لطيفة بنت محمد بن راشد: دبي تتجاوز التحديات بنجاح وتتأهب بعزيمة وطموح ليوبيل الإمارات الذهبي

صورة


قالت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي وعضو مجلس دبي، أن «دبي أثبتت – والمشهد الثقافي والإبداعي فيها – أنها تتمتع بالمرونة العالية والإصرار على مواجهة الصعوبات». وأضافت سموها أنه «في ظل ما تم إنجازه من مكتسبات ونجاحات، فإنني أعتقد أننا تجاوزنا الأزمة التي عصفت بالعالم أجمع خلال العام 2020 بأفضل الطرق الممكنة». وتابعت سموها في مقال لها حول تأهب دبي بعزيمة وطموح ليوبيل الإمارات الذهبي بعد أن تجاوزت التحديات بنجاح، أن «المجتمع الثقافي والإبداعي قام بإيجاد حلول إبداعية ومبتكرة سريعة قادرة على معالجة مخاوف المؤسسات والفنانين والشركات الناشئة وغيرها». وأن «المشهد الثقافي المحلي أظهر بعزيمته العالية أن الخروج من الموقف الراهن يكمن في تضافر الجهود، وهذا ما بدا جلياً خلال الأزمة، التي أكدت أن تجاوز التحديات لا يتحقق إلا بالتعاون بين المبدعين والمؤسسات والشركات والحكومات».
وتالياً نص المقال:

«مع بداية كل عام تتجدد الآمال والطموحات وتنشط الهمم بروح ملؤها التفاؤل والإيجابية والحيوية، وكان المجتمع الثقافي في إمارة دبي يتطلع إلى العام 2020 كمحطة جديدة لاستكمال مسيرته الزاخرة واقتناص ما سيحمله في طيّاته من فرص واعدة ذات آفاق واسعة، كما كانت الإمارة تستعد لاستضافة معرض إكسبو 2020 دبي، الحدث الكبير الذي يجمع العالم والشعوب كافة، وينظم لأول مرة في بلد عربي. ولكننا، فجأة ودون سابق إنذار، أصبحنا أمام واقع جديد كلياً شكّل أبعاداً مستجدة، مصحوبةً بتجارب وتحديات وفرص استثنائية طرأت على المشهد العام بشكل متسارع وبإيقاع لم نعهده من قبل.
واقع جديد
لقد جمدت جائحة كوفيد-19الآمال المعقودة ووضعت العالم تحت وطأة واقع جديد قد يستمر لسنوات. وبالنظر إلى المجتمعات الإبداعية في جميع أنحاء العالم، فقد تأثّرت شريحة كبيرة من الفنانين والمؤسسات والوجهات الثقافية، والتي تكبدت خسائر كبيرة بفعل إجراءات الإغلاق والقيود المفروضة على الحركة، وبالمثل تضررت العديد من المساحات الفنية الصغيرة حيث اضطر الكثير منها إلى إغلاق أبوابها أمام الزوّار بشكل نهائي.
ورغم كل ذلك، أثبتت دبي – والمشهد الثقافي والإبداعي فيها – أنها تتمتع بالمرونة العالية والإصرار على مواجهة الصعوبات. وفي ظل ما تم إنجازه من مكتسبات ونجاحات، فإنني أعتقد أننا تجاوزنا الأزمة التي عصفت بالعالم أجمع خلال العام 2020 بأفضل الطرق الممكنة، حيث قام المجتمع الثقافي والإبداعي بإيجاد حلول إبداعية ومبتكرة سريعة قادرة على معالجة مخاوف المؤسسات والفنانين والشركات الناشئة وغيرها. لقد أظهر المشهد الثقافي المحلي بعزيمته العالية أن الخروج من الموقف الراهن يكمن في تضافر الجهود، وهذا ما بدا جلياً خلال الأزمة، التي أكدت أن تجاوز التحديات لا يتحقق إلا بالتعاون بين المبدعين والمؤسسات والشركات والحكومات.
مبادرات عدة
لقد انطلقت مبادرات عدة هدفت إلى تخفيف أثر الجائحة على القطاع الإبداعي، منها برنامج الاستجابة السريعة من «منصة فن جميل للبحث والممارسات الفنية» والذي قدّم الدعم للفنانين والقيّمين والكتاب المستقلين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي يهدف لضمان استمرارية الإنتاجات والممارسات الفنية بين أوساط المبدعين والفنانين في المنطقة الذين تضررت مشاريعهم بفعل تداعيات أزمة كوفيد-19. وفي السياق ذاته، شهد برنامج «Pay It Forward»، المقدم من «السركال أفنيو»، تضافر الجهود بين أكثر من 50 مؤسسة لدعم بعضها البعض والمشهد الفني والمجتمع المحلي ككل. أما أدبياً، انطلق مهرجان طيران الإمارات للآداب بحلّته الجديدة ليتكيف مع الوضع الراهن وسط انتشار الجائحة، حيث قدّم جلسات وفعاليات افتراضية وفعلية. وقد شهدنا خلال العام نجاح المنصّات والأدوات الرقمية وقدرتها في دعم العديد من صالات العرض وغيرها من المؤسسات الفنية والإبداعية وتمكينها معاً من توسيع نطاق حضورها ومواصلة تفاعلها مع الجمهور.
معارض
ويمثل كل من أسبوع دبي للتصميم ومعرض الخريجين العالمي خير مثال على المرونة والرؤية الطموحة لقطاع التصميم في دبي، فقد شهدنا مع أسبوع دبي للتصميم عودة أول حدث تصميم في العالم يُقام بشكل فعلي بعد فترة الإغلاق لتصاحبه تطورات ملحوظة، جعلت منه مرجعاً ونموذجاً بين أهم فعاليات التصميم عالمياً بفضل المراحل المتقدمة التي حققها من النضوج الفني والإبداعي، والمحتوى المتفوق والتخطيط المتميز الذي قُدّم من خلالها. وبالإضافة إلى ذلك، أتاح أسبوع دبي للتصميم فرصة استثنائية للمواهب من دولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط لعرض إبداعاتهم، معززاً مكانة دبي كمنصة رائدة للمبدعين. كما شهدنا إطلاق النسخة الأولى من «معرض الخريجين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، والذي عرض 50 مشروعاً متميزاً صممتها مواهب واعدة من المنطقة، في حين شهدت النسخة العالمية من المعرض اختيار 90 مشروع ضمن برنامج ريادة الأعمال الذي يقدمه، والذي يعد أكبر عدد من المشاريع على الإطلاق ضمن القائمة المرشحة لبرنامج الدعم والتطوير والتنفيذ منذ إطلاق هذه المبادرة.
استجابة ومبادرات
أما بالنسبة لهيئة الثقافة والفنون في دبي فقد استطعنا تحويل التحديات إلى فرص بسرعة فائقة، إذ أدّى انتشار الجائحة إلى تسريع استجابتنا لاحتياجات القطاع. ففي شهر أبريل الماضي، أطلقنا وبالتعاون مع «آرت دبي» مبادرة «ماراثون دبي للأفكار»، التي من خلالها دعينا كافة الأطراف المعنية بالقطاع الثقافي للمشاركة بالمقترحات والأفكار المبتكرة من أجل معالجة التحديات التي يواجهها المجتمع الإبداعي اليوم، مع مواكبة وتلبية احتياجات الغد. وقد شكلت هذه المبادرة باكورة العديد من المساعي والحملات الأخرى الداعمة للقطاع التي أطلقناها خلال 2020 وخارطة طريق لخططنا القادمة والرامية إلى تحقيق نقلة نوعية تغير المشهد الثقافي في دبي.
وقد أطلقنا، خلال الأسابيع الأولى من الجائحة، سلسلة من الجولات الافتراضية في المتاحف والمعالم الثقافية بالتعاون مع منصة «دبي 360»، والتي تم إدراجها ضمن المناهج التعليمية عن بُعد في مدارس دبي، حيث شهدت مشاركة أكثر من 11 ألف طالب من 94 مدرسة عامة وخاصة.
ولأننا تعلمنا من مدرسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، بأن الحياة لا تتوقف عند أي تحدي، بل تستمر بالعمل الجاد والعزيمة والإصرار على تحقيق أهدافنا بلا تهاون، لم توقفنا الجائحة عن استمرار العمل على رؤيتنا الثقافية طويلة الأمد لدعم وتعزيز القطاع الإبداعي في الإمارة، ومن خلال خارطة الطريق الاستراتيجية التي أعلنّا عنها في يوليو الماضي، والتي تمتد على مدار ست سنوات، ركزنا في أهدافنا على دعم وتمكين البيئة الإبداعية في دبي عبر تطوير السياسات وتسهيل الإجراءات لضمان البيئة الخصبة لنمو المواهب، وإيجاد «المسار الأسرع نحو التعافي» في القطاع الثقافي. لذلك، أطلقنا العام الماضي ودعمنا العديد من مبادرات التعافي السريعة بالتعاون مع مختلف الجهات الثقافية في دبي.
ومن ضمن هذه المشاريع هو تعاوننا مع منصة التواصل الاجتماعي «لينكد إن» بهدف دعم المواهب الإبداعية عبر مبادرات متعددة، وكان برنامج الموارد التعليمية باكورة هذه المبادرات، حيث وفّر فرصاً للتدريب والتعلم عبر موضوعات مختلفة تساعد المبدعين على صقل المهارات الحياتية والتجارية من خلال الدورات الإدارية ودورات تنمية المهارات المتخصصة. ويستمر المشروع إلى الآن في تحقيق النجاح، حيث تم تسجيل ما يقارب ألفَي مبدع لأكثر من 11,130 دورة تدريبية شاملة.
لقد كان من المهم بالنسبة لي أن أستمع مباشرة إلى الأثر الناجم على القطاع والمبدعين الذين يعملون فيه، لذلك باشرتُ بسلسلة من الزيارات والاجتماعات مع أفراد ومؤسسات عبر مختلف قطاعات التصميم والأدب والفن. التقيت خلالها العديد من المتخصصين وتجاذبت معهم أطراف الحديث عن مختلف المواضيع، ما أتاح لنا التعرف أكثر على التحديات والفرص الناجمة عن انتشار هذه الجائحة. فوجهات النظر التي استخلصناها من اجتماعاتنا هي جوهر لاستمرارية تخطيطنا المستقبلي.
«مقتنيات دبي»
وفيما نستهل العام 2021، أتطلع إلى المرحلة الأولى من إطلاق «مقتنيات دبي» – المبادرة التي أطلقت في الربع الأخير من العام الماضي برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم، والذي ما زال الداعم الأول للقطاع الثقافي في دبي ودولة الإمارات. وتهدف «مقتنيات دبي» إلى إعادة تعريف مفهوم رعاية الفنون بجميع أشكالها، وستقدم نظاماً جديداً فريداً من نوعه عالمياً لعرض وإدارة المجموعات الفنية والمقتنيات النفيسة في الإمارة، سعياً إلى تحقيق طموحنا المتمثل في تشجيع المبدعين من الفنانين الإماراتيين والمقيمين في الدولة، والمبدعين من مختلف انحاء العالم، فضلاً عن تشجيع المعارض المعنية بالفنون ومقتني الأعمال الفنية من الأفراد والمؤسسات، وإيجاد إرث من الأعمال الفنية التي يمكن الاستعانة بها في إقامة المعارض العالمية المتخصصة، سواء داخل الدولة أو خارجها.
حلول فاعلة
لا شك أننا في توافق على أن القطاع الإبداعي يلعب دوراً حاسماً في حياتنا اليومية، فقد كان ملاذاً للناس خلال أوقات العزلة ورتابة الانتظار أثناء فترات الإغلاق. لذا سنواظب على التواصل مع هذا القطاع وإيجاد الحلول الفاعلة لإثراء المشهد الثقافي والإبداعي في دبي، وإنني أتطلع للمضي بخطوات جادة في تطوير قطاع ثقافي رائد ومواصلة رحلتنا في العام 2021، وصولاً إلى اليوبيل الذهبي لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة».

تويتر