حسين غباش .. قامة فكرية إماراتية عصية على الغياب


 برحيل الكاتب والدبلوماسي الإماراتي الدكتور حسين غباش، الأستاذ بجامعة القديس يوسف في بيروت، الثلاثاء الماضي، فقدت الإمارات قامة فكرية وثقافية تركت بصمات بارزة على المشهد الثقافي والبحثي في المنطقة. إلى جانب بصماته في العمل الدبلوماسي الإماراتي، حيث شغل الفقيد الراحل منصب مندوب دولة الإمارات العربية المتحدة الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونيسكو».
وفور إعلان خبر وفاة الدكتور حسين غباش، تحول الهاشتاغ الذي دشنه محبوه باسمه إلى دفتر عزاء شارك فيه العديد من الكتاب والباحثين من مختلف الدول العربية، فغردت الدكتورة رفيعة غباش: «وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۖ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14) [الإنسان) حبيبي وصديقي وشقيقي حسين غادرنا لربه».
وقال الكاتب الإماراتي الدكتور عبد الغفار حسين: «رحم الله حسين غُباش، وأحسن الله عزاء ذويه.. تمّكن منه المرض وهو لتوّه يدخل مرحلة الشيخوخة». واصفا رحيله بالخسارة للأسرة الثقافية في الإمارات، واستطرد واصفا كتاب «عُمان، الديموقراطية الإسلامية» بأنه أحسن ما كَتبه المرحوم الدكتور حسين عُبيد غُباش من دراسات، ومن بين أحسن الدراسات التي كتبها كُتّاب إماراتيون. وهو ما اتفق معه الدكتور عارف الشيخ، مغردا: «نعم يا أبا نبيل أتفق معكم في إعجابكم بكتاب عمان للدكتور الفقيد حسين غباش وأضيف اليه كتابه الأخير محمد صلى الله عليه وسلم وهو رغم أنه مختصر إلا أنه يدل على أن مؤلفه استوعب السيرة النبوية ثم ألف فهو رحمه الله باحث عالم».
وكتبت الباحثة العمانية د. عزيزة الطائي: «لم يكن الدكتور حسين غباش رجلا عاديا عابرا بفكره، بل هو قامة فكرية ثقافية لها حضورها البهي في المشهد الثقافي الخليجي. شخص آمن بحبه للأرض وتحقيق الديمقراطية فيها. يرحل عنا اليوم بجسده إلى فضاء أرحب، لكنه سيبقى فكره وما خطه من أفكار رمزا يعيش بيننا. نعزي أنفسنا قبل أن نعزي ذويه».
مؤلفات بارزة
هذا التقدير الواسع للفقيد الراحل لم يأت من فراغ، ولكنه ثمرة ما بذله من جهود بحثية وانشغال جاد بقضايا المنطقة السياسية والاجتماعية، انعكس فيما قدمه من كتب اتسمت بالرصانة والدقة اتي جعلت منها مراجع للباحثين فيما تناولته من موضوعات. ويأتي في مقدمة هذه الكتب كتابه الأبرز «عمان الديمقراطية الإسلامية»، والذي تناول فيه نظام الإمامة الإسلامية في عُمان؛ وهي تجربة حكم امتدّت أكثر من ألف عام. وبرز اهتمام د. حسين غباش بقضايا الوطن العربي في كتابه «فلسطين – حقوق الإنسان وحدود المنطق اليهودي» الذي قدم فيه دراسة حول الادعاءات الصهيونية التي تستخدمها للترويج لنفسها، وتناول أوضاع وحقوق الانسان الفلسطيني في إسرائيل، وغيرها من المحاور التي تكشف ما يتعرض له الفلسطينيون من انتهاكات.
وفي مجال الدراسات الإسلامية قدم د. غباش إسهامات بارزة منها كتاب «التصوف: معراج السالكين إلى الله» الذي يكشف عن فهم عميق للصوفية متجاوزا الطقوس إلى المعاني والدلالات، والبحث في الجوهر الحقيقي للدين، ويقدم الكتاب رحلة لاكتشاف التراث الروحي للتصوف واشراقاته. وكتابه «محمد: ضوء وسلام للبشرية»، والذي يشير فيه الراحل إلى أن كتابة سيرة النبي، صلى الله عليه وسلم، ليست مجرد تسجيل تاريخي عادي كما يحدث في السير الأخرى لباقي البشر، وإنما هي فعل إيماني تعبّدي لله عز وجل، ويقول عن ذلك: «إن كتابة السيرة ليست كأي كتابة، بل هي كناية عن فعل إيماني محض، والتأمل في حياة الرسول الأكرم، هو تأمل في الإسلام الروحي المحمدي، الذي جسده (صلى الله عليه وسلم) في حياته قولاً وفعلاً، بحيث أصبحت حياته وأقواله هي الأنوار المشِعة للقرآن المكتوب، ومن شأن معايشة السيرة بكل تفاصيلها، والعودة إلى مصادر النبع الصافي للإسلام، أن تُثمِر إيمان المسلم وتُزكيه».

 

تويتر