خلال المؤتمر الخليجي للتراث والتاريخ الشفهي في أبوظبي

مثقفون: التسامح ضرورة وليس ترفاً وكلمات وردية

صورة

أكد مثقفون وباحثون خليجيون وعرب أن المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أيقن منذ البداية أن التسامح هو حجر الأساس في بناء الأمم والمجتمعات، وهو كذلك نهج الدين الإسلامي والتقاليد العربية الأصيلة، ولذلك جعله من القواعد الراسخة التي بنى عليها دولة الإمارات، مشيرين إلى أن قيادات الدولة ساروا على نهج الوالد المؤسس بطرح مبادرات ومشروعات كبرى جعلت مجتمع الإمارات نموذجاً للتسامح والتعايش بين ما يزيد على 200 جنسية.

وأضافوا خلال مشاركتهم في جلسات «المؤتمر الخليجي السابع للتراث والتاريخ، الشفهي»، الذي انطلق، صباح أمس، بمنارة السعديات في أبوظبي، تحت عنوان «زايد والتسامح.. ثقافة مجتمع ونهج قيادة»، أن التسامح لا يعني التخلي عن ثوابت الدين والتماهي مع معتقدات الآخر، ولكن قبوله والتعايش معه.

أسس ثابتة

وأشار الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، إلى اهتمام المغفور له الشيخ زايد، الكبير بالقيم الإنسانية النبيلة، ودورها في تشكيل الحياة على أسس ثابتة من التعايش والتواصل الإيجابي بين الجميع، من أجل تحقيق الخير والرخاء والاستقرار للجميع، موضحاً، خلال كلمته بالمؤتمر، أن وزارة التسامح قامت بدراسة مستفيضة لفكر وأعمال الشيخ زايد، في تعميق مبادئ التعايش والتسامح بين البشر.

وأضاف الشيخ نهيان بن مبارك: «من خلال هذه الدراسة، اعتمدت الوزارة تعريفاً واضحاً ومحدداً عن عناصر التسامح، التي أرساها القائد المؤسس في المسيرة الناجحة للدولة، وهو التعريف الذي يحدد معاني التسامح في الإمارات ذاتها، وهذه العناصر هي: أولاً التسامح في فكر زايد وفي الإمارات هو تجسيد حي لتعاليم الإسلام الحنيف، وتعبير طبيعي عن الاعتزاز بعظمة التراثين العربي والإسلامي، وعن الاعتزاز بالهوية الوطنية، وهو بذلك تسامح من الجميع مع الجميع، دون تفرقة أو تمييز بين بني البشر، على أساس النوع أو الجنسية أو المعتقد أو الثقافة أو اللغة أو القدرة، أو المكانة، وهو تسامح يؤدي إلى التآلف والتراحم والحوار والتعايش بين الجميع من أجل منفعة الجميع».

وذكر أن العنصر الثاني يتمثل «في الإدراك الواعي بأن التعددية والتنوع في خصائص السكان مصدر قوة للمجتمعات البشرية، وأن هذه القوة تتحقق على أرض الواقع، من خلال إتاحة الفرصة أمام الجميع للإسهام الكامل في مسيرة الوطن، ويؤكد العنصر الثالث على أهمية تنمية المعرفة بالبشر أجمعين، والانفتاح عليهم بإيجابية وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والتخلص من الصور النمطية السلبية عن الآخرين».

في حين يكشف العنصر الرابع، كما أوضح الشيخ نهيان بن مبارك، «عن تعبير قوي من القيادة والشعب، عن الحرص الكامل على توفير الحياة الكريمة لجميع السكان، وأن القادة والشعب في الإمارات ملتزمون تماماً بالقيم النبيلة التي يشترك فيها جميع بني الإنسان، وبتحقيق العدل وسيادة القانون والتعايش السلمي بين الجميع، فالتسامح في الإمارات هو أسلوب ناجح للتعامل مع النزاعات ونشر المحبة والسلام، فالتسامح ليس فقط واجباً أخلاقياً بل هو كذلك أداة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، والتقدم الاجتماعي والاقتصادي المنشود، وهو الطريق إلى بناء علاقات دولية إيجابية في عالم يتسم بالتنوع والتعددية، في السكان والثقافات».

وأكد الشيخ نهيان بن مبارك أن «تحقيق التسامح والتعايش في المجتمع يتطلب توافر عوامل متعددة، أهمها قيادة حكيمة وشعب مسالم، يحرصان معاً على تحقيق كل ما يرتبط بالتسامح، من نهضة مجتمعية واقتصادية شاملة، بالإضافة إلى تعاون مؤسسات المجتمع كلها، في أداء دورها المرتقب في هذا السبيل، فضلاً عن وجود تشريعات ملائمة، تدعم تكاتف الجميع من أجل مكافحة التعصب والتطرف، وبيئة مجتمعية متكاملة تحث على احترام الآخر، والتمسك بالقيم والمبادئ الإنسانية التي يشترك بها البشر في كل مكان».

على النهج

من جانبه، قال وكيل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، سيف سعيد غباش، إن المؤتمر يأتي بالتزامن مع تسمية هذا العام عام التسامح في الإمارات، لإبراز دور الباني المؤسس المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في غرس قيمه الأصيلة في ثقافة وسلوك مجتمع الإمارات، لتكون أرض الإمارات مهداً للتسامح، وليكون شعب الإمارات أنموذجاً للعيش المشترك والحوار والاعتدال والانفتاح على كل الثقافات. بينما أكد الدكتور عائض الزهراني، في كلمة الوفود المشاركة بالمؤتمر، أن الشيخ زايد أسس الإمارات على نهج التسامح والقيم الحضارية والإنسانية الراقية، وسار على نهجه أبناؤه بطرح المبادرات العظمى والمشروعات الكبرى المتنوعة والمتعددة لتصبح الإمارات جسراً للتواصل بين شعوب العالم، وتتفاخر ببيئة منفتحة تحترم مختلف الثقافات وتنبذ التطرف وتشجع على التسامح.

النقيض

واختار سفير المملكة العربية السعودية لدى الإمارات، تركي الدخيل، في مداخلته، خلال الجلسة الأولى، التي أدارها الدكتور نصر عارف، التطرق إلى نقيض التسامح وهو التطرف، مؤكداً أن المتطرفين ليسوا نبتاً شيطانياً، فهم يستخدمون نصوصاً نؤمن بها جميعاً، لكن يوظفونها وفق مفاهيم تتماشى مع أفكارهم، مثل مفهوم السخط الذي طرحه سيد قطب، واستندت إليه الجماعات المتطرفة، ووصف المجتمع بالجاهلي، بما يفرض على عضو الجماعة عزلة شعورية عن أهله ومجتمعه طالما أنهم خارج الجماعة والتنظيم.

ورأى الدخيل أن التسامح ليس ترفاً أو فكرة وردية، ولكنه ضرورة لمجتمعاتنا، وهو لا يعني الخروج عن الديانة واعتناق ديانة الآخر، ولكن ترك مساحة للآخر ليؤمن بمعتقداته.

بينما تطرق راعي كاتدرائية الأنبا أنطونيوس للأقباط الأرثوذكس في أبوظبي، القس بيشوي فخري أمين، إلى أهمية التسامح باعتباره قيمة إنسانية عظمى، وعموداً من أعمدة بناء المحبة، إذ يمثل مبدأ التسامح موقفاً مركزياً في تعاليم الأديان.

وأعرب عن تقديره لجهود المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في ترسيخ قيمة التسامح بالمجتمع، وحرص قادة الإمارات على الاستمرار على النهج نفسه، بما جعل الدولة أنموذجاً للتعايش بين ما يزيد على 200 جنسية.

رسائل لكل الجنسيات

واستعرض مدير عام مركز جامع الشيخ زايد الكبير، الدكتور يوسف عبدالله العبيدلي، في مداخلته بالجلسة الثانية، إحصاءات للمركز تؤكد أن التسامح في الإمارات ليس مجرد كلمة أو شعار، ولكنه إيمان راسخ في المجتمع، وينعكس في أفعال مؤسسات الدولة مثل مركز جامع الشيخ زايد الكبير، الذي يستقبل زواراً من مختلف الجنسيات.

وأفاد بأن مرتادي الجامع في عام 2018، بلغوا ستة ملايين و150 ألفاً و271 شخصاً، منهم ثلاثة ملايين و807 آلاف و94 زائراً.

وأشار العبيدلي إلى أن رسائل التسامح في المركز لا تقتصر على عدد الزوار وجنسياتهم، أو الفعاليات الرمضانية، لكنها تظهر في تصميم المركز وتعدد جنسيات فريق العمل من مهندسين وفنانين وعمال من مختلف أنحاء العالم.

«كيف نعزز ثقافته»

جاءت مداخلة المفكر الدكتور يوسف الحسن، خلال المؤتمر، بعنوان «لماذا ننشر التسامح وكيف نعزز ثقافته في العقول والسلوك»، وركزت على أربعة محاور، هي: المفهوم الصحيح للتسامح، ولماذا ننشد التسامح في مجتمعنا، وكيف نعزز ثقافة التسامح في العقول والسلوك، وهل كان لفكرة ثقافة التسامح مكان في الخطة الاستراتيجية الثقافية الخليجية المشتركة، مؤكداً أن الحاجة باتت ملحة لنشر ثقافة التسامح في مرحلة تشهد تحولات سريعة وعميقة، وتتطلب آليات عملية وعصرية للحوار مع الآخر.

بينما تحدث الإعلامي الدكتور محمد قدسي عن ذكرياته مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ومواقفه في حرب أكتوبر، وعن التسامح في شخصية زايد وفكره، وفي سياسة دولة الإمارات وعطائها للعالم.

- التسامح ليس فقط واجباً أخلاقياً، بل أيضاً أداة أساسية للتنمية الشاملة والمستدامة.

- التسامح حجر الأساس في بناء  الأمم والمجتمعات.

تويتر