«بإجماع الآراء» فاز بجائزة «ملتقى الرواية»

بهاء طاهر.. احتفاء بـ «متفق عليه»

بهاء طاهر (ابن الكرنك في مدينة الأقصر في صعيد مصر) مبدع استثنائي، انحاز قلمه إلى الحب والجمال والإنسان، بلا ثرثرة أو مطولات، بروحه الخاصة، ولم يستعر أصابع أحد على حد تعبير الراحل يوسف إدريس.


احتفاء جديد بمن يستحق، وتقدير لـ«متفق عليه» وعلى إبداعه الجميل، حظي به الروائي بهاء طاهر، في نهاية الأسبوع الماضي، إذ اختاره الملتقى الدولي للرواية العربية في القاهرة للفوز بجائزة دورته السادسة التي اختتمت، أخيراً، في العاصمة المصرية.

لا تهدأ الساحة الثقافية ـــ غالباً ـــ عقب الإعلان عن الجوائز، صغيرة كانت أو كبيرة، تتململ الأقلام وتنتقد، تطرح أسماء أخرى تراها أهلاً للفوز والتكريم، لكن تختلف الحال ـــ إلى حد كبير ـــ مع صاحب «قالت ضحى»، و«بالأمس حلمت بك»، و«الحب في المنفى»، إذ تكاد تتفق الآراء على أن بهاء طاهر جدير بكل منصة تكريم، ومبدع من طراز مغاير جدير بالاحتفاء الدائم.

المثال الأبرز الذي يمكن استدعاؤه هنا، هو الدورة الأولى من جائزة تثير الجدل والصخب ربما من العام إلى العام في الحياة الأدبية، وهي الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، إذ نعد دورتها الأولى هي الأقل جدلاً، بسبب أن الفائز بها كان بهاء طاهر، ورائعته «واحة الغروب»، بينما لم تخل الدورات اللاحقة لـ«البوكر» من أحاديث طويلة حول جدارة الفائز، وعمله، ورؤية البعض بأن آخر كان أولى بها.

«بإجماع الآراء» نال بهاء طاهر جائزة ملتقى القاهرة للرواية، كما كشف رئيس لجنة الجائزة الكاتب الجزائري واسيني الأعرج، مشيراً إلى أنه كانت هناك قائمة بـ11 روائياً من مختلف البلدان العربية، ووصل العدد بعد ذلك إلى أربعة أسماء، اختارت اللجنة، التي ضمت نقاداً وكتاباً، من بينهم صبحي حديدي، ونجوى بركات، ويحيى يخلف، وسعيد يقطين، وبطرس حلاق، وإبراهيم فتحي، بهاء طاهر.

في عرس تكريمه لم ينس بهاء طاهر الشباب، والتعويل عليهم، والإشارة إليهم، إذ أعرب صاحب «أبناء رفاعة» عن أمنيته بأن تكون الجائزة مناصفة بين «كاتب عجوز وكاتب شاب»، معتبراً الجائزة «وساماً على صدره».

تذكر الشباب في هذا المقام، ليس بجديد على من يعوّل عليهم بهاء طاهر، الذي ترجم «الخيميائي» للبرازيلي باولو كويلهو، إذ اشتهر المبدع المصري باحتضانه لكثيرين من أصحاب المواهب الواعدة، ولا يرفض المبدع الكبير، على عكس كثيرين من «الكبار»، أن يلبي دعوة قاص مبتدئ يتحسس خطواته الأولى، إلى حفل توقيع رواية، أو مناقشة مجموعة قصصية، إذ يحرص بهاء طاهر، وهو في العقد الثامن على الحضور، وربما قام بمداخلة تشد أزر الكاتب المبتدئ، وتشرع له نافذة أمل، على لسان قامة بحجم بهاء طاهر.

يعدّ صاحب «أنا الملك جئت»، و«في مديح الرواية» جيله كله مديناً لجيل التغيير المعاصر في مصر، كما ذكر من قبل في حوار مع «الإمارات اليوم»، مؤكداً أنه لا ينكر ما حاولت صنعه من تغيير الأجيال الماضية، معرباً عن تفاؤله بالمستقبل في مصر، رغم ما مر من أزمات، وما تعرضت له كبوات خلال الفترات الماضية.

بهاء طاهر (ابن الكرنك في مدينة الأقصر في صعيد مصر عام 1936) مبدع استثنائي، انحاز قلمه إلى الحب والجمال والإنسان، بلا خطابة أو ثرثرة أو مطولات، لم يستعر أصابع أحد على حد تعبير القاص الراحل الدكتور يوسف إدريس، لذا صفى أعماله من الزخارف المصطنعة، والادعاء الفارغ، استمد حكاياته من بعض تجاربه، في جنوب مصر وشمالها، وربما من موسم هجرته إلى الشمال في سويسرا بعدما ترك مصر لسنوات طويلة خلال الفترة «الساداتية». وربما يعدّ نتاج بهاء طاهر عزيزاً إلى حد كبير، إذ لا يرغم المبدع ذاته على الكتابة، بل ينتظر حتى تطلبه هي، فبين كل عمل وآخر سنوات، يشتغل صاحبه على مهل، ليضيف شخصيات جديدة، تبرز أزمات الإنسان ووجوه المتعددة، فقد يستمد شخصية ما من التاريخ، كما صنع في «واحة الغروب»، أو من أقصى صعيد مصر حيث النشأة والإطلالة الأولى كما في رواية «خالتي صفية والدير»، أو من فترة السبعينات والرغبة في التغيير كما في «شرق النخيل».

يشار إلى أن ملتقى الرواية العربية في القاهرة، منح جائزة الدورة الأولى إلى المبدع السعودي عبدالرحمن منيف، والثانية إلى الروائي المصري صنع الله إبراهيم (رفض تسلم الجائزة)، والثالثة إلى الروائي السوداني الطيب صالح، والرابعة إلى الكاتب المصري إدوار الخراط، وكانت جائزة الدورة قبل الأخيرة إلى الروائي الليبي إبراهيم الكوني.

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

 

تويتر