أمسية لـ «طيران الإمارات» تخللتها إطلالات موسيقية من «بنات القدس»

«قصص وقصائد من البادية إلى المدينة»

التراث كان الناظم المهيمين على أمسية «قصص وقصائد من البادية إلى المدينة» التي نظمها مهرجان طيران الإمارات للآداب في مقر مركز دبي الدولي للكتاب. تصوير: أحمد عرديتي

التراث كان الناظم المهيمين على أمسية «قصص وقصائد من البادية إلى المدينة»، التي نظمها مهرجان طيران الإمارات للآداب، أول من أمس، في مقر مركز دبي الدولي للكتاب، بمنطقة الشندغة التراثية، ضمن دورته الحالية التي تمتد حتى 12 من مارس الجاري.

واستضافت الأمسية كلاً من الإعلامية الدكتورة حصة لوتاه، والشاعر حميد بن ذيبان المنصوري، ومدير إدارة التراث في دائرة الشارقة للثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز المسلم، والروائي والإعلامي علي أبوالريش، والشاعرة كلثم عبدالله.

وتخللت الأمسية فقراتها بإطلالات موسيقية لفرقة «بنات القدس»، من معهد إدوارد سعيد للموسيقى، وهي الفرقة التي ضمت 23 فتاة، قدمن فقرات غنائية وموسيقية عبر الغناء الجماعي، والعزف على آلات الكمان والعود والناي والقانون والطبل، فارضات حالة استثنائية من التذوق الفني تلاحمت مع خصوصية الموقع التراثي.

واستهلت الدكتورة لوتاه مداخلتها في الأمسية عبر ردها على سؤال توجه به مدير الجلسة فهد المعمري، حول دور الإعلام في توثيق التراث، حيث أشارت ابتداء إلى الدور المحوري الذي لعبه الإعلام في حفظ الكثير من كنوز التراث الشعبي من الضياع، سواء من خلال إمكاناته وأدواته المرتبطة بحفظ عناصر التراث صوتاً أو صورة أو تدويناً.

لكن لوتاه فرّقت في الوقت نفسه، بين دور الإعلام في مراحل سابقة، كان فيها أكثر خدمة للتراث في هذا الإطار، ودوره المعاصر، الذي تراجع بسبب خصوصية الحالة بين المرسل والمستقبل، والصعوبة التي بات يواجهها في سبيل أن يظل حافظاً أميناً للمحتوى التراثي، لافتة إلى أن خصوصية المحتوى نفسه، جعلت بعض الوسائل الإعلامية ليست المظلة الأمثل لحفظه وتوثيقه.

وقرأت لوتاه نصاً تراثياً يحول العديد من العبارات الوصفية، لتؤكد أن جهازاً مثل «التلفاز» قد يغدو عاجزاً عن إحاطة المتلقي بكل تفاصيل المضمون، في حين أشارت لوتاه في محور آخر تعلق بواقع الرواية العربية، بأن الإشكالية تتعلق في إصرار البعض على إقامة خيوط متوازية بين الواقع الأدبي العربي، ونظيره الغربي.وقدّم الشاعر والمستشار في الشؤون البحرية لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، حميد بن ذيبان المنصوري، رؤيته حول حضور التراث في المشهد المحلي، منطلقاً من الإجابة عن تساؤل مرتبط بأثر جغرافية الخور في حياة أهل وساكني دبي بصفة خاصة، مشيراً إلى أن خور دبي، كان بمثابة عصب الحياة التجارية ليس فقط لأهل دبي، بل لمنطقة الخليج بأسرها.

وأشار بن ذيبان إلى ارتباط حياة سكان الإماراتيين عموماً بالبحر، لاسيما من خلال مهنة «الغوص»، التي اعتبرها أصعب المهن البشرية على الإطلاق، مضيفاً: «بخلاف التعب البدني الهائل، وكد الحصول على القوت، كانت الحياة هنيئة، يسودها الود والتآخي، والتكافل الاجتماعي».

وأشار بن ذيبان إلى أن طبيعة موقع دبي وارتباط مورد أهلها بالبحر، دعتهم للاعتناء بالخور، وهو ما التفت إليه تماماً المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حيث أمر بتوفير كل الإمكانات لكي يظل ممراً مثالياً للمحامل التجارية القادمة من شتى أنحاء العالم.

ووصف الروائي علي أبوالريش، الرواية بأنها «محفظة» و«حقيبة» التراث الأمينة، مشيراً أيضاً إلى خصوصية الرواية الإماراتية، باعتبار «الإنسان ابن بيئته»، وأن «الرواية الإماراتية تعيش مرحلة نضج حقيقي، بعد أن قطعت أشواطاً مهمة في التأليف والتسجيل، وأيضاً التوثيق».

وأضاف: «الإمارات بكل خصوصيتها وما تقدمه من نموذج حضاري متميز، تحرّض على الإبداع الروائي، لكن في الوقت نفسه يجب التعامل مع الرواية بتقدير أدواتها وخصوصيتها كفن أدبي ذي قواعد، دون التعامل معها بترف زائد، أو عدم اكتراث بموقعها ضمن كوكبة نسق الإبداع الأدبي».

ورفض أبوالريش مطلقاً إصدار أحكام عامة والمقارنات المضللة بين واقع الرواية والشعر، لافتاً إلى أن عُمر الرواية بمفهومها الحديث في الدولة، يصل إلى 40 عاماً.

وتطرق مدير إدارة التراث في دائرة الشارقة للثقافة والإعلام، الدكتور عبدالعزيز المسلم، إلى تأثر اللهجة الإماراتية المحكية، بعوامل استيعاب أبناء الثقافات الأخرى، مشيراً إلى «هذا التأثر كان محدوداً في بدايته، مع محدودية الأعداد الوافدة من الثقافات الأخرى، لكنه تضاعف مع زيادة وتيرة الانفتاح والتعددية، إلى الدرجة التي أفرزت تأثراً كبيراً بهذه اللغات واللهجات الوافدة».

وأشار المسلم إلى أن «العربية» كانت واحدة من أكثر اللغات الأم التي تأثرت بها العديد من اللغات الأخرى، لكنها الآن تعاني فرط التأثر بسواها، فضلاً عن التباين المتوارث بين اللهجات التي ربما يقع بعضها في نطاق حيز مكاني محدود وضيق للغاية.

وتوقف مسلم أيضاً عند دور الشعر خصوصاً في حفظ التراث، لاسيما الشعر النبطي في حقب سابقة، مضيفاً: «الشاعر القديم يوازي في غزارة علمه الحكيم، لذلك سنجد الكثير من الحكم والأمثال المحفوظة في القصائد التي وصلتنا عبر الحقب السابقة».

واعتبرت الشاعرة كلثم عبدالله، التفاتة مهرجان طيران الإمارات للآداب إلى الشأن التراثي من خلال هذه الأمسية، التفاتة تستحق التوقف عندها وقفة تقدير وإجلال، قبل أن تصرّ على التعريف بنفسها، مستشهدة بحقيقة تؤمن بها «إذا لم تعرف نفسك فلن يعرفك أحد»، حيث رأت أن مدير الجلسة اختزل تعريفها بـ«الشاعرة» مضيفة: «أنا شاعرة وكاتبة، ورئيسة الموسوعة العربية للمسؤولية المجتمعية، ورئيسة الاتحاد العربي للمرأة المتخصصة ــ فرع الإمارات».

وقدمت عبدالله قصيدتين مختلفتين، لافتة إلى أن لها أربعة دواوين بالفصيحة، وديوان بالنبطي، معربة عن اندهاشها في الوقت نفسه بحالة الزهد التي بات ينظر إليها البعض للشعر النبطي، الذي يعد وعاء جمالياً مهماً لحفظ التراث.

 

تويتر