المرأة الإماراتية حفظت ونقلت تاريخ الدولة وتراثها وقيمها من جيل إلى آخر

جناح «أم الإمارات» يحتفي بذهب الإماراتيات وحُليّهن.. وما أبدعن من فن وحكمة

صورة

للإبداع وجوه كثيرة، ولعل أهم أشكال الإبداع تلك التي تنبع من بيئتها وتتأثر بها وتؤثر فيها، وتسعى إلى التحايل على قسوة الحياة وصعوبة العيش، عبر تطويع المتاح من خامات وإمكانات بسيطة، وهو المحور الذي يركز عليه جناح «أم الإمارات» هذا العام في الدورة الثالثة من «مهرجان أم الإمارات»، الذي يقام حالياً على كورنيش أبوظبي، وتستمر فعالياته حتى 31 الجاري، بتنظيم من دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي.

حكمة الجدات

لم يغفل الجناح الفنون التي أبدعتها إماراتيات، مثل الفن والشعر والحكمة، فخصص لها قسماً خاصاً، كما يركز على حكمة الجدات، والتجارب التي تتوارثها الأجيال، ومن الأعمال الفنية التي يضمها هذا القسم «رسائل الحب والسلام»، التي تستكشف جمال الثقافة الإماراتية وإبداعاتها من خلال فنون الشعر والخط، لحرم سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، الشيخة خولة بنت أحمد بن خليفة السويدي، وعمل آخر بعنوان «حقيبة سفر»، مستوحى من حقيبة سفر يرجع تاريخها إلى بداية ستينات القرن الـ20، وتعود إلى الشيخة صبحة بنت محمد الخيلي، حيث استخدمتها عندما كانت تعيش في قصر الحصن. وقد وثقت الشيخة صبحة الحِكَم الموروثة وقيم المرأة الإماراتية في كتابها «وين الطروش»، ومن خلال هذا العمل تروي ذكريات الشيخة إليازية بنت نهيان آل نهيان، والدروس التي استفادتها من تجربة جدتها الشيخة صبحة بنت محمد الخيلي.

يركز الجناح هذا العام على إبداع المرأة الإماراتية، والمجالات المتعددة التي عكست هذا الإبداع، خصوصاً الطرق التي ابتكرتها المرأة للاستفادة من الموارد الطبيعية في الإمارات، وكذلك دور المرأة في حفظ ونقل تاريخ الدولة وتراثها وقيمها من جيل إلى آخر، مستلهماً دور سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، حرم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في حفظ القيم والعادات والتقاليد المرتبطة بالمرأة، ودعم سموها للعديد من المبادرات الثقافية الرامية لحفظ وتوثيق التاريخ والتراث.

احتفاء بـ«عام زايد»، يستقبل الجناح زواره بقصيدة نبطية، نظمها الوالد المؤسس الشيخ زايد، وأهداها إلى سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، ومطلعها: «أنا ما سعدت بطيب وقتي ولا حسيت.. إلا بوجودك شفت وقتي ولذاته»، وغنى القصيدة الفنان حسين الجسمي. وتتصدر القاعة منصة تحمل «وسام الشيخ زايد»، الذي منحه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، لسمو الشيخة فاطمة في 21 مارس 2016، تقديراً وعرفاناً لدورها الوطني والاجتماعي، كما ضمت القاعة عملاً فنياً لحرم سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، الشيخة خولة بنت أحمد بن خليفة السويدي، قامت بتصميمه خصيصاً للجناح بمناسبة «عام زايد»، وهو عبارة عن لوحة تحمل شعار «عام زايد»، وكتبت عليها «في عام زايد تزدان الدار بذكراه».

الحُلي الإماراتية

ويتضمن جناح «أم الإمارات» أقساماً عدة، يختص كل منها بعرض جانب من جوانب إبداع المرأة الإماراتية، ويبدأ من قسم بعنوان «الإبداع والهوية في الحلي الإماراتية»، ويضم نماذج من الحلي التي تزينت بها المرأة، مشيراً إلى ما تحمله من دلالات رمزية، حيث كانت تشير إلى الحالة الاجتماعية للمرأة، أو تمنحها الحماية من الحسد، مثل حلية «الطبلة»، كما كانت الفضة هي الأكثر شيوعاً، أما الذهب المستورد من الهند فكان يُهدى مهراً للعروس، ويرمز إلى الغنى والمكانة الرفيعة. ويضم هذا القسم قطعاً من الحلي لها قصص، من بينها «أقراط كواشي»، التي أهدتها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك لإحدى السيدات، بعد ولادة سموها مولودها الأول، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهي من مجموعة مقتنيات أحمد بن سعيد العريف الظاهري. ومن هذه المجموعة أيضاً، برقع بزخارف ذهبية، ارتدته فاطمة بنت محمد بن ثاني المهيري، منذ زواجها في بداية العقد الأول من القرن الـ20، وكان رمزاً يشير إلى مكانتها الاجتماعية، وزُين طرف البرقع العلوي بصفين من القطع الذهبية، بعضها منزوع، حيث قامت السيدة بنزع هذه القطع وإهدائها لسائقها، بعد ولادة طفلته التي أطلق عليها اسم فاطمة، كما يضم القسم «طبلة حمدة»، وهي قطعة ذهبية كانت ترتديها حمدة، زوجة أحمد خليفة السويدي، ونُقش على الطبلة من الأمام «مالك الملك»، ومن الخلف «لا إله إلا الله»، كما يضم القسم مشغولات ذهبية حديثة، مستوحاة من التصاميم القديمة والتراثية.

المطبخ التراثي

يختص القسم الثاني من الجناح بالمطبخ التراثي، ويحتفي ببراعة المرأة الإماراتية في تكوين ثقافة مميزة للمأكولات الشعبية، والمحافظة على نهكة الماضي، إلى جانب ما أضفته من مكونات حديثة، مستعرضاً صوراً قديمة، منها واحدة لامرأة تطحن القهوة، وأخرى لصناعة الخبز في الستينات، وكذلك أنواع التوابل التي يشيع استخدامها في المنطقة، والأسماء المحلية التي تُعرف بها، مع عرض لتطور ثقافة المأكولات الشعبية، والوصفات التي كانت تستخدمها النساء للتداوي بالغذاء. وفي الجناح أيضاً قسم خاص لإبداع المرأة في بيئة الواحات، وقدرتها على تطويع مواد البيئة للاستفادة منها في الحياة اليومية، خصوصاً النخيل ومنتجاته، ويلقي القسم نظرة على الحرف اليدوية، التي اشتهرت في تلك البيئة، وهي قائمة على المواد المصنوعة من سعف النخيل، كما استلهم ديكوراته من أجواء الواحة، حيث يشعر الزائر بأنه في مكان مفتوح، يظلله سعف النخيل.

يضم قسم «عبق الماضي»، الذي يرصد مهارة المرأة الإماراتية في استخدام المواد المحلية، والواردة من الخارج، لصناعة العطور بأساليب متنوعة، تعكس مهارتها في تركيب المكونات، وقد منحت تلك المهارة الكثير من المعاني لحكمتها وقدرتها على التعبير عن قيم المجتمع التي تتسم بالترحاب.

تويتر