عملت في التعليم.. وأسهمت بتأسيس الاتحاد النسائي
جميلة الشمس.. شاهدة على مسيرة أبوظبي منذ زمن البنايات المعدودة
ستظل شخصية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسيرته، مصدر إلهام لمن عرفه عن قرب، وتعلّم في مدرسته من جميع الجنسيات، ومن هؤلاء جميلة الشمس التي قدمت إلى أبوظبي من البحرين عام 1968، وحظيت بأن تتعرّف إلى الشيخ زايد، والعمل وفق توجيهاته، سواء خلال عملها في دائرة التربية والتعليم (حينها)، أو في عملها بالاتحاد النسائي العام في أبوظبي، في وقت مبكر، وشهدت بدايات تأسيسه.
وقالت جميلة الشمس: «عندما رأيت المغفور له الشيخ زايد للمرة الأولى شعرت بالانبهار من شخصيته، وما يتمتع به من صفات نادرة، فقد كان يجمع بين الشخصية القوية الواعية، والتواضع وسعة الصدر والمحبة للكبار والصغار على السواء»، مشيرة إلى الاهتمام الكبير الذي أولاه، طيب الله ثراه، للمرأة في المجتمع، وما بذلته - ومازالت تبذله - سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، في هذا المجال، وما تتمتع به سموها من تواضع وقوة إرادة وحنان وحرص على دعم المرأة لتحقق ذاتها، وهي صفات لمستها عن قرب أثناء تعاملها مع «أم الإمارات».
وأضافت الشمس، في حوارها مع «الإمارات اليوم»، أنها قدمت إلى أبوظبي في شهر سبتمبر عام 1968، بعد أن انتقل زوجها للعمل بالجمارك للعيش فيها، وكان شقيقها يعمل في سلسلة «ابيلا»، وكان يحضر من البحرين لتزويد المحال التابعة للشركة في أبوظبي وجزيرة داس بالمواد الاستهلاكية، موضحة أن الحياة في أبوظبي في ذلك الوقت كانت بسيطة وصعبة في الوقت نفسه، إذ كانت البيوت شعبية ومتواضعة، وكان من الصعب العثور على مياه عذبة، ولم تكن هناك سوى بنايات معدودة، والسوق كانت من السعف، أما الطرق فكانت عبارة عن رمل وحجر دون أعمدة إنارة أو أرصفة، وكان المطار في البطين بمدرج رملي، ولا توجد فيه سوى غرفتين تتم فيهما إجراءات دخول ومغادرة المسافرين.
مسيرة حافلة
وعن مسيرتها المهنية؛ ذكرت جميلة الشمس، التي كرمتها سمو الشيخة فاطمة تقديراً لعطائها، أنها بعد شهر تقريباً من وصولها لأبوظبي التحقت بالعمل كمعلمة في مدرسة اليرموك الابتدائية، وكانت المدرسة الوحيدة للإناث في المدينة، ثم رشحتها سيرتها المهنية للانتقال للعمل في دائرة التربية والتعليم، وكانت المرأة الوحيدة في الدائرة التي ضمت أربعة مكاتب و12 صفاً للطلاب البنين، وغرفتين خاصتين بالعيادة، ثم عادت للعمل في مدرسة اليرموك نظراً لظروفها الصحية وقتها.
ولفتت إلى أنها، خلال تلك الفترة، نظمت عدداً كبيراً من المعارض للأشغال اليدوية، لتسليط الضوء على ما تنفذه الطالبات من لوحات ومطرّزات وسلال وإطارات صور، وغيرها من المشغولات التي يمكن الاستفادة منها في بيوتهن، إلى جانب تنفيذ مجسمات تراثية، وكانت تتخلل تلك المعارض عروض استعراضية ومسرحية وأناشيد تقدمها الطالبات.
وتابعت الشمس: «كان لقائي الأول بالمغفور له الشيخ زايد خلال أحد هذه المعارض، إذ قدم المغفور له لافتتاح المعرض الذي أقيم في (ثانوية أم عمار)، وكانت وقتها تقع في شارع حمدان، يرافقه عدد من الشيوخ وكبار الشخصيات والسفراء والأعيان، وأولى الصفات التي أثارت انتباهي في شخصية الشيخ زايد إنسانيته العالية وتواضعه واهتمامه بكل ما يراه، فقد حرص على أن يتحدث إلى الطالبات ويسأل كلّ واحدة منهن عن المشروع الذي تقف إلى جانبه، وعندما وصل لمجسم (حديقة الحيوانات) وجد طفلة تم تكليفها بشرح المجسم، فسألها ما هذا؟ فقالت له: (حديقة الحوايانات) وحاول، رحمه الله، تصويب لفظها للكلمة مرات عدة، ومساعدتها على تهجئة الكلمة وهو يضحك قبل أن يمسح على رأسها، ويكمل جولته».
وأكدت أن هذه الزيارة، وزيارات الشيخ زايد لمعارض أخرى تالية، كشفت لها روعة شخصيته، وعطفه ومحبته للكبار والصغار؛ ما مكّنه من كسب قلوب المحيطين به.
الاتحاد النسائي
نقلة أخرى في حياتها المهنية تتطرّق إليها جميلة الشمس، وهي التحاقها بالعمل في الاتحاد النسائي العام، بتكليف من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، بعد تأسيسه عام 1975، ولم يكن في الاتحاد وقتها سوى الشيخة نورة النعيمي، التي كانت مديرة فخرية للاتحاد النسائي وأول مديرة له.
وتصف مقر الاتحاد النسائي في ذلك الوقت، قائلة: «عندما فتحت البوابة نظرت حولي فلم أجد سوى بناءين صغيرين قديمين، وأرض رملية واسعة وغير مستوية، وليس في المكان ماء أو كهرباء، وأمضيت شهوراً أتنقل بين الجهات المكلفة ببناء وتعمير المقر وتجهيزه بكل المستلزمات، حاملة رسائل من سمو الشيخة فاطمة للتعاون في العمل، وعلى الرغم من الوقت الطويل نسبياً الذي استهلكناه لاستكمال أعمال البناء، فإن سمو الشيخة فاطمة لم تعرف الكلل، وحرصت على معرفة كل التفاصيل المتعلقة بالاتحاد، وكانت حريصة على زيارة المكان للاطمئنان على سير العمل، وتوفير متطلباته، كما زار الشيخ زايد المكان وأمّن كل ما يحتاجه، وخلال عام ونصف العام تغيّر المكان من أرض بور إلى مبانٍ وحدائق مزروعة بمختلف أنواع الأشجار والورود».
وأشارت الشمس إلى أن مبنى الاتحاد النسائي منذ افتتاحه رسمياً استقبل وفوداً رسمية من داخل الدولة وخارجها، وكذلك شهد زيارة عدد كبير من الشخصيات العالمية والعربية البارزة، إلى جانب العديد من الوزراء والشخصيات السياسية والعامة. ومع زيادة ضيوف الاتحاد من كبار الشخصيات، تم التوسع في مبنى الاتحاد وإضافة مجلس كبير للزوار، وقاعة احتفالات، ومسرح كبير. ومن أجل تكريس التراث الإماراتي، والحفاظ على الحرف التقليدية، وإتاحة فرص للعمل أمام سيدات إماراتيات؛ أنشأ الاتحاد النسائي، بحسب ما أوضحت الشمس، مشروع مركز الصناعات اليدوية والبيئية، وتم تعيينها مديرة له في عام 1978، إلى جانب عملها نائباً لمديرة الاتحاد، وتطوّر دور المركز من مرحلة إنتاج المشغولات التراثية، إلى تدريب السيدات والفتيات، ثم إقامة المعارض داخل الدولة وخارجها: «كما طرحت على الشيخ زايد خلال زيارته للاتحاد فكرة إنشاء معرض دائم لعرض منتجات المركز، والهدايا التي تتلقاها سمو الشيخة فاطمة، وتعريف الزوار بعادات وتقاليد مجتمع الإمارات، وعلى الفور أمر، طيب الله ثراه، بتنفيذ الفكرة».
40 عاماً

أوضحت جميلة الشمس أن اعتزازها بتجربتها في أبوظبي، وبما تعلمته من العمل لفترة بالقرب من المغفور له الشيخ زايد وسمو الشيخة فاطمة، دفعها إلى تدوين جوانب من هذه التجربة في كتابها «مسيرتي خلال أربعين عاماً في أبوظبي»، الذي صدر العام الماضي بالتزامن مع الاحتفاء بـ«عام زايد».
اهتمام المؤسس
أكدت جميلة الشمس اهتمام المغفور له الشيخ زايد بالجميع، وحرصه على تحسين أوضاعهم، مضيفة أنه «في إحدى زياراته للاتحاد النسائي ومركز الصناعات، سألني: (كم راتب الحريم مقابل اللي بيشتغلونه؟)، فأجبت: (وزارة الشؤون الاجتماعية تصرف لكل سيدة مبلغاً بسيطاً، مع أنهن يشتغلن كل يوم من الثامنة صباحاً)، فوجّه على الفور بتوظيفهن في الوزارة، وبالفعل عينت 20 سيدة حسب الشواغر الموجودة، وصرفت مكافآت شهرية لبقية السيدات، خصوصاً أن 100 سيدة منهن كن عازبات وأرامل».
جميلة الشمس :
- «أولى الصفات التي أثارت انتباهي في شخصية الشيخ زايد إنسانيته العالية، واهتمامه بكل ما يراه».
- «الحياة في أبوظبي، في ذلك الوقت، كانت بسيطة وصعبة في الوقت نفسه، إذ كانت البيوت شعبية».
1968
العام الذي قدمت فيه جميلة الشمس، للمرة
الأولى، إلى أبوظبي من البحرين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news