شاركت في منصة المعرفة التي نظّمتها هيئة تنمية المجتمع في دبي

أم صدمتها الحكايا البشعة عن طفلتها فتحولت إلى كاتبة قصص

صورة

تحوّلت لينا أبوسمحة، الحاصلة على بكالوريوس في علوم التغذية، إلى كاتبة قصص على يد طفلتها «مريانا»، وذلك بعد أن عجزت عن العثور على قصة تليق بمشاعر صغيرتها، الصغيرة التي تتوق لقراءة قصة تسطرها كلمات الأمل وصور البهجة وروح الألوان، مقابل عثورها على عشرات القصص المتوافرة، التي تتحدث عن مريانا وأقرانها بازدراء وبشاعة، قصص جرحت قساوتها قلب الأم، التي أبت أن تمتد بشاعتها لجرح عيون وعقل طفلتها، فقررت أن تكتب هي بنفسها قصة لها، قصة استهلت بها سلسلة من القصص التي تحترم إنسانية أطفال لا ذنب لهم إلا أنهم خلقوا ولديهم احتياجات خاصة. «الإمارات اليوم» التقت أبوسمحة، على هامش مشاركتها في أعمال وجلسات منصة المعرفة التي نظمتها هيئة تنمية المجتمع في دبي، ضمن فعاليات «إكسبو أصحاب الهمم»، الذي عقد أخيراً في دبي. تقول أبوسمحة إن طفلتها مريانا، ولدت مصابة بشلل دماغي، تركزت أضراره الصحية على تعطيل الحس الحركي في الجزء السفلي من جسمها، لكنه لم يؤثر في قدراتها العقلية، فهي طفلة ذكية ومميزة، ولديها احتياجات وإنسانية، مثل أي طفل آخر.

وتروي «أبوسمحة»، التي تعيش في الأردن، ومنها قدمت للمشاركة في معرض ومؤتمر «إكسبو أصحاب الهمم»، كيف تحولت إلى كتابة القصص، فقالت «حين بدأت أبحث لطفلتي عن قصة مصورة تتحدث عن أطفال لديهم المشكلة نفسها، لم أكن أتخيل أن أجد قصصاً تصور مريانا وأمثالها من الذين لديهم إعاقات مختلفة، بهذا الكمّ من القسوة والبشاعة التي لا يمكن أن يشعر الطفل عند تصفّحها إلا أنه عاجز وقبيح».

وتقول «أبوسمحة» إن سبب بحثها عن قصة تسعد طفلتها جاء بعد موقف حصل لها خلال قراءتها قصة للأطفال لـ«مريانا» وشقيقها التوأم «جعفر»، الذي لا يعاني من أي نوع من الإعاقات، والذي خلال قراءة القصة لهما، شاهد في صفحاتها صورة طفل يجري، فقال لأخته: «هذا مثلي، أنا أيضاً أستطيع أن أركض، لكن أنت لا تستطيعين»، فردت مريانا: «لا، أنا أيضاً أعرف أركض، لكن لدي جهاز يساعدني على المشي». كان هذا الموقف كافياً لها كأم كي تبدأ في رحلة غيرت حياتها وحياة طفلتها، موقف دفعها للبحث الحثيث عن قصص جميلة ومشجعة تقول لـ«مريانا»: «أنت تستطيعين، وغيرك من الأطفال أيضاً يستطيعون، ولكن بشكل مختلف».

وعرضت «أبوسمحة» أمثلة ونماذج على اللغة والصورة الجارحة التي تنقلها تلك القصص عن هؤلاء الأطفال، فأشارت إلى واحدة تصف طفلاً لديه متلازمة داون، فتقول عنه إنه «شخص رأسه صغير، عيناه مائلتان، لسانه كبير، بطنه قصير، وعقله ضعيف، وعنده مشاكل في العقل والمريء». وتتابع أن قصة أخرى تروى على لسان طفل يقول: «أخي لديه شيء اسمه توحّد، حركاته تبدو كأنها تعبّد، يهز رأسه إلى الخلف والأمام، تدريبه جهاد، ونومه عبادة».

أما قصة أخرى، فتروى على لسان والد ينقل ما قاله طبيب له ولزوجته عن طفلهم، فيقول الأب: «لم يذكر الطبيب شيئاً عن الأسباب، لكنه أعطانا درساً عن الإنجاب والحمل والجينات، وقال لنا إن ابننا سيعيش في سبات، وسيبقى عبئاً مدى الحياة، وإننا سنرجو لو أنه قد مات». وترى «أبوسمحة» أن ذلك مؤذ لمشاعر أي طفل، وأنه لا يمكن أن يتوافق مع ما وصل إليه العالم من وعي وتحضر في التعامل مع الإنسان. وتابعت أنها بعد الاطلاع على عشرات من تلك القصص، أصابتها كآبة، وقضت فترة وهي منكفئة، وتبكي باستمرار، لأنها ليست فقط لم تجد قصة تليق بهؤلاء الأطفال، بل وجدت النقيض تماماً، وهو ما وصفته بـ«قصص ترسخ وتدعم التمييز والدونية، بدل أن تجتهد في توعية المجتمع، وحثه على احترام قدرات هؤلاء الأطفال، ودمجهم في المجتمع». إلا أن «أبوسمحة»، بعد أيام عدة، استجمعت إرادتها، وأصرت على أن تجد الحل، فقررت أن تكتب هي بنفسها قصة لطفلتها.

وكانت البداية مع قصة «سنطير إلى البيت»، وتقول عنها «أبوسمحة»: «لا يمكن تخيل فرحة مريانا بالقصة، وكيف صارت تشير إلى صورة الطفلة التي تلعب وهي تستخدم جهازاً للمشي»، وتقول: «هذه أنا وهذا أخي نلعب معاً».

«مريانا» التي أمسكت بيد والدتها نحو عالم القصص الجميلة عن أطفال لديهم احتياجات خاصة، طفلة ذكية ومميزة، يبلغ عمرها اليوم ست سنوات، وهي في الصف الأول ابتدائي، وقد أظهرت نتائج درجاتها حصولها على معدل 96% عن الفترة الأولى من العام الدراسي.

تطبيق خاص للقصص

كتبت لينا أبو سمحة  أربع قصص مصورة للأطفال حتى الآن تحت عنوان"سنطير إلى البيت" و "جعفر يتحدى سعيد" "أجمل مما سبق" و "الهديّة الجميلة" ، وتسعى للاستدامة بكل قصة تنشرها لنشر المزيد و حالياً تعمل على تطوير تطبيق جديد من نوعه على مستوى العالم العربي لتعزيز الصور الإيجابية لأصحاب الهمم . و تصرّ على العمل، و الاستمرار مع كل التحديات التي تواجهها كرائدة أعمال حتى لو لم تحصل على أي تعاون من أي مؤسسة أو جهة معينة بالطفولة، فهي لديها تطلعات كبيرة لخدمة الأطفال أصحاب الهمم و العمل على دمجهم بطريقة مختلفة و لطيفة على حد تعبيرها.

• لينا أبوسمحة قررت أن تكتب هي بنفسها قصة لطفلتها، استهلت بها سلسلة من القصص تحترم إنسانية أطفال لا ذنب لهم.

تويتر