30 خطاطاً من 11 دولة من أجل نسخة نادرة للقرآن الكريم

الإمارات تحتفي بـ «خط القرآن» في «ملتقى رمضان»

صورة

فعاليات شديدة الخصوصية شكلت ملامح ليلة أول من أمس، خلال افتتاح فعاليات الدورة الثامنة لملتقى رمضان لخط القرآن، الذي أعطى سمو الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المعرفة، إشارة انطلاقته، ليُستهل بالكشف عن إبداع «البسملة» من قبل الخطاط الإماراتي محمد عيسى خلفان، عبر خطي المحقق والريحاني، من أجل إنجاز نسخة نادرة للقرآن الكريم يَشْرُف بخطِّها 30 خطاطاً متميزاً.

محمد المر: ديناميكية «الثقافة»

قال الأديب محمد المر إن اختيار خطي «المحقق» و«الريحاني» ليكونا وسيلة إنجاز نسخة نادرة «ثامنة» للقرآن الكريم عبر ملتقى رمضان لخط القرآن، أمر يؤشر بوضوح إلى أننا أمام وزارة ديناميكية وليست تقليدية في تعاطيها مع الساحة الفنية عموماً، والمرتبط منها بفن الخط العربي خصوصاً.

وتابع: «أن يأتي الاهتمام بهذين الخطين، بعد سنوات من تركيز الملتقى على (الثلث) و(النسخ)، أمر يؤكد بوضوح أن لا أفكار نمطية هنا، وهو أمر ساهم في تأكيد الموقع المعاصر للإمارات، باعتبارها قبلة الاهتمام بهذا الفن الإسلامي الأصيل».

عبدالرحمن العويس: فن وليس حرفة

قال عبدالرحمن العويس، وزير الصحة، المعروف عنه اهتمامه الشديد بفن الخط، لـ«الإمارات اليوم»، إن من يقف عند جماليات النسخ النادرة المنجزة من القرآن الكريم عبر «الملتقى» سيسلم بأننا أمام حالة نادرة من الجودة، تجعلنا لا نقف فقط عند مؤشرات الأرقام، التي تؤكد أيضاً أنه لم يتوافر لدولة أو جهة ما في العالم كل هذه الأعمال المتميزة تحت سقف واحد.

وتابع: «نعم الإمارات هي قبلة فن الخط الإسلامي في العالم، وهو واقع ترسخ بجهود متواترة في احتضان مبدعيه، ورعايتهم بأفكار خلاقة ومحفزة في الوقت نفسه، تستعيد مكانة الخط باعتباره (فناً) وليس مجرد حرفة».

فإلى جانب نهيان بن مبارك الذي حرص على التأكيد على أصالة الموروث الفني، وفي مقدمته فن الخط، في تكوين عوامل خصوصية الهوية الإسلامية، حرص كل من عبدالرحمن العويس وزير الصحة، وصقر غباش وزير الموارد البشرية والتوطين، ومحمد المر رئيس المجلس الوطني الاتحادي السابق، وعبدالله العويس رئيس دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، والدكتور حنيف حسن رئيس مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي، وسعيد النابودة مدير عام هيئة دبي للثقافة والفنون بالإنابة، والسفير بلال البدور، وغيرهم، على حضور الحدث المهم، وهو تنوع يؤكد الاهتمام الكبير الذي يلقاه هذا الفن الإسلامي الأصيل بالدولة.

الحدث الذي نظمته وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، واستضافه فندق إنتركونتننتال في دبي فيستفال سيتي، استمد ألقه من أكثر من جانب، فهي المرة الأولى التي يشهد فيها التاريخ المعاصر لفن الخط مشروعاً لإنجاز نسخة كاملة للقرآن الكريم بواسطة خطَّي «المحقق» و«الريحاني»، اللذين كادا يدخلان غياهب النسيان من ذاكرة معظم الخطاطين، فضلاً عن معرض فني مصاحب ضم أعمالاً خطية من مقتنيات «الثقافة» تدخل تحت مظلة نفائس الفنون، فضلاً عن جمعه تحت مظلة واحدة كل هذا العدد من الخطاطين المهرة، الذين وفدوا من مختلف دول العالم، في حين أن الحدث نفسه جمع عدداً كبيراً من المسؤولين والمثقفين والمهتمين بفن الخط العربي.

وجاءت الكلمة الافتتاحية في الملتقى للشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المعرفة، لتؤكد بالفعل الأولوية الكبرى التي تبديها «الثقافة» للفنون الإسلامية عموماً كجزء رئيس ومهم من مقومات الهوية الوطنية.

وأشار سموه إلى أن الوزارة وهي تطلق الدورة الثامنة من «ملتقى رمضان في خط القرآن» تعتمد على النجاح الكبير الذي تحقق في الدورات السابقة، حيث أصبح الملتقى واحداً من أهم الملتقيات الثقافية المتخصصة على الأجندة الدولية في مجال الخط العربي والفنون الإسلامية، مؤكداً أن الهدف من تنظيم هذا الملتقى هو دعم فن الخط العربي، ليس على المستوى المحلي فحسب، وإنما عالميا أيضاً.

وأكد سموه، قبل أن يقوم بتكريم الخطاطين المشاركين وأعضاء لجنة التحكيم، على حقيقة أن القرآن الكريم كان وسيظل هو الملهم الأسمى لكل الخطاطين عبر العصور والأزمان، فتنافسوا على تطويره والإبداع فيه، حتى صار أحد أهم معالم الفنون الإسلامية التي يهدف الملتقى لدعمها والحافظ عليها من أجل فهم أعمق للثقافة الإسلامية التي طالما أبهرت العالم.

وفيما يتعلق بالمشاركة الواسعة لخطاطين من مدارس مختلفة في فن الخط العربي، أشار سموه إلى أن مشاركة 30 من أشهر خطاطي العالم من 11 دولة عربية وإسلامية، يضمن أن تخرج النسخة الخطية الثامنة من كتاب الله بمثابة تحفة فنية نادرة تبقى للأجيال القادمة، خصوصاً وهي تكتب لأول مرة بخطي المحقق والريحاني اللذين أهملهما الخطاطون كثيراً، ويحاول الملتقى بعثهما من جديد.

وأكد نهيان بن مبارك أن الخطاطين على مر العصور أبدعوا في نقل النص القرآني الخالد، والتعبير عن معناه ومدلولاته بنظام فني محكم، يظهر عبقرية اللغة العربية ومفرداتها البديعة. لافتاً إلى أن «القرآن الكريم أضفى على الخط العربي خصائص فريدة في الروح والإبداع والابتكار».

وأعرب سموه عن إعجابه بفكرة تخصيص هذه الدورة لخطي المحقق والريحاني، مضيفاً «يضيف ملتقى رمضان لخط القرآن الكريم هذا العام لمسة فريدة بهذه الخطوة من أجل إحياء هذا الفن التراثي العظيم».

وأكد أن وزارة الثقافة وتنمية المعرفة تحرص على تنظيم هذا الملتقى كل عام، وفق التوجيهات الحكيمة لصاحب السمو الوالد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، فسموه يؤكد لنا دائماً على أهمية رعاية كل ما هو إسلامي أصيل، والاهتمام بكل عناصر الحضارة الإسلامية، وتقديمها للمجتمع والعالم في أبهى صورها، بل وأن تكون دولة الإمارات مركزاً عالمياً رائداً ومتميزاً للثقافة الإسلامية.

واستأنف الخطاطون مباشرة رحلة إنجازهم لمشروع النسخة الكاملة للقرآن الكريم بخطي المحقق والريحاني، وهو المشروع الذي من المنتظر أن يختتم اليوم، حيث جرت العادة على أن يقوم الخطاطون المشاركون بإنجاز الأعمال المحددة، خلال فترة سابقة، على أن يتاح للجمهور معايشة أجواء إنجاز الأعمال النهائية منه، قبل أن يتم الإعلان تماماً عن إنجازها.

تويتر