عمل تركيبيّ ينقل تجربة إنسانيّة

2000 حقيبة بلمسات إماراتية تحمل «رسائل من بيروت»

تجربة العمل تتجسد من خلال تفاعل الزوار مع الحقائب المعلقة على الجدار. من المصدر

بالتعاون مع مجلس «إرثي» للحرف المعاصرة، التابع لمؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة في الشارقة، صمّم «استوديو تي ساخي»، المتخصص في هندسة العمارة والتصميم، ويتخذ من العاصمة اللبنانية بيروت مقراً، عملاً تركيبياً تفاعلياً بهدف فتح قنوات للحوار حول مستقبل لبنان وإعادة إعماره.

ويأتي العمل الفني التركيبيّ تحت عنوان «رسائل من بيروت»، تكريماً للمجتمع اللبناني، إذ يهدف إلى تعزيز الروابط ما بين المجتمعات وتقديم تجربة مكوّنة من عوامل حسيّة متعددة، بالارتكاز على قوة الكلمة المكتوبة في نقل التجربة الإنسانية، عبر 2000 حقيبة تحمل أصوات المواطنين اللبنانيين الذين تأثروا بانفجار مرفأ بيروت، في الرابع من أغسطس الماضي.

وكُشف عن العمل في الدورة الخامسة من معرض المركز الثقافي الأوروبي، الذي يفتح أبوابه للزوار بالتزامن مع فعاليات بينالي البندقية للعِمارة، الذي يقام هذا العام تحت شعار «كيف سنعيش معاً؟»، حتى 21 نوفمبر المقبل.

من جهتها، قالت مديرة مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة ريم بن كرم: «يعبّر تعاوننا لإنجاز العمل الفني (رسائل من بيروت) عن رؤية قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، الرئيسة والمؤسِّسة الفخرية لمجلس «إرثي»، إذ يأتي لبث روح الأمل في حياة اللبنانيين المتضررين، ودعم الحرفيين والحرفيات، وعمليات التصميم المستدامة، بالإضافة إلى الحفاظ على التراث الثقافي والحرفي».

وأضافت: «سيسهم العمل الفني في فتح مساحات جديدة للحوار بين الجمهور ومتضرري انفجار المرفأ، وتمكين مجلس (إرثي) من جمع التبرعات اللازمة لدعم عملية إعادة إعمار بيروت، من خلال شراكتنا مع حملة (سلامٌ لبيروت)، التي أطلقتها مؤسسة القلب الكبير الإنسانية العالمية، وبالتالي يعمل هذا التعاون على تحديد رؤية المجلس لمستقبل العمران ودوره، باعتباره بوابة للمحافظة على الحرف اليدوية وحمايتها ونقلها للأجيال المقبلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب شرق آسيا».

عناصر وتقنيات

يوظّف العمل الفني عناصر وتقنيات من التراث الحرفي لدولة الإمارات قدمها مجلس «إرثي»، ويتألف من 2000 حقيبة معطّرة معروضة على جدار أفقي يبلغ طوله ستة أمتار، إذ صنعت 37 حرفية إماراتية من برنامج «بدوة» للتنمية الاجتماعية التابع لمجلس «إرثي» في الشارقة، جميع الحقائب يدوياً من قماش اللباد المعاد تدويره، باستخدام تقنية «ساير ياي» المستوحاة من حرفة السفيفة الإماراتية، التي تعتمد على جدل سعف النخيل.

ويترجم العمل رؤية مجلس «إرثي» عبر برنامج «بدوة» للتنمية الاجتماعية، المتمثلة في تمكين المرأة ودعمها مهنياً واجتماعياً من خلال الحِرف، في الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى، عبر تقديم فرص للتدريب والتطوير المهني، وفي الوقت ذاته الحفاظ على الموروثات الثقافية الغنية للحرف التقليدية في الإمارات والمنطقة.

وتتجسد تجربة العمل الفني من خلال تفاعل الزوار مع الحقائب المعلقة على الجدار، إذ يمكنهم اختيار أيّ من الحقائب وقراءة الرسالة الشخصية الموجودة داخلها، التي كتبها أحد الأشخاص الناجين من انفجار المرفأ، الذي هزّ العاصمة اللبنانية، في الرابع من أغسطس الماضي، كما يمكن للجمهور الرد على الرسائل لتحقيق رؤية العمل الفني، إذ يبدأ الجدار بالتفكك تدريجياً كلما أخذ الزوار الحقائب منه، حتى يختفي مع سحب الحقيبة الأخيرة.

حُلة عصرية

تتسم الحقائب بحلة عصرية، إذ استبدلت سعف النخيل، المستخدم تقليدياً في حرفة السفيفة، بقماش اللباد المعاد تدويره، وهي مبطّنة بالكتان وتمت خياطتها بخيوط الزري الفضية، وتحوي بذوراً ترمز إلى بداية جديدة وحياة جديدة يمكن زراعتها والاستفادة منها، وهي من بذور الكزبرة والكوسا والفاصولياء، وجميعها نباتات تصلح للأكل ويتم استخدامها بكثرة في المطبخ اللبناني، كما أن الحقائب تستحضر رائحة النباتات الطبيعية المتوافرة في بيئة لبنان، مثل خشب الأرز والصنوبر، والزعتر البري، والياسمين.

استعادة الذاكرة

أكدت الشقيقتان اللبنانيتان، تارا وتيسا، اللتان شاركتا في تأسيس «استوديو تي ساخي»، أن شعورهما بأن العالم يعيش عصراً يتم فيه استبدال التواصل والعلاقات الحقيقية بالاتصال الافتراضي، دفعهما إلى جمع 2000 رسالة مؤثرة من اللبنانيين الناجين من الانفجار، لمشاركة أفكارهم ومشاعرهم مع الآخرين، وأشارتا إلى أنهما تهدفان إلى مواصلة تعزيز الحوار حول إعادة بناء مستقبل لبنان، واستعادة الذاكرة الجمعية المشتركة للمجتمع اللبناني.

دعم

تتمثل الغاية من مشروع «رسائل من بيروت» في جمع التبرعات الخيرية اللازمة لدعم المتضررين من انفجار مرفأ بيروت، وتوفير المساعدات في قطاعات مختلفة تشمل الرعاية الصحية والبنية التحتية والتعليم، إذ يقدم العمل الفني للزوار فرصة التبرع لأربع مبادرات ومؤسسات خيرية، عبر مسح الرمز الشريطي (QR code) المطبوع بجانب العمل.

تويتر