يُختتم اليوم وسط مشاركات من 48 دولة

«آرت دبي».. الفن كما يرى الناس

صورة

مشغولات فنية عدة، تشهدها صالات عرض «آرت دبي»، في نسخته 12 التي تختتم اليوم، والتي تشهد مشاركات من 48 بلداً من حول العالم، حيث تقودك قاعات العرض الى اللوحات التشكيلية، التي تتأرجح بين التجريد والكولاج وكذلك الواقعية، مع وجود مساحة مهمة في المعرض للأعمال التركيبية، فحتى اللوحات دخلت الحيز الثلاثي الأبعاد، حيث كانت تقنيات الكولاج - في كثير من اللوحات - تعتمد على الوسائط البارزة والمركبة.

حياة ضروس

ينظم معهد مسك للفنون، بالتعاون مع «آرت دبي»، معرض «خوض غمار حياة ضروس»، ويسلط المعرض الضوء على خمس مجموعات ومدارس فنية حديثة، عبر خمسة عقود من الزمان (1940 ـ 1980)، في خمس مدن عربية. ويضم جماعة الفن المعاصر في القاهرة في أربعينات وخمسينات القرن الـ20، وجماعة بغداد للفن الحديث في خمسينات القرن الـ20، ومدرسة الدار البيضاء في ستينات وسبعينات القرن الـ20، ومدرسة الخرطوم في ستينات وسبعينات القرن الـ20، ودار الفنون السعودية في الرياض في ثمانينات القرن الـ20. ويبرز المعرض من خلال أعمال هذه المجاميع أوجه الاختلاف والتناقض، وكذلك الشبه التعبيري في الفن الحديث في مختلف أنحاء العالم العربي. ويضم 75 عملاً لـ29 فناناً، من 25 مجموعة فنية، و15 مدينة حول العالم.


16 صالة في قسم الفن الحديث، قدمت أعمالاً من الستينات والثمانينات.

سوق دبي «عالمية ومميزة»، تقدم الكثير لفنون من الشرق الأوسط.

تميزت الأعمال في قسم الفن المعاصر بتنوعها وتعددية وسائطها، ولفتت بيناك كرابي من «زيلبرمان غاليري» من إسطنبول وبرلين، إلى أنهم يعرضون أعمال سبعة فنانين ينتمون لأكثر من دولة، منهم الفنان العراقي وليد سيتي، الذي تتمحور معظم أعماله حول الحرب. وأضافت أن الغاليري يقدم أعمال الفنان الإيطالي غيدو كاساريتو، وهي عبارة عن منحوتات تتكون من مواد متعددة، يحرص من خلالها على إيجاد نوع من التساؤلات لدى المتلقي حول المواد المستخدمة وماهيتها، فيقع المتفرج في حيرة حول المواد، فالخشب يتحول بفعل التقنيات التي يعمل عليها إلى ما يشبه الرخام، بينما المجسمات تأخذ شكل الاسمنت من الخارج، لكنها في الواقع ليست ثقيلة. أما الفنانة عائشة خالد، فهي تميل إلى الأعمال المأخوذة بالأشكال الهندسية، في حين أن الفنانة أزادي كوكر تستخدم الورق الياباني، لتقديم أعمال تنتمي إلى الطبيعة والفن الحضري. وأعربت كرابي عن أهمية المعرض الذي يجذبهم للمشاركة للسنة الثالثة، مشيرة إلى أن سوق دبي تقدم الكثير للصالات، ووصفتها بالسوق العالمية المميزة بالنسبة لها، كصالة تقدم فنوناً من الشرق الأوسط.

أما نادين فتوح من غاليري لوري شبيبي، فأشارت إلى أعمال أكثر من فنان، من بينهم الفنان الإيراني شكور كويان، الذي يعمل على المنحوتات، ويقدم مجموعة من السيراميك، ويعمل على قضية الهوية والجينات الوراثية، فهو يحرص على إعادة ابتكار الهوية في المنحوتات. أما الفنان منير فاطمي، فيقدم الغاليري عملاً له من الأسلاك الكهربائية، التي يشكل منها الدوائر التي تعبر عن الاستمرار واللانهاية. وأكدت فتوح أن المعايير التي تحكم اختيارهم للفنانين، الذين يعرضون أعمالهم في المعرض، يقوم على إيجاد مادة بصرية مختلفة ومتنوعة، مشيرة إلى أن المعرض يتطور عاماً بعد آخر، ويجذب المزيد من الفنانين والمقتنين.

في المقابل، يعرض غاليري أيام مجموعة أعمال للفنان تمام عزام، حيث يستكشف عزام في أعماله البعد المكاني والفراغ، ويستوحي الأعمال من تجارب الناس ورواياتهم وعلاقتهم مع المحيط، ويستخدم التفاصيل وطبقات من القطع الورقية، ليوجد عمقاً في العمل الفني. الطبقات التي يضعها عزام في اللوحة تجعل السطح الخاص باللوحة غنياً بالتفاصيل، فالأبنية والناس، وحالة الدمار تتجسد في الأبيض والأسود، ويعتمد الفنان على الكثير من الرمزية في العمل الفني، فيضعنا في حالة تناقض بين مفهومي الهدم والبناء، فيضع في اللوحة مشهد الدمار ويبنيه بشكل متصاعد.

هذا الدمار نشاهده في أعمال عيسى ديبي، الذي يقدمه غاليري زوايا من رام الله، حيث يعرض مجموعة من أعمال الفنان التي تحكي الدمار والطائرات الحربية والقصف، ليشرح من خلالها علاقته بالوطن. ويستخدم ديبي الألوان الزيتية والحبر على الكانفاس، ويستوحي الأعمال من صور التقطها، ويعود ليجسدها بشكل مختلف في العمل الفني، رغم أنه منع من زيارة غزة، حيث يقيم في جنيف، ما أدى به إلى تقديم هذه الأعمال كما يرى غزة في نشرات الأخبار وعبر التلفزيون. ويقدم الغاليري نفسه مجموعة من الأعمال التصويرية لسمر شحادة، التي تلتقط عبر الأسود والأبيض وجوه الحياة البسيطة، لكنها الحياة المحاطة بالأشواك، فأبرزت في أعمالها حقول الصبار، وأوجدت في اللقطات الفلاحين وهم يعملون في ظل هذه الأشجار، ما يمنح العمل التصويري بعداً جمالياً وعمقاً فلسفياً في الوقت عينه.

في المقابل، قدمت صالة صفير زملر أنماطاً فنية متباينة، فعرضت أعمال 13 فناناً، لكنها اختارت من بينهم ثلاث لوحات لمروان قصاب باشي، فبرزت الوجوه التي يجسدها ضربات تجريدية محملة بالكثير من الحزن والأسى رغم التعددية اللونية. التقنية اللونية الخاصة بمروان جاورتها مجسمات اسمنتية للفنان مروان رشماوي، الذي قدم الاسمنت مع الحديد، ووضع في أحد الأعمدة وروداً، ثم في الآخر برزت آثار الحريق، ما جعل أعماله غاية في الدراماتيكية الفنية.

أما في قسم الفن الحديث، فتوجد 16 صالة من 14 دولة، قدمت مجموعة من الاعمال التي تعود إلى الفترة الممتدة من الستينات وحتى الثمانينات، بالإضافة إلى بعض الصالات التي قدمت أعمالاً حديثة نسبياً، عمرها لا يتجاوز 20 عاماً. وحملت القاعة الخاصة بالفن الحديث مجموعة واسعة من اللوحات وكذلك المنحوتات، لكن اللافت فيها أنها لم تنحصر في العالم العربي، منها الصالات التي عرضت الفن الحديث من موزمبيق. ووجدت مجموعة من أعمال رواد الفن في العالم العربي، من بينهم حسن شاكر آل سعيد، كما عرض «غاليري وان» مجموعة أعمال الفنان نقولا صايغ، التي تنوعت بين الطبيعة الصامتة والأديرة وكذلك الأساطير. بينما قدم غاليري حافظ مجموعة أعمال محفورة على الكرتون للفنان عبدالستار موسى، تعود إلى ثمانينات القرن الماضي، وتصور جوانب كثيرة من حياة الناس، لاسيما حالات الفقدان والأسى.

تويتر