ثاني أبرز معالم أبوظبي السياحية تعرض صوراً حية للإمارات قديماً

«القرية التراثية»..أكثر من مجرد مكان متحفيّ

صورة

«أقرأ عن وطني»

مساحة من المعرفة تخصصها «الإمارات اليوم» لتعريف القرّاء من مختلف الأعمار بدولة الإمارات، من خلال طرح موضوعات ترتبط بالهوية الوطنية، وتاريخ الدولة وثقافتها، وتراثها ولهجتها وإنجازاتها، وكل ما يرتبط بهوية ومكونات الدولة، والشخصية الإماراتية.


على مساحة تزيد على 16 ألفاً و800 متر مربع، تمتد «القرية التراثية» التي تقع على كورنيش أبوظبي في منطقة كاسر الأمواج، وتمثل ثاني أبرز معالم أبوظبي التراثية والسياحية، بعد مسجد الشيخ زايد، ووجهة رئيسة في برامج السياح الأجانب والمقيمين من مختلف الجنسيات.

16

ألفاً و800 متر مربع، مساحة «القرية التراثية» التي تقع على كورنيش أبوظبي في منطقة كاسر الأمواج.

القرية تحتضن عدداً من الفعاليات التراثية؛ من أهمها «مهرجان سلطان بن زايد التراثي البحري».


زوّار ووفود

تستقبل القرية التراثية يومياً ما بين 2000 و2500 زائر من المواطنين والمقيمين، وأعضاء الوفود الرسمية الزائرة للدولة، والسياح الأجانب من مختلف دول العالم، ويمثلون ما نسبته 75% من الزائرين، إلى جانب الوفود المدرسية والطلابية من الجامعات والمعاهد العليا في الدولة، إذ تتوافر لهم المعلومات الدقيقة حول مرافق ومشروعات ونشاطات القرية من خلال المدربين التراثيين التابعين للنادي.

تقدم «القرية التراثية»، التي أُنشئت في يونيو عام 1997، بتوجيهات سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس نادي تراث الإمارات، نموذجاً مصغراً للحياة في الإمارات قبل اكتشاف النفط، ما يجعل منها مشروعاً تراثياً ثقافياً، ومنصة لتعزيز الهوية الوطنية والسياحة التراثية، وإبراز الجانب التراثي في دولة الإمارات أمام الزائرين.

تتميز القرية بتصميمها المعماري الفريد المستلهم من طرز العمارة التقليدية، في حين تحمل بوابتها ملامح من العمارة العسكرية قديماً في المنطقة. وصممت القرية لتمثل البيئات الرئيسة التي تعكس حياة مجتمع الآباء والأجداد، وهي البيئات البرية والبحرية والزراعية.

ويتضمن ركن البيئة البريّة التي تشتمل على مختلف البيوت التي صممها وشيدها وسكنها أهل المنطقة قديماً، وهي بيت أهل الواحات وبيوت الشعر، إلى جانب العريش الذي كان يستخدم صيفاً في مناطق العين وليوا، وبيت اليواني المصنوع من الخيش، الذي كان يستخدم صيفاً في البادية، وبيت الشعر الذي يصنع من صوف الغنم وشعر الماعز، أَمّا العريش فبُني من سعف النخيل، واستخدمه في الماضي أهل الإمارات. وهناك «الحضيرة» التي تبنى من أشجار المرخ أو السّبط أو الرمث أو من الأشجار البيئية المتوافرة، ويستخدمها أبناء البادية كمجلس للضيوف، وفيه تقدم ضيافة القهوة العربية والفوالة وغيرها.

منتجات ومهن

في ركن البيئة الزراعية يرى الزائر «اليازرة»، وهي عين الماء التي كان يستخدمها المزارعون لري الأرض بواسطة الثور، والسوق الشعبية وما تضمه من دكاكين تراثية تعرض مجموعة من المنتجات التقليدية، والتذكارات والمشغولات اليدوية التي تجتذب زوار المكان من مختلف الجنسيات.

ويضم المكان سوق الحرف اليدوية الذي يضم محال صغيرة متجاورة يمارس فيها أصحابها مهناً تقليدية مختلفة، بهدف إحياء هذه المهن وصونها من الانقراض، مثل النجارة والحدادة والنقش على النحاس، والفخاريات والجلود والسجاد، والطب الشعبي، وصناعة البشوت.

وفي المشغل النسائي في القرية يُقدم عدد من الصناعات التقليدية، من خلال جهد مجموعة من الجدّات والخبيرات في مجالات المهن اليدوية التقليدية مثل الغزل والنسيج بواسطة خامات متنوعة مثل الصوف وسعف النخيل، وهناك حياكة البسط، وعمل الحصير والتلي والسدو وغزل الصوف وغيرها من الأشياء التراثية التي تذكر الأجيال بتفاصيل الحياة قديماً.

نماذج

أما البيئة الساحلية، فتعرض صورة لحياة أهل الساحل، وتصميم بيوتهم التي تميزت بـ«البارجيل»، وهو برج يعلو سطح البيت ليلتقط نسائم الهواء من الجهات الأربع، ويدخلها إلى داخل البيت ليمثل نظام تبريد طبيعياً. ولا تقتصر أركان القرية التراثية على البيئات التي عاش فيها الآباء، ولكنها تتضمن نماذج مصغرة للمعالم والمناطق الأثرية البارزة مثل قبر الهيلي، مستعمرة هيلي، بدع بنت مسعود، ومستعمرة أم النار التي تعود إلى فترة تاريخية تقارب 4000 عام. كما تضم القرية متحفاً صمم كنموذج لقصر الحكم في أبوظبي (قصر الحصن)، تزيد مساحته على 500 متر مربع، ويشاهد الزائر في المتحف الأدوات الزراعية والأسلحة، وأدوات صيد اللؤلؤ، ودلال القهوة العربية، والأزياء الفلكلورية. كذلك يضم المتحف في أروقته العديد من كنوز التراث، مثل أدوات الزينة النسائية القديمة، والحلي، وصور قديمة تجسد مراحل تاريخية، ومسكوكات إسلامية فضية وبرونزية وورقية قديمة، وأدوات صيد، وأسلحة قديمة، خصوصاً البنادق، مع ركن للمخطوطات النادرة، وآخر للأرشيف التاريخي، إلى جانب عدد من نسخ المصحف الشريف مكتوبة بخط اليد.

مسجد

يتسم مسجد القرية التراثية بطرازه المستمد من العمارة الإسلامية والتقليدية، بداية من الزخارف المحفورة على أبوابه ونوافذه، وحتى السقف المصنوع بأَعمدة الجندل، مروراً بالمئذنة ذات الطراز المحلي القديم، وأروقة الصلاة والمُصلى، وهو نموذج مستوحى من المساجد القديمة، إذ إن أغلبية المباني القديمة من مساجد وأسواق تسقف بدلاً من الجندل بجذوع النخيل وبدل الجريد «الميرود» يكون الحصير المستورد من القصب. ولا تعد القرية التراثية مجرد مكان متحفي جامد لعرض التراث وحفظه ونشره، ولكنها تمثل مؤسسة متكاملة فاعلة، ضمن منظومة من النشاطات، تقوم إدارتها على تنفيذها تحت مظلة العمل على تحقيق تطور دائم ينسجم مع التقدم المتسارع لكل المجالات في الدولة والعالم لمواجهة التحديات التي يتعرض لها التراث والهوية، ولذلك تحتضن القرية عدداً من الفعاليات التراثية، من أهمها «مهرجان سلطان بن زايد التراثي البحري» الذي يقام في شهر ابريل من كل عام تزامناً مع احتفالات الدولة باليوم العالمي للتراث، ويهدف المهرجان إلى تسليط الضوء على التراث البحري العريق للدولة، وترسيخ مبادئ وقيم وثوابت الهوية الوطنية، والتركيز على الدور الذي يلعبه القطاع البحري في إثراء النسيج الثقافي والاجتماعي للدولة، وتعريف شرائح الجمهور والزوار بالتراث البحري الغني الذي يتمتع به أبناء الإمارات عبر سلسلة من المهرجانات والأنشطة التراثية والبحرية والسباقات البحرية بكل فئاتها.

تويتر