقافي بإمارة دبي للوقوف على طبيعة التحديات التي يواجهها هذا القطاع، واستكشاف سبل التعاون للمضي نحو آفاق أوسع من النمو، وبلورة حلول مبتكرة تسهم في استدامته، وكانت دبي من أولى المدن في العالم التي أعادت فتح الفعاليات الثقافية والإبداعية بشكل فعلي وليس رقمياً، تسريعاً لوتيرة تعافي القطاع عبر منصات تفاعلية، مثل أسبوع دبي للتصميم، ومهرجان طيران الإمارات للآداب، وغيرهما».


هالة بدري:

• «سيكون لاستراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي، وتطوير منطقة القوز الإبداعية، أكبر الأثر في دعم وتعزيز صحة أداء القطاع».

• «تشهد الصناعات الإبداعية في الإمارة استجابة للتعافي، بفضل الجهود التي بذلتها وتبذلها القيادة في دعم مبدعيها».


محفزات للتشجيع

قالت مدير عام «دبي للثقافة»، هالة بدري، إن «الهيئة تدرك تماماً أهمية الصناعات الثقافية والإبداعية التي باتت تشكّل إحدى أسرع الصناعات نمواً على مستوى العالم، بحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، فضلاً عن الكثير من التقارير العالمية الأخرى، التي سلطت الضوء على إسهام تلك الصناعات في الاقتصادات الوطنية».

وأوضحت أن «دبي للثقافة» لديها استراتيجية واضحة لدعم الاقتصاد الإبداعي، وإيجاد منظومة متكاملة مدعومة بمحفزات وبرامج تمويلية، بمشاركة شركائها في القطاعين الخاص والعام، لتشجيع الصناعات الثقافية والإبداعية وتلبية متطلبات المبدعين من جميع أنحاء العالم، وتوفير فرص عمل مزدهرة تسهم بشكل متصاعد في الناتج المحلي للإمارة.

• 9749 عدد الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة العاملة بالصناعات الإبداعية في 2019.

تويتر