مؤتمر الناشرين.. نظرة تفاؤل وأمل تأتي من الشارقة

أكد رئيس هيئة الشارقة للكتاب، أحمد بن ركاض العامري، أن الظروف التي يشهدها العالم بسبب أزمة «كورونا» أثبتت حاجة قطاع النشر إلى توسيع فرص التعاون والعمل المشترك بين الناشرين العرب والأجانب، مشيراً إلى ضرورة الاستجابة للمتغيّرات التقنية المتسارعة، ودراسة حال السوق وتوجهات القرّاء، ليس على المستوى المحلي أو الإقليمي فحسب، وإنما على المستوى العالمي. وأضاف العامري، خلال افتتاح الدورة العاشرة من مؤتمر الناشرين، الذي تنظمه هيئة الشارقة للكتاب حتى الغد، بمشاركة 317 ناشراً و33 متحدثاً من مختلف أنحاء العالم: «نجدد من خلال هذا المؤتمر الالتزام برؤية وتوجهات مشروع الشارقة الثقافي، الذي أرسى دعائمه صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ونؤكد أن الكتاب قادر على تجاوز كل التحديات التي تمر على العالم، وحاجة الأمم إلى الكتاب هي حاجة للنهوض وصناعة مستقبل أكثر أمناً وتحضراً».

ويناقش الناشرون، خلال المؤتمر، جملة من الموضوعات التي تسلط الضوء على التحديات التي تواجه قطاع النشر في الوطن العربي والعالم في ظل أزمة «كورونا»، وآلية تكيّف الناشرين معها، وأثر وسائل التواصل الاجتماعي والفعاليات الافتراضية في تعزيز التواصل بين الناشرين والقرّاء على حد سواء.

وتابع العامري: «نفتح اليوم صفحة جديدة من مؤتمر الناشرين لنؤكد أن صناعة النشر بقدر ما هي صناعة إبداعية تخدم الواقع الثقافي، إلا أنها صناعة تحتاج إلى خطط ومعايير للنهوض بواقعها، وتوسيع أثرها وحجم إسهامها في اقتصادات البلدان، ونأمل بأن نخرج من خلال هذا المؤتمر برؤى واعدة تخدم راهن صناعة الكتاب ومستقبلها، في ظل كل المتغيّرات والظروف التي شهدناها، أخيراً، ومازلنا نتعايش معها، لأننا نؤمن بأن المنجزات والنجاحات نتاج عمل دؤوب ومتكامل، وثقتنا كبيرة بكل العاملين في هذه الصناعة الإبداعية للوصول بها نحو آفاق أكثر تطوراً وازدهاراً».

البقاء والازدهار

شهد مؤتمر الناشرين في يومه الأول جلسة بعنوان «تسليط الضوء على النشر العالمي: البقاء والازدهار أثناء الوباء»، استضافت ليزا ميلتون، ناشر تنفيذي في هارليكوين، من المملكة المتحدة، ونيكولاس روش المدير العام لدار «بيف» للنشر في فرنسا، ورافي ديسي الرئيس التنفيذي لشركة «دي سي بوكس» في الهند، وشريف بكر مدير دار العربي للنشر والتوزيع في مصر، لبحث سُبل إيجاد آفاق واعدة تخدم الارتقاء بصناعة الكتاب، ودور وسائل التواصل في إيجاد فرص للحوار بين الناشرين وغيرها من المحاور.

واستهلت ليزا ميلتون حديثها في الجلسة بأن الناشرين في هذا الوقت يسعون جاهدين إلى تسهيل التواصل وتقوية القدرات بينهم وبين نظرائهم حول العالم، لما له من أثر في إزالة التحديات والمعوقات.

وقالت: «شهدت سوق الكتب الإلكترونية، خلال الجائحة ازدهاراً كبيراً، وحظيت بانتشار وحضور كبيرين على المستوى العالمي، ما يحتّم على الناشرين اليوم البحث عن سُبل جديدة للترويج لأعمالهم، ومضاعفة العمل من أجل خلق آلية مبتكرة للوصول بالمعرفة إلى عقول القرّاء وتجاوز مختلف المعوقات».

من جهته، قال نيكولاس روش: «وصلت مبيعات قطاع النشر في فرنسا إلى أكثر من 550 ألف كتاب قبل انتشار الجائحة، والمكتبات كانت تكتظ بالروّاد، لكن ما فرضته الجائحة أوقف هذا الحِراك، وخلال هذا الوقت من العام كانت أسواق الكتب تزدهر، لكننا نبحث إلى جانب الحكومات عن آلية للنهوض بواقع النشر». من ناحيته، قال رافي ديسي: «قمنا بجهد كبير خلال الجائحة لإيصال الكتاب للناس، إذ يوجد في الهند الكثير من التنوّع على صعيد العناوين، ولأننا حرصنا على تجاوز هذه التحديات أطلقنا تطبيقاً ذكياً حمله نحو 65 ألف شخص، وعقدنا تعاوناً مع شركات كتب صوتية، ما منح سوق النشر المحلية دفعة قوية للخروج من الأزمة التي سببها الوباء». من جهته، قال شريف بكر: «واجهنا بعض التحديات على صعيد النشر المحلي، وهذا أمر متوقع خلال هذه الجائحة التي طالت الناشرين حول العالم، لكن يمكننا القول إنه يوجد كثير من الآمال تلوح في الأفق، ومازالت الفرصة قائمة أمام جميع الناشرين لمواصلة العمل من أجل الارتقاء بهذا الواقع، فشبكة الإنترنت فتحت اليوم مجالاً حيوياً كبيراً لتبادل المعارف والأفكار للنهوض بصناعة الكتاب».

الجلسة الثانية

استضافت الجلسة الثانية التي أقيمت بعنوان «محور النشر في المستقبل: كيف تربط الأحداث الافتراضية ووسائل التواصل الاجتماعي الناشرين والقرّاء في جميع أنحاء العالم»، كلاً من غفانتسا جوبافا، مديرة العلاقات الدولية «إنتيليكتي بابلشينغ» في جورجيا، وجوديث كور، رئيس وناشر «هاربر وان» في الولايات المتحدة، وخولة المجيني، منسق عام معرض الشارقة الدولي للكتاب.

وأكدت جوبافا أن المؤتمر يطرح اليوم نظرة تفاؤل وأمل للارتقاء بصناعة الكتاب، مشيرة إلى أن الجائحة قرّبت الناشرين من بعضهم بعضاً، وأسهمت في تبادل الخبرات وفتح آفاق النقاش حول كثير من المشكلات والقضايا وإيجاد الحلول لها. بينما أشارت بارثولوميو إلى أن الكتب أفادت الناس خلال الجائحة، وأسهمت مواقع التواصل الاجتماعي في توفير التجمعات لروّاد الكتب وخلق فرصة تعوّض عن الاغلاقات التي فرضها انتشار الجائحة.

بينما قالت خولة المجيني: «لقد وضعت هيئة الشارقة للكتاب منذ انطلاقتها في 2014 نصب أعينها ضرورة الارتقاء بواقع الكتاب وصناعته، ودفع عجلة التنمية المجتمعية، واستطاع معرض الشارقة الدولي للكتاب أن يوجد مناخاً ثقافياً واعداً لصناعة الكتاب والارتقاء به، بما ينسجم مع مكانة الإمارة الثقافية».

جماهير جديدة

جاءت ثالث جلسات مؤتمر الناشرين، أمس، بعنوان «كتب مترجمة: البحث عن جماهير جديدة»، بمشاركة كل من: حسن ياغي، مالك ومدير دار التنوير للنشر من لبنان، ومارسيا لينكس كوالي، محرر ومؤسس «عرب لي» في المغرب، وساندرا تاميل، مؤسس ومحرر «إيديتورا ترينتا زيرو نوف» في موزمبيق، وأدارها تريفور نايلور، المدير المساعد في قسم النشر بالجامعة الأميركية في القاهرة، وتطرّق المشاركون فيها للحديث عن أهمية الاعتناء بالترجمة، وتقديم أعمال تثري المكتبات العالمية وتعرّف بثقافات الشعوب. وأكد حسن ياغي أهمية معارض الكتب في العالم العربي بالنسبة للناشرين، باعتبارها حلقة أساسية تصلهم مع القرّاء، موضحاً أنه «لا توجد قنوات توزيع وبيع معروفة للناشرين إلا من خلال المعارض. وأن ظروف الوباء أضعفت الرقابة على حقوق النشر ورفعت تداول الأعمال المقرصنة»، معتبراً أن أكبر جريمة تحصل في الثقافة العربية هي سرقة الكتب المترجمة.

بيرميندر مان: الجائحة ستزول

قالت الرئيسة التنفيذية لشركة «بونير بوكس» في المملكة المتحدة، بيرميندر مان، في كلمة لها خلال افتتاح الملتقى: «لقد فرضت جائحة (كورونا) على العالم أجمع تحديات كبيرة، وطالت قطاع النشر الذي لم يتوقف عن نشر الكتب، والذي بات له تأثير كبير في المناخ الاقتصادي، لهذا نسعى إلى تجاوز كلّ هذه التحديات التي تواجه الصناعة، من خلال الاستمرار في تقديم الأعمال بطريقة تخدم القرّاء حول العالم وترتقي بفكرهم ومعارفهم، كما نطمح إلى توظيف كل الفرص المتاحة أمامنا للارتقاء بسوق الكتاب».

وأضافت: «رغم كل الظروف التي تمر على العالم مازال قطاع النشر يتجه نحو الأفضل، ما يحتّم علينا أن نحول جميع التحديات التي تواجهه إلى فرص وأن نركز على الأفكار المستقبلية، فالجائحة ستزول وعلينا أن نواصل العمل من أجل تطوير بيئة قطاع النشر».

وثمّنت بيرميندر دور هيئة الشارقة للكتاب في تنظيم هذا المؤتمر رغم الظروف المحيطة، وتوقعت أن يحمل العام المقبل كثيراً من الآمال التي تسهم في انتعاش صناعة الكتاب.

317 ناشراً و33 متحدثاً من مختلف أنحاء العالم يجمعهم المؤتمر.

المؤتمر يكشف أثر أزمة «كورونا» على الكتاب، ويستعرض تجارب ناشرين من حول العالم.

الأكثر مشاركة