رواية عائشة العاجل.. وسؤال: ماذا حصل؟

«عودة ميرة» موت مفاجئ ومرثية طويلة

صورة

«عودة ميرة».. لن تعيد بطلتها إلى الوجود، رغم أنها تستعيد كل ما يخصها: أوصافها وملامحها ولون شعرها ونبرة صوتها، وذوقها الراقي وثقافتها، ومثاليتها المفرطة وحنانها على الجميع، من القريب إلى البعيد، لكن يبقى فصل الغياب الأخير كما السر، المؤرق للكل، من الأم إلى الأخت والجارة والصديقة وحتى الزوج.

على مسافة واحدة من الشخصيات يقف قلم عائشة العاجل، يترك لها مساحة للفضفضة، ومحاولة الاعتراف والخلاص، وكأن وداع ميرة مقام صدق ومكاشفة، يتجرّد فيه كل من كان حولها من زيفه وكذباته الصغيرة والكبيرة.


103

صفحات تقع فيها الرواية التي صدرت العام الماضي، عن «قنديل للطباعة والنشر والتوزيع».

تطل «عودة ميرة»، للكاتبة عائشة مصبح العاجل الشحي، حتى ما يقرب من منتصفها، رواية نسائية بامتياز، لا صوت يعلو على صوت المرأة، والذكريات المطرّزة بلغة محلّقة في الغالب، تحاول أن تكوّن مرثية طويلة لتلك التي لن تعود ميرة «الأم والابنة البارة في الوقت نفسه.. ظننت أن ألف امرأة تسكن روحها، وأنها خلقت لتكون قبيلة نساء واهبات للحياة. تخيلي أنها لا تنسى ولا تجافي ولا تغتاب، وأنها تعيد الجميل من معانيها وأفعالها للتأسي به، وتنسى القبيح من أجل أن تمضي الحياة».

«عودة ميرة» التي أنجزت بإشراف الكاتبة اللبنانية نجوى بركات، ضمن برنامج دبي الدولي للكتّاب، التابع لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، الذي يهدف إلى دعم المؤلفين الإماراتيين والعرب والوصول بهم إلى العالمية؛ يقف فيها قلم عائشة العاجل على مسافة واحدة من الشخصيات، يترك لها صفحات الرواية القصيرة للفضفضة والبوح، لتنطلق من رثاء ميرة إلى تداعيات الذات والإعلان عن جوانب ضعفها، ومحاولة الاعتراف والخلاص، وكأن وداع ميرة مقام صدق ومكاشفة، يتجرّد فيه كل من كان حولها من زيفه وكذباته الصغيرة والكبيرة، ولعل على رأس كل هؤلاء «عزيز ميرة»؛ عبدالعزيز الزوج، الأكاديمي الذي يحرم من حضور اللحظات الأخيرة في حياة امرأته، إذ كان في أوروبا، منشغلاً بمؤتمر، وبامرأة أخرى، زوجة سريّة لا يعرف عنها أحد شيئاً، وعاد عزيز ليلحق بالجنازة منهاراً كما شأن كثيرين في الرواية: «تسمّر عبدالعزيز في مكانه، فكّ ذراعيه من على كتفي عمه، فوقعتا كميتٍ لا يستوعب الموت المفاجئ الذي يسرق الأرواح دون موعد، دون مبرّر، دون مرض، دون علامة تذكر. آاااه، دوت صرخته في المكان، هو الذي ما كان يسمع صوته، قليل الكلام، كثير العمل والقراءة والكتابة. كتم وجعه حين رأى بنات صغيرات يلعبن على مراجيح الحوش القديم، ومن بينهن ابنتاه محبة وعلياء».

ليلة واحدة حزينة، تستغرقها الرواية، ليلة حافلة بالوجع، وكذلك بالشخصيات التي تبحث عن المواساة، فالفقد كبير، ويبدو أن الجميع قد شعروا بأن الحائط الذي كانوا يرتكنون إليه، لم يعد موجوداً، تداعى ربما متشبعاً بهموم الآخرين، ماتت ميرة التي منحت تلك الشخصيات قلبها، كما تصور الرواية بطلة الحكاية التي حيّر غيابها المباغت الكل: «ماذا حصل؟ كيف ومتى؟».

للموت كلمة الافتتاح وكذلك الختام في الرواية، فالاستهلال مع تجهيز الراحلة لرقدتها الأخيرة، وصبّ الماء على الجسد الذي غادرته الروح، وتفصيل تلك اللحظات، ونسجها في ما كان قبلها من توهّج «فتاة متفردة» بعين الأم وكل من صادق ميرة. أما الختام فثمة عائد إلى المقبرة، ينثر تراباً تحته «عظام» ميرة، ويظل يناجيها: «وأغمض جفنيه المتورمتين بعروق نافرة زرقاء، ثم نسي نفسه ونام».

يشار إلى أن المؤلفة عائشة العاجل، كاتبة وباحثة في مجال أدب الأطفال ولديها قصة لليافعين بعنوان «فردة حذاء»، وحاصلة على ماجستير في الإعلام، ولديها كتاب بعنوان «التفاعلية في مواقع الصحف الإماراتية»، ولها زاوية شهرية في مجلة الرافد، ومجلة مرامي، ولديها العديد من المقالات والدراسات في مجال الطفل والأدب والإعلام الإلكتروني، وذلك حسب التعريف بها على غلاف «عودة ميرة».

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر