تعود إلى خمسينات القرن الماضي
5 من ذكريات هندرسون في دبي
بينما يطل غلاف «ذكريات عن الأيام الأولى في دولة الإمارات وسلطنة عام» من نحو 30 عاماً، تأتي حكاياته من أبعد من ذلك بكثير، إذ يروي فيه مؤلفه، إدورد هندرسون، قصته مع المنطقة، منذ عقود، تعود إلى الخمسينات من القرن الماضي، قبل اكتشاف النفط. ويُبرز صاحب الذكريات كيفية بروز هذه المنطقة من العالم، رغم المصاعب التي تعرضت لها، وكيف عملت شعوبها على استخراج «الخيرات من تحت الأرض، وحولوها إلى حقيقة ظاهرة، وسعادة واستقرار ينعم بها أبناؤهم ومن ثم أحفادهم، مثل هذه الجهود لا يستطيع أن يراها ويلمسها بسهولة إلا من عاش أحداثها. إن الفضل في ذلك يعود للشعب الذي قام بالعمل، وللخبراء الأجانب الذين جلبوا معهم الخبرات الضرورية، وقبل كل شيء للقادة الذين جعل بعد نظرهم الأمر ممكناً».
وهنا خمس من ذكريات إدورد هندرسون في كتابه الذي نقلته إلى «العربية» عايدة خوري، في 227 صفحة، عن دار «موتفيت»:
1
عن حاكم دبي، المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، يروي هندرسون ذكرياته: «قال لي أحد الأصدقاء مرة إنه يعتقد أن بلاط حاكم دبي في الستينات كان أقرب ما يكون إلى البلاطات البريطانية القديمة، وشعرت أن هذه ملاحظة بارعة.. فقد كان مجلس حاكم دبي يعقد صباحاً في مركز الجمارك المطل على الخور المتلألئ ومئات السفن الصغيرة التي تنقل البضائع من سفن الشحن التجارية الضخمة الراسية قبالة الساحل، أو يعقد عصراً في زعبيل في خيم منصوبة تحت أشجار النخيل، أو في القصر الصيفي الصغير في الجميرا، ومهما اختلف مكان انعقاده كنت تلمس فيه سيطرة شخص واحد بسيط الثياب لا يتميز في مظهره الخارجي عن أي من رعاياه».
2
رغم تواضع الحياة في المنطقة بشكل عام خلال تلك الفترة، إلا أن دبي كانت سابقة بخطوات، ومركزاً جاذباً عرف بروابطه وعلاقته المباشرة مع العالم الخارجي، كما يصف هندرسون: «في عام 1948 وصلت درجة التقدم في دبي إلى نسبة ملحوظة، فالسيارة التي قليلاً ما تمر كانت تشق طريقها من الميدان الذي يقوم عليه البنك (البريطاني في الشرق الأوسط)، لأنه كان الطريق الوحيد الذي يتسع للسيارة. وهو طريق مستوٍ وعلى كلا جانبي الطريق مبانٍ منخفضة بنيت إما من الحجارة أو من الطوب، ومعظمها دكاكين أو ورش أو مخازن، وقد تزعج السيارة المشاة عند مرورها في هذا الطريق».
3
في عام 1948 جاء هندرسون إلى المنطقة، كممثل لشركة نفط العراق، وأشار إلى أن دبي كانت مقسمة لثلاث مناطق: «يقع البيت التابع لشركة النفط، الذي كنت أعيش فيه بدبي، على الجهة الجنوبية من الخور، وإلى شمالنا تقع ديرة التي كانت آنذاك عبارة عن حي يتطور شيئاً فشيئاً، وإلى الشمال الغربي يقع حي الشندغة، وهو عبارة عن منطقة سكنية صرفة». وفي بردبي كان هناك عدد متزايد من السيارات، ربما بلغ عددها 48 سيارة عام 1948.
4
للغوص واللؤلؤ والحكايات المرتبطة بهما، يتطرق هندرسون، ويلفت إلى الثقة التي كان يتعامل بها التجار، فلا حاجة لتسجيل أو كتابة، طالما حضرت الأمانة التي كان يقدرها الجميع. ويشير إلى تفاصيل مهنة الغوص الشاقة والتحديات المرتبطة بها: «كنت طالما أتساءل عن الخطر الذي من الممكن أن يواجهه الغواصون من احتمال وجود أسماك القرش في الخليج... كنت ألاحظ أنهم كانوا يرتدون في بعض الأحيان قمصاناً قطنية لحماية أجسامهم من قناديل البحر».
5
أحب هندرسون حياة أهالي الإمارات والمنطقة، وشاركهم في كثير من الأشياء، يتجول على الجِمال، ويرقب الصيد بالصقور التي يقول عنها: «كانت رياضة صعبة ولكنها ممتعة، فهي تحتاج إلى مهارة، ولاسيما في تدريب الصقر الذي يحتاج إلى مهارة ودقة متناهيتين، ويتم غالباً شراء الصقور الآن من الدول العربية الشمالية، وقد تصل أسعارها إلى مبالغ ضخمة. ومن الممكن اصطياد الصقور حتى الآن بين الحين والآخر في شرق شبه الجزيرة العربية».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news