أحدث أعمال المؤلفة الإيطالية فرانشيسكا دلأورتو الصادر عن دار «كلمات»

«الهوى».. حكاية صامتة أبطالها العشق والريح والحياة

صورة

من الصفحة الأولى، يأخذك كتاب المؤلفة الإيطالية فرانشيسكا دلأورتو، في رحلة نحو حكاية العلاقات الإنسانية، والمدى الذي تخلفه الدهشة حينما يكون الصمت هو البطل في العمل الإبداعي، فالكتاب الصادر عن دار «كلمات» للنشر، والذي أطلق في الدورة الـ11 من مهرجان الشارقة القرائي للطفل 2019، يعدّ بمثابة تتويج لمسيرة الكتابة الأدبية والإبداعية في مجالات المسرح والأوبرا والسينما والتلفزيون، والأهم من ذلك أن هذا الكتاب هو قصةٌ تتوجه إلى القارئ مباشرةً، من خلال الرسوم التي تروي بقيمتها الفنية الحكاية كلها.

اختارت دلأورتو للكتاب عنوان «الهوى»، لتفتح أمام القارئ عالماً من حكايتها بالرسوم فقط، معتمدة على الألوان والزخارف والتفاصيل الكثيفة التي تركتها تتقمص دور الراوي، وتكتشف عالم الحب بأبهى صوره.

ويقدم «الهوى» قصة حبّ من نوع غير مألوف أبطالها العشق والريح والحياة، وتنعكس تفاصيلها الرقيقة على الصفحات الوردية كما لو كانت مسرحيةً رومانسيةً، حيث يسرد بالرسوم حكاية فريدة لزوجين مسنّين يجسدان فكرة كيف يمكن لهموم الحياة ومشكلاتها أن تُنهِك الإنسان، فلا يعود قادراً على الارتقاء إلى مستوى أحلامه.

وحول كتابها، تقول دلأورتو، لـ«الإمارات اليوم»: «أجد نفسي في عالم المسرح، لهذا درست فنون تصميم الأزياء، عندما أبدأ بتأليف كتاب، أتعامل معه كما لو كان عملاً مسرحياً مكوناً من شخصياتٍ وسلسلةٍ من المشاهد التي تعرض قصةً معينةً»، وأضافت «أقوم برسم كل عنصر على حدة، وأقوم بتحريكها كما لو كنت مخرجاً يوجه الممثلين، وأضع أجزاء التصميم المسرحي والأشياء على خشبته بالطريقة التي تعكس تصوره للأحداث».

وحول السبب وراء اختيار دلأورتو لزوجين كبيرين في السنّ، ليكونا بطلَي القصة، قالت: «اخترت أن يكون البطلان زوجين كبيرين في السنّ لإبراز أهمية الوقت، ولأظهر كيف أن العلاقة بينهما يمكن أن تستمر، وتتحدى الزمن، في الوقت نفسه أردت أن أسلط الضوء على بعض السمات المهمة التي تتميز بها الشخصيات الكبيرة بالسنّ، مثل الضعف والإنسانية، والمعرفة التي تتراكم عبر السنين وتترك آثارها في نفوسهم كما يترك الزمن تجاعيده على وجوههم».

يصوّر الكتاب، في صفحاته الأولى، بطلي القصة وهما يحاولان تصميم وإنشاء مجموعة خاصة من الأشياء المحببة لهما، فنجد الرجل العجوز الذي يحب النباتات قد بدأ في دراستها وجمعها، بينما تعشق السيدة العجوز الطيور، فتبدأ هي الأخرى في دراستها وجمعها.

وهنا يظهر التحدي الذي يواجه هذين الزوجين في إيجاد مساحة خاصة ليتشاركا من خلالها الحياة، على الرغم من تباين اهتماماتهما (النباتات) و(الطيور)، أو بمعنى آخر الأرض والسماء، وهما عنصران متعاكسان لكنهما في الوقت ذاته منسجمان معاً في الطبيعة الأم، كلّ هذه النباتات والطيور والأشياء والأوراق ترمز إلى مشاغل الحياة اليومية، وهي التفاصيل المعتادة الروتينية التي يمكن أن تملأ جميع أوقاتنا وحياتنا وتتحول إلى جدار يحول بيننا وبين أحبائنا.

العنصر الرئيس في الكتاب هو «الريح»، الذي يفسر العلاقة بين السماء والأرض، والدلالة الرمزية للحبّ أيضاً، حيث يواجه «الزوجان» الرياح – الصعوبات - في حياتهما، وهناك لحظات تكون فيها قوية جداً، وفي بعض الأوقات يبدوان كأنهما لا يقدران على مواجهة المصاعب، وفي وقت آخر نراهما ضعيفين للغاية، وهشاشتهما ظاهرة، لكن الأمر الأكثر أهميةً في القصة هو أنهما رغم كل شيء يبقيان معاً ولا يهربان، «ربما تهبّ الرياح مرة أخرى، لكن الحبّ يبقى متّقداً، فقصتهما تجسد كيف يقع الإنسان في الحبّ، ويتألم، وينسى، وينهض ثم يقع في الحب من جديد، ليعود أقوى من أي وقت مضى».

لا تنتمي رسومات دلأورتو إلى أية مدرسة معينة، بل هي مزيج إبداعي يجسد براعتها في مجالات فنية عدة، تترجم إبداعاتها المميزة إلى مؤلفات أدبية موجهة للكبار والصغار واليافعين.

بلا كلمات

تعمدت دلأورتو عدم إضافة أي كلمة إلى عنوان كتابها «الهوى»، لتسمح للقارئ بوضع التفاصيل الخاصة به لإثراء القصة، حيث أشارت إلى ذلك بقولها: «أعتقد أنه من المهم للإنسان، خصوصاً بالنسبة للطفل، اكتشاف العالم من خلال عينيه أو عبر نافذة الصورة، إذ يتيح الكتاب الصامت للطفل اكتشاف القصة خطوةً بخطوة، ويرشده للبدء في قراءة الفكرة الرئيسة للكتاب، واكتشاف أشياء جديدة في كل مرة يعيد فيها قراءتها، ومع الوقت يصبح قادراً على ربط التفاصيل معاً، وإضافة عناصر تعكس قصته أو تجربته الشخصية».

فرانشيسكا دلأورتو:

«أتعامل مع الكتاب كما لو كان عملاً مسرحياً،

مكوناً من شخصيات وسلسلة من المشاهد،

التي تعرض قصةً معينةً».

تويتر