«مهرجان الشيخ زايد» معرض مفتوح للحرف اليدوية

الحمادي يفلق المحار لإحياء التراث

صورة

يجلس كثير من الأجداد والآباء، والجدات والأمهات، في القرية التراثية في مهرجان الشيخ زايد، وفي منطقة الحرف اليدوية، لينقلوا للجيل الجديد من الأبناء والأحفاد هذه الخبرات و«السنع» الذي حافظوا عليه طويلاً، كجزء حيوي من التراث والهوية الإماراتية.

حيث يمثل مهرجان الشيخ زايد، المقام حالياً في منطقة الوثبة بأبوظبي، معرضاً مفتوحاً للتراث الإنساني وتاريخ وثقافات الشعوب من مختلف أنحاء العالم، حيث يفتح المجال أمام الدول المشاركة في دورته الحالية، والتي تستمر فعالياتها حتى 20 فبراير 2021، لعرض ثقافتها وتراثها وحضارتها للجمهور، وهو ما يعكس طبيعة مجتمع دولة الإمارات الذي يمثل نموذجاً فريداً في التعايش بين مختلف الجنسيات، ويؤكد حرص المهرجان على استلهام رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وتكريماً لإرثه الخالد، بما يتضمنه من تأكيد على أهمية التعرف الى الثقافات والتراث الإنساني والحضارات العالمية.

ويولي مهرجان الشيخ زايد 2020، اهتماماً خاصاً للتراث الإماراتي ومفرداته المختلفة، وفي مقدمتها الحرف التراثية والتقليدية التي مارسها أهل الإمارات عبر سنوات طويلة، واشتهروا بإتقانها، وهي حرف متعددة ومتنوعة وفقاً لتنوع بيئة الإمارات من الصحراوية إلى البحرية إلى الجبلية، بما يكشف عن غنى الـتـراث الإماراتي، ويوثق حياة أهل المنطقة في سنوات ما قبل النفط. وتتركز الحرف اليدوية الإماراتية في القرية التراثية، التي تضم منطقة الحرف اليدوية ومعرضي الصقور والسلوقي العربي، ويشعر من يتجول في منطقة الحرف أنه انتقل إلى سنوات ماضية، حيث كان كثير من أهل الساحل يعملون في صيد الأسماك والمحار، مع وجود عدد من الحرفيين الذين يمارسون أشكالاً مختلفة من الحرف التي ارتبطت بمهنة الصيد والغوص، ومنهم الوالد أحمد الحمادي، من نادي أبوظبي للرياضات الشراعية واليخوت، والذي جلس يمارس مهنة فلق المحار لتعريف زوار المهرجان، والأجيال الجديدة، بهذه المهنة التي طالما عمل بها الآباء والأجداد، لإحياء التراث والحفاظ عليه، باعتباره جزءاً من هوية المجتمع، مثلما قال الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، «من ليس له ماضٍ، ليس له حاضر».

ذكريات الصيد

وأوضح الحمادي لـ«الإمارات اليوم» أن الأطفال قديماً كانوا يلتحقون بالعمل في البحر والمهن اليدوية المرتبطة به في عمر يراوح بين سبع وثماني سنوات، بعد الانتهاء من دراستهم في الكتّاب على يد المطوّع، حيث يقومون بحفظ القرآن الكريم وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة.

وأضاف: «عندما ينتهي الطفل من حفظ القرآن الكريم في الكتّاب، كان يتجه للعمل مع والده وأعمامه أو أخواله، فكانوا يصطحبونه معهم ليتعلم الحرف المرتبطة بالبحر مثل صيد السمك وفلق المحار، وصناعة أدوات الصيد المختلفة التي كان يتم استخدامها في ذلك الوقت، وكنا نقوم بصيد الأسماك في الشتاء، أما في الصيف فكنا نذهب في رحلات الغوص التي كانت تمتد لأربعة أشهر و10 أيام». لافتاً الى أن صيد السمك كان يتم بأدوات مختلفة، منها القراقير وتنطق «جراجير»، ومفردها قرقور، وهو عبارة عن قفص كان يصنع من سعف النخيل، وهناك أيضاً «الغزل» أو «الشبك»، وكانت تصنع من خيوط الكتان التي كانت تأتي من الهند أو مصر، والآن أصبحت تصنع من خيوط النايلون، بينما كانت هناك وسائل تستخدم للصيد على الشاطئ خلال فترة الجزر وانحسار الماء، مثل «الحظوة» و«السكار»، وتدخل فيها الأسماك خلال فترة المد، بينما يتم جمع الأسماك عندما تعود المياه للانحسار مرة أخرى، موضحاً أن «السمك أيام زمان كان وفيراً، وكانت حصيلة الصياد تصل أحياناً إلى 40 كيلوغراماً في اليوم».

مهنة صعبة

وأشار الحمادي الى أن الغوص كان من أصعب المهن وأكثرها خطراً، وكثيراً ما كان الغواصون يعانون أمراضاً وإصابات عديدة وخطيرة نتيجة ممارسة هذه المهنة والبقاء تحت المياه على عمق كبير، وكان من الشائع أن يقوم الغواص بدبغ جسمه لحماية جلده من ملوحة المياه، مضيفاً: «في الوقت الحالي لم يعد هناك غوص أو لؤلؤ، لكننا نقوم بالحفاظ على هذه المهن ونقلها إلى الأجيال الجديدة، حتى نحافظ على التراث والعادات والتقاليد التي نشأنا عليها، والتي تمثل مجتمعنا».


ركن الحرف اليدوية

يولي مهرجان الشيخ زايد 2020، اهتماماً كبيراً للحرف اليدوية والتراثية للدول المختلفة، حيث تم تخصيص أماكن لها في أجنحة كل الدول المشاركة لتقديم ورش عمل تفاعلية، لتعريف الجمهور بثقافة بلادهم وأبرز المنتجات التقليدية التي تشتهر بها، بما يعزز صفة المهرجان باعتباره ملتقى للحضارات، ومهرجاناً تـعـلـيـمـياً تـثـقـيـفـياً، تـأسـس لـيـعـزز ثـقـافـة صـون الـتـراث والاعـتـزاز بـه.

«الغوص كان من أصعب المهن وأكثرها خطراً».

«كان السمك وفيراً وحصيلة الصياد 40 كيلوغراماً في اليوم».

«لم يعد هناك غوص أو لؤلؤ، لكننا نحافظ على هذه المهن وننقلها إلى الأجيال الجديدة، حتى نحافظ على التراث والعادات والتقاليد التي نشأنا عليها والتي تمثل مجتمعنا».

تويتر