تمتد لما يقرب من 7000 سنة

حضارة الإمارات.. تاريخ ضارب في القدم

صورة

«أقرأ عن وطني»

مساحة من المعرفة تخصصها «الإمارات اليوم» لتعريف القرّاء من مختلف الأعمار بدولة الإمارات، من خلال طرح موضوعات ترتبط بالهوية الوطنية، وتاريخ الدولة وثقافتها، وتراثها ولهجتها وإنجازاتها، وكل ما يرتبط بهوية ومكونات الدولة، والشخصية الإماراتية، وهو ما يصب في تحقيق أهداف نشر المعرفة والثقافة التي يستند إليها «عام القراءة».



«لسنا أمّةً طارئةً على التاريخ».. هذه المقولة لصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تستند إلى تاريخ طويل يقف شامخاً أمام العالم، بعد أن أكّدت الأبحاث والدراسات أن تاريخ الحياة البشرية في الإمارات يمتد إلى ما يقرب من 7000 سنة، بحسب ما أكّدت التنقيبات الأثرية التي بدأت في الدولة منذ حقبة الخمسينات.

اكتشافات «العصر الهلنسي»

تم اكتشاف آثار تعود إلى العصر الهلنستي، الذي بدأ من نحو 300 قبل الميلاد، إذ أصبح تأثير حضارة بلاد الرافدين وسورية، وفي ما بعد الإمبراطورية البارثية والساسانية، واضحاً. كما أن المكتشفات الأثرية التي عثر عليها، مثل المخطوطات والعملات والمواد اليومية من المواقع الموجودة في الإمارات، تتوافق مع الاستكشافات التي جرت في السعودية، والبتراء في الأردن. وتنقسم الاكتشافات التابعة لتلك الحقبة إلى عصور ما قبل الإسلام وبداية الإسلام، ومن الاكتشافات المهمة التي تعود إلى هذه الفترة هي الدير النسطورية من عام 600 بعد الميلاد المبنية على جزيرة صير بني ياس. وهناك اكتشافات تعود إلى العصر الإسلامي: مثل مدينة جلفار الشهيرة، والعديد من المساجد.

وتنقسم الحقب التاريخية التي مرت بها دولة الإمارات، إلى حضارة ما قبل التاريخ، وحضارة العصر الحجري المتأخر، وحضارة العصر البرنزي، إضافة إلى حضارة العصر الحديدي. حيث بدأت التنقيبات الأثرية في الدولة باكتشاف مقابر أم النار، وهي جزيرة صغيرة خارج أبوظبي، ما كان لها أثر كبير في إماطة اللثام عن العمق التاريخي للدولة، إذ كشفت هذه المكتشفات الأثرية المتنوّعة في هذه الجزيرة عن حضارات قديمة ازدهرت في المنطقة فترة من الزمن، بدءاً من العصر الحجري الحديث أو المتأخر، (6000 ق.م - 3500 ق.م)، وانتهاءً بالعصر الحديدي (1300 ق.م - 300 ق.م).

«الحجري المتأخر»

أما في ما يخص حضارة الإمارات في العصر الحجري المتأخر (6000 ق.م - 3500 ق.م)، فقد تم العثور على أول دليل بوجود مستوطنة سكانية في منطقة الإمارات، واستكشفت فيها آثار لجماعات بدوية عاشت على الصيد وتجميع النباتات، إضافة إلى مقابر جماعية عدة في جبل «البحيص» بالشارقة، وأدوات ورؤوس حراب في جزيرتَي «دلما» و«مروح» بأبوظبي. وتميزت هذه الحقبة بظهور الأواني الفخارية، التي وجدت بكثرة في الشارقة، وأم القيوين ورأس الخيمة، وأبوظبي. ويُعتقد أن آثاراً من هذا النوع تعود إلى ما كان يسمّى بـ«فترة العُبيد». التي تعدّ جزءاً من العصر الحجري المتأخر.

في حين تنقسم حضارة الإمارات في العصر البرونزي (3200 ق.م - 1300 ق.م)، إلى ثلاث حقب زمنية: هي «حقبة جبل حفيت»: وتمتد هذه الحقبة من 3200 ق.م إلى 2500 ق.م، وسُمِّـيَت بهذا الاسم نسبة إلى المدافن التي عُثر عليها في «جبل حفيت» بالقرب من منطقة العين التابعة لإمارة أبوظبي. وتمتاز المدافن المكتشفة في هذه الحقبة بكونها جماعية وصغيرة، وشبيهة بخلايا النحل، ويتزامن تاريخها مع ازدهار صناعة النحاس. أما في مجال الزراعة فقد عُثِر في منطقة «العين» على آثارٍ لمستوطنة زراعية ضخمة كانت تقوم على زراعة الذرة والقمح.

وأهم الآثار المكتشَفَة في هذه الحقبة هي: المقابر الجماعية والمستوطنات القديمة في «جبل حفيت»، ومنطقة «هيلي» في العين بأبوظبي، وكذلك المقابر الجماعية في جبل «إميلح» قرب منطقة «الذيد» بالشارقة.

«حقبة أم النار»

«لسنا أمّةً طارئةً على التاريخ».. هذه المقولة لصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تستند إلى تاريخ طويل يقف شامخاً أمام العالم.

الحقبة الثانية هي «حقبة أم النار»، إذ تمكنت البعثات الأثرية من اكتشاف آثار مشابهة لآثار «أم النار» في شمال الإمارات مثل: «المويهات» في عجمان، و«الأبرك» في أم القيوين، و«البدية» في الفجيرة، و«كلباء» في الشارقة. وتمتد هذه الحقبة من 2500 ق.م إلى 2000 ق.م. وجاءت شهرتها من اكتشاف آثار جزيرة «أم النار» بأبوظبي في منتصف الخمسينات من القرن الماضي، التي ضمت نحو 40 تلاً دفيناً، وكثيراً من القبور مستديرة الشكل، ومدافن جماعية عدة، كما وجدت آثار لمستوطنة قريبة من هذه المدافن بها مساكن مبنية من الحجر، وتحوي قطعاً من الأواني الحجرية شبيهة بالأواني الجنائزية، وأدوات أخرى كانت تستخدم في الطبخ، ما يدل على أن هذه المساكن تعود لفترة القبور ذاتها. كما تم العثور على عظاماً للماشية، والأسماك، والسلاحف، والجمال، وأدوات نحاسية، تدل على مدى اعتماد إنسان تلك الحقبة على مهنة الصيد. ومثّلَت حقبة «أم النار» ذروة حضارة العصر البرونزي، إذْ شهدت قيام روابط تجارية متينة مع حضارة ما بين النهرين وحضارة «هرابا» في وادي السند، باكستان حالياً. وتمكنت البعثات الأثرية من اكتشاف آثار مشابهة لآثار «أم النار» في شمال الإمارات مثل: «المويهات» في عجمان، و«الأبرك» في أم القيوين، و«البدية» في الفجيرة، و«كلباء» في الشارقة و«شمل» في رأس الخيمة.

«وادي سوق»

هناك أيضاً «حقبة وادي سوق»، التي تمتد من 2000 ق.م إلى 1300 ق.م. وسميت بهذا الاسم نسبة إلى أحد المواقع في «وادي سوق» بين العين وساحل عُمان. وأهم المكتشفات الأثرية في هذه الحقبة هي العثور على عدد من المقابر ورؤوس الرماح، والأواني والجواهر المشغولة من الذهب والفضة في مناطق: «شمل» برأس الخيمة، و«خورفكان» و«جبل البحيص» بالشارقة، و«القصيص» بدبي. وتدل تلك المكتشفات على تراجع حضاري في هذه الفترة، إما للتغيرات المناخية القاسية، أو لتوقف التجارة الخارجية للنحاس إلى بلاد ما بين النهرين.

بعد ذلك تأتي حضارة الإمارات في العصر الحديدي (1300 ق.م - 300 ق.م)، وتظهر المكتشفات الأثرية أن منطقة الإمارات كانت خلال تلك في أوج ازدهارها وتطورها الحضاري، حيث جرى تطوير نظام الري المائي المعروف بالفلج (وجمعها أفلاج)، ما أدى إلى تعزيز توسع المستوطنات البشرية. واتسعت رقعة زراعة التمور، كما ضمن ذلك مصدر رزق لعدد السكان المتزايد. أما أهم الآثار المكتشفة في هذه الحقبة فهي عبارة عن: «قُرى تستخدم نظام الأفلاج» في مناطق: «رميلة وجرن بنت سعود» في العين بأبوظبي، و«الثقيبة وأم صفاة» في الشارقة، ومستوطنات ضخمة مُحصّنة في مناطق: «مويلح» و«تل أبرق» في أم القيوين والشارقة.

تويتر