جمعت مثقفي الإمارات بـ «ندوة الثقافة والعلوم»

120 دقيقة بين صفحات «قصتي»

صورة

تزامناً مع فعاليات شهر القراءة، نظمت ندوة الثقافة والعلوم، في دبي، جلسة نقاشية لكتاب «قصتي» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.

وشارك في المناقشة الكاتبة د.مريم الهاشمي، ومدير إدارة الآداب بالإنابة بهيئة الثقافة والفنون محمد الحبسي، ورئيس قسم الاستراتيجية في إقامة دبي خالد الهاشمي.

وحضر الجلسة، التي أدارتها صالحة عبيد، عضو مجلس إدارة الندوة، مجموعة من المثقفين الإماراتيين.

سيرة ومرجع

الكاتبة صالحة عبيد، التي افتتحت الجلسة النقاشية قالت إن كتاب «قصتي» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، كتاب سيرة ومرجع في آن، وتكمن مفاتيحه، في مقولة صاحب السمو «سيقولون بعد زمن طويل هنا كانوا، هنا عملوا، هنا أنجزوا، وهنا تربوا، هنا أحبو وأحبهم الناس».

وتابعت عبيد أن الماضي، الذي كان فيه الآباء المؤسسون، امتدادٌ لهذه الأرض، وحاضرُها المقيم في البوصلة التي تركوها، والتي أشار إليها صاحب السمو في مواضع عدة من كتابه، ومستقبلُها الذي يشكل الخلاصة التي تبنى عليها جهود اليوم الحثيثة، والتطلعات الراغبة في خلق استمرارية أكيدة للحلم الأول، الذي بدأت جذوره قبل 185 عاماً، ويراد له أن يستمر طويلاً.

وأضافت عبيد أن المتتبع لسير الشخصيات الخلّاقة على مرّ التاريخ، يدرك أن ما تكتبه هذه الشخوص، وإن جاء بلسان حالها اليومي، ومراحل حياتها، هو أمر يتمازج فيه الخاص بالعام، وإنه يوثق الشعور، ويكتب المرحلة، فبالموقف يكتب التاريخ، وبالجغرافيا ترسم الخريطة.

وتابعت أن الكتاب يرشد القادم من الأجيال، ويرسخ ارتباط الجيل الحالي بالمكان، إنسانياً وسياسياً واقتصادياً ومجتمعياً.

وأن كتاب «قصتي» تجربة غنية، قدّم من خلالها صاحب السمو قصة المسؤولية التي ستجعل كل إماراتي، ومن يشاركه الحياة والعمل والحلم على أرض الإمارات، ينتبه جيداً لأدق التفاصيل التي استندت إليها دبي والدولة بأكملها، لتتبلور وتتشكل، ليطلع على طريق العقبات والتحديات التي كان في نهايتها ما نحن عليه من إنجازات ونجاحات اليوم.

مواقف في الطفولة

الكاتب محمد الحبسي قال إن الكتاب غني بحروفه وسطوره ومؤثراته اللغوية، وأبجدياته الأدبية والثقافية والسيرة النيرة، وتضمنت الصفحات الأولى سيرة سموه في مرحلة الطفولة، وتسليط الضوء على المواقف الجميلة التي تأثر بها وظلت راسخة في وجدانه، والشخصيات التي أثرت في مسيرته، والتي كان منها أم حانية معطاءة، وجد يمسك بزمام الأمور ويديرها بالرحمة.

وذكر الحبسي أن الكتاب استعرض العديد من الدروس الحياتية التي شكلت تكوين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والتي أعطته أول الدروس في الرحمة والمحبة للناس، عبر تسليطه الضوء على الشخصية الرحيمة التي لامست حياته بقرب شديد، وهو الجد الشيخ سعيد بن مكتوم، رحمه الله.

وتابع الحبسي: وظهر ذلك في كلمات سموه «إن أعظم إنجازات جدي، رحمه الله، كانت سيرته وعلاقته مع شعبه، كان يحبهم ويحبونه، يروون عنه أنه كان يقوم قبل صلاة الفجر، يذهب إلى بئر بعيدة، يملأ دلواً كبيراً بالماء، ويأتي به للمسجد، ليتوضأ المصلون لصلاة الفجر،أي إنسان كنت يا جدي، أي قوة، وأي طيبة ورحمة، لم يحكم جدي بالخوف، بل بالرحمة والمحبة».

ويضيف الحبسي: كما تضمن الكتاب بعض المواقف التي مر بها سموه بعد تولي والده الشيخ راشد مقاليد الحكم في دبي، حيث بدأت معها أولى زياراته الخارجية، حيث رافقه سموه في زيارة إلى شاه إيران، وشاهد لمحة عن أسلوب ملك الملوك، وابتعاده الشديد بحياته وقصوره عن عموم شعبه، وكان يشاهد والده، رحمة الله عليه، يبدأ يومه في الصباح الباكر بجولته الصباحية مع الناس، ومتابعة المشروعات بنفسه مع العمال والمهندسين، واستقباله عامة الناس في مجلسه المفتوح، وتناوله غذاءه اليومي مع ضيوفه، متواضعاً جداً في سلوكه، لدرجة أن الزوار في المكتب كانوا يظنون أنه مجرد موظف.

ويكمل: «وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في ذلك الوقت في سن الحادية عشرة، واستطاع أن يلتمس بنفسه هذه المقارنة، ليأخذ أول درس في قواعد الحكم على يد والده، وأن سر نجاح الحاكم يكمن في قربه من شعبه».

ويشير الحبسي إلى أن «كتاب (قصتي) تطرق إلى أن البيئة كانت المعلم الأول لصاحب السمو، ومنحه درساً عظيماً عندما كان يأخذه والده الشيخ راشد إلى الصحراء ويعطيه دروساً في الحياة، وكيف تمنح البيئة البشر أبجديات الحياة، حيث يذكر سموه في كتابه: (كنت في السابعة أو الثامنة من عمري عندما بدأ والدي يأخذني لأحد شيوخ المناصير في الصحراء، واسمه حميد بن عمهي لأتعلم منه الصيد، وحميد لم يكن يسكن قرب الماء مثل بقية البدو، بل كان بعيداً في الصحراء مع زوجته وإبله وصقره وكلب الصيد ومضارب خيم)».

وعن دفء الأبوة يقول سموه: «من اللحظات الأولى التي لا أنساها مع والدي الشيخ راشد بن سعيد، رحمه الله، عندما كان يردفني معه على خيله كنت في الثالثة من عمري تقريباً، يردفني معه على خيله في جولاته الصباحية.. أبي والخيل ودبي.. هي ذكرياتي الأولى عن طفولتي، أبي والخيل ودبي، هي ذاكرتي التي ستبقى معي حتى النهاية».

قدوة للشباب

وعن النموذج الذي قدمه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، للشباب، وعن أبرز الإضاءات في تلك المرحلة، يقول رئيس قسم الاستراتيجية في إقامة دبي، خالد الهاشمي، إن «كتاب (قصتي) يحمل الكثير من العبر التي يجب أن تكون منهاجاً لشباب الإمارات، فمرحلة الشباب التي مر بها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مرحلة صعبة، حيث مر بمواقف وقصص صعبة، وتجاوزها بنجاح باهر، واستوقفتني عبارة عن تلك المرحلة في كتاب قصتي، حيث يقول سموه (لا أدري هل هذه فطرة أم هي مهارة مكتسبة)».

ويتابع: بعد قراءتي لمجمل حياة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، كنت أسأل نفسي عن قوة سموه في تفادي وتجاوز العقبات واكتساب المهارب وتحقيق الإنجازات في مرحلة الشباب هل هي مهارة مكتسبة أم فطرة”.

ويضيف الهاشمي أن «القارئ لطفولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يعرف أنها مزيج من الفطرة والمهارة، وكان للشيخ راشد بن سعيد دور في إرشاد وتوجيه سموه في فترة صباه، ويذكر زيارته الأولى للندن عام 1959 وعقليته ورغبته في التعرف على كل ما يشاهده في لندن، ويتذكر في أحد اللقاءات في لندن، عندما لم يعجبه تصرف أحد كبار الشخصيات، وبعنفوان الشباب، تجهم وجه سموه، إلا أن توجيهات الشيخ راشد هدّأت منه، وأعطاه إشارات بالتريث والتمهل، وكانت درساً تعلمه، وهذا التوجيه انعكس على حياته كلها، فالقيادة بحاجة دائمة إلى التعلم والممارسة وتقوية المهارات».

ويوضح الهاشمي أن «أبرز دروس كتاب قصتي هي الرسالة الواضحة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لشباب الوطن، بضرورة التخطيط، ففي أحد المواقف دخل سموه على الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، ذاكراً له أن لديه مشروعاً مهماً سيغير النظرة العامة لإمارة دبي، وكان هذا المشروع بناء مدينة متكاملة مفتوحة الأجواء للطيران، وتؤمن بمشروعية المنافسة، وتجتذب السيّاح والزوار في مختلف المشروعات والمجالات، فقال له الشيخ راشد (الناموس)، وأمهله يومين ليأتي بخطة كاملة لمشروعه، وهنا تعلم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن تحقيق أي إنجاز أو هدف يتطلب التخطيط أولاً، الهدف والتخطيط هما أساس الإنجاز».

ويؤكد الهاشمي أن «صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لم يستهدف شباب الإمارات فقط، ولكنه يستهدف شباب الخارج، وجاء ذلك عندما تطرق في الكتاب لفترة دراسته في الكلية العسكرية في لندن كلية (مومز)، وهي إحدى الكليات العسكرية ذات التدريب القاسي والطويل وعالي التركيز، وكان لديه إصرار وعزيمة لتخطي هذه المرحلة، لأن لديه مهمة وهدفاً أكبر، وهو رئاسة وتشكيل قوة لحماية الاتحاد في مرحلة بدايته، ودرس وعمره أقل من 17 عاماً في تلك الكلية، وكان يربط ما بين دراسته وهدفه المنشود في بلده، ورسالته لشباب الوطن الذين يتعلمون في الخارج، أنهم في مهمة وطنية لتحقيق الغاية، وكان يربط ما بين دراسته في الخارج، والإخلاص للوطن».

فكر فلسفي

أكدت الدكتورة مريم الهاشمي، أن «كتاب قصتي يعتبر موسوعة جمعت بين التنمية الذاتية، والفكر الاقتصادي، والسياسي، بل يمكن اعتباره نهج حياة، فأغلب القراء سيذهبون إلى هذه المحاور، ولكنه كذلك يحمل في طياته فكراً فلسفياً، وهنا سأقف عند النظرة الفلسفية في فكر الشيخ محمد بن راشد».

وتابعت الهاشمي: فكر سموه يبين المسؤولية والحتمية بأن الإنسان هو الذي يستطيع أن يفرض إرادته على إرادة التاريخ، بمعنى أن التاريخ والمجتمع البشري لا يستندان إلى أساس المصادفة والعبث، بل على واقعيات معتمدة على أيديولوجية وتخطيط اقتصادي وثقافي واجتماعي وسياسي.

تويتر