معرض للفنان حسام بلان في «ذا وورك شوب» غاليري

«واقع اللاشعور».. تفاصيل يومية ونافذة على الأمل في دبي

صورة

يقدّم الفنان السوري حسام بلان عالمه الخاص في اللوحات التي يرسمها، إذ يضع شخوص لوحاته في حالات متنوعة تغمرها التفاصيل اليومية البسيطة التي يعايشها الرسام. يحمل المعرض عنوان «واقع اللاشعور»، في «ذا وورك شوب» غاليري دبي، ويجيد الفنان التوغل في اللاشعور عند شخوصه التي يقدمها على اللوحة، فيعبر من خلال الوجوه المتنوعة عن حالة الصراع في المجتمع، وكذلك التعايش في مكان ما، ليرصد تفاعل الأشخاص مع بعضهم بعضاً، مع الإبقاء على مساحة من الأمل والحلم في اللوحات مهما كان الواقع أليماً.

اللوحة التي يقدمها بلان غنية بحركات الشخوص التي يرسمها، فالمساحة البيضاء على الكانفاس تتحول الى مساحة تعج بالحياة، مع تعمده اللعب على الأبعاد في اللوحة، بتكبير جهات محددة من الجسم أكثر من غيرها. هذه الشخوص لا تحمل الكثير من الملامح، الأمر الذي يجعلها تكون أقرب الى أيقونات منها الى شخوص، كما يعتمد التكوين اللوني القائم على النسبة الذهبية، وهذا ما يوجِد في ألوان اللوحات حالة خاصة من الضوء والنور، فنجده أحياناً لا يلقي بظلال الأشخاص على الأرض، بل يبقيها محمولة مع الأشخاص أنفسهم.

تحكي أعمال بلان قصصاً متعددة، فنجدنا أمام أسلوب سردي ينتقل من عمل لآخر، فاللوحة التي يقدمها تزخر بالحياة والطاقة، فبينما نكون أمام حالة من الرقص والفرح، نجدنا أمام مشهد العائلة التي تجتمع على المائدة لتناول العشاء، أما في اللوحة التي يصور فيها شخصين بجوار بعضهما بعضاً بالقرب من نافذة، فنجده يعرض حالة من الأمل الذي لابد أن يأتي بعد الصراع، فهذه النافذة هي نافذة على الأمل، وكأنما هناك حالة من الترقب تفرضها اللوحات لتتحول الى أمل محقق لا محالة.

يبرز في المعرض الذي يستمر حتى 20 أبريل، عمل بلان على التكوين بأسلوب شرقي بحت، فنجده يعرض الأشخاص على المائدة بأسلوب لوني يبرز الظلال على الكتلة نفسها، ويستخدم التدرجات اللونية من خلال الأتربة اللونية المتعددة، الأمر الذي لا يخلق حالة من النور الكبير في العمل، بقدر ما نجده مشعاً بهذه التدرجات. ولكن عمله على التفاعلات البشرية، يأخذ حيزاً كبيراً من لوحاته، وهذا ما نجده في غالبية اللوحات التي يتفاعل فيها الشخوص مع بعضهم بعضاً، كلوحة الراقصين التي يجسد فيها الذكر والأنثى، ويحرك الشخوص بمجموعة من الألوان، ويبرز الفرح والسعادة بكل تفاصيلهما. هذا الفرح الذي نجده في هذه اللوحة، يستكمله مع لوحات يقدم فيها عازفين، فيبرز في إحدى اللوحات ثلاثة أشخاص يعزفون معاً، فتبدو الفتيات وكأنهن مرتديات فساتين سوداء، فيها الكثير من التناثر اللوني، وهذا ما يجعل المتلقي منتظراً للصوت الذي سيصدر عن اللوحة. هؤلاء الأشخاص الذين يجسدهم بلان بمجموعة قليلة من الألوان، هم أشخاص يعكسون التأثير الفيومي والنوبي، الى جانب التأثير الغربي.

وجود المرح والأمل في لوحات بلان لا يلغي وجود الكثير من الجدية، وعكس الصورة الواقعية لعاطفة الأشخاص وهم في حالات كثيرة من الحزن أو المعاناة أو الصراعات، وهذا ما نجده في اللوحات الأقل تفاؤلاً، ومنها اللوحة التي تحمل مشهد الصراع بين الفتيات على حقيبة، والتي تبرز نوعاً من الطبقية وكأن هناك حالة نهب قد حدثت، الى جانب اللوحة التي تبرز فتاتين في خيمة، فهو مشهد يتجلى فيه شكل الحياة الشخصية في الخيام التي أقام فيها مجموعة كبيرة من النازحين السوريين نتيجة الأحداث التي ألمّت ببلدهم، بينما في المقابل يتحول الناس في قاعة لتماثيل أو أصنام، وكأنهم من صنع الحرب.

هذه الأعمال التي تفيض بالمشاعر والأحاسيس والانطباعات التي يحملها معه المشاهد بكل آثارها، هي لوحات عابرة للزمن، فهي تنتقل بالمتلقي من الواقع إلى الماضي والمستقبل في آنٍ واحد.

سيرة لونية

ولد الفنان حسام بلان في السويداء عام 1983. يعمل بلان محاضراً، وهو عضو جمعية المعلمين في جامعة دمشق. بين عامي 1999 و2007 شارك في مجموعة من ورش العمل مع الفنان ج.برادلي آدمز، وخوسيه فريكسانيس. شارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية، في برلين، والسعودية، وبيروت، والإمارات، بالإضافة الى مجموعة من المعارض في دمشق. ويمكن الحصول على أعماله في مجموعات فنية خاصة وعامة.


عمله على التفاعلات

البشرية يأخذ حيّزاً

كبيراً من لوحاته.

تويتر