«أمير الشعراء» واحد من أبرز البرامج الثقافية العربية التي استطاعت لفت انتباه المبدعين من أرجاء الوطن العربي وقدم على مدى السنوات الماضية أسماء وتجارب على درجة كبيرة من الأهمية. أرشيفية

انطلاق رحلة البحث عن «أمير الشعراء»

انطلقت رحلة البحث عن «أمير الشعراء»، في الموسم السادس، من خلال بدء عرض الحلقات التسجيلية للمقابلات المباشرة التي أقيمت في العاصمة الإماراتية. خمسة أيام متتالية من البحث والاختبارات والتقييمات كانت متميزة بكل ما حملت من مواقف ولحظات حالمة للشعراء المشاركين، ومهمة شاقة على أعضاء اللجنة لاختيار الأفضل.

وبثت قناة بينونة الفضائية الإماراتية، أول من أمس، الحلقة التسجيلية الأولى من البرنامج، من تنظيم وإنتاج لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، وتنفيذ شركة «بيراميديا».
وتصدّر بث الحلقة إهداء من إدارة وفريق برنامج «أمير الشعراء» إلى روح الفقيد محمد خلف المزروعي، الذي أطلق البرنامج في عام 2007، والعديد من أهم المشروعات الثقافية العربية والعالمية، وأكد البرنامج أن ذكرى الراحل لن تغيب أبداً لما قدّمه من إنجازات سيخلدها التاريخ.

مشاركات نسائية متميزة

العنصر النسائي هذا العام عاد بقوة كأنه موسم يبشر بالكثير من الحماسة والتحدي والتفاعل، الذي سيصل بهم للمراحل الأخيرة أو بأميرة للشعراء، مشاركات لم يتركن فرصة إلاّ عبرن بها عن استعدادهن الكامل للمواجهة وأن لا شيء يقف أمام الوصول للقب الإمارة إلاّ النص الجيد، الشاعرة ناديا الملاح من البحرين، وهي مشاركة سابقة في الموسم الرابع، وقد وصلت إلى مرحلة متقدمة من المراحل المباشرة، إلاّ أنها عادت مجدداً للاشتراك والوقوف أمام اللجنة قائلة إنها ستستمر بالمشاركة، لأن اللقب يستحق، وكذلك ما يتركه البرنامج في نفوس المشاركين من إطلالة إعلامية متميزة وإضاءة على التجربة الشعرية الخاصة بالشاعر.

شاعرة أخرى أبدت تميزاً هي أشجان الشعراني من سورية، مقيمة في ألمانيا، ولادتها في ذاك البلد واللغة الألمانية التي تتقنها ودراستها الجامعية مهندسة معمارية لم تمنعها من الاستمرار في كتابة الشعر العربي الفصيح، بل إنّ أعضاء اللجنة شجعوها على كتابة الشعر الحديث لما تمتلكه من لغة جميلة وحداثية رغم ملاحظاتهم على تقليدية القصيدة التي ألقتها. شاعرة أخرى رافقها والداها وعبرا عن سعادتهما بوصول ابنتهما للائحة الـ300 شاعر، متوقعين لها الفوز، لكن لم يلبث هذا الحلم أن تبدد حين لم تجزها اللجنة.

وتضمّنت الحلقة التسجيليّة الأولى العديد من الفقرات المتنوّعة والكثير من المفاجآت والمتعة والإثارة، والمواقف الجميلة والطريفة التي حدثت خلال مقابلات لجنة التحكيم، التي ضمّت في عضويتها لهذا الموسم كلاً من الدكتور علي بن تميم من الإمارات، الدكتور عبدالملك مرتاض من الجزائر، والدكتور صلاح فضل من مصر.

الكثير من مجريات أحداث كواليس المقابلات مع الشعراء الـ300 الذين اختارتهم لجنة الفرز العليا من بين الآلاف من الشعراء المشاركين الذين تقدموا للمسابقة، وما يتضمنها من مفارقات ومواقف طريفة تعرض لها المتسابقون، كانت حاضرة في الحلقة الأولى.

وكشف مدير أكاديمية الشعر في أبوظبي، سلطان العميمي، أنّ الموسم السادس من «أمير الشعراء» شهد أعلى نسبة مشاركة من الشعراء المصريين والسعوديين، بالنظر للمكانة المميزة التي يتبوأها البرنامج في المشهد الثقافي العربي، مؤكداً في الوقت ذاته أهمية مشاركة قنوات تلفزيونية من السعودية ومصر للمرّة الأولى في بث حلقات البرنامج التسجيلية والمباشرة، واستقطاب المزيد من متذوقي الشعر العربي الفصيح.

وعرضت الحلقة آراء اللجنة، حيث قال الدكتور عبدالملك مرتاض، لقد سمعنا شعراً حقيقياً ومتميزاً، طبعاً هناك نصوص غير مجازة لكن الشعراء تناولوا ذاتهم ومشكلاتهم وحياتهم اليومية، وهذا ما ميز بعض المشاركات التي أتت بلغة جزلة وجميلة وعابقة بالشعر الجميل.

أمّا الدكتورعلي بن تميم، فقال «هناك العديد من الأصوات الشعرية الجديدة التي تعبر عن واقعها، وتمزج التجربة الذاتية للشاعر مع ما يحدق بها من تحديات تعيقها بالعالم العربي، وقد استطاعت بالشعر أن تواجه هذه التحديات».

وقال الدكتور صلاح فضل «هناك شاعر واحد تطرق في نصه لما يعيشه العالم العربي اليوم من صعوبات، وبالشعراء نستطيع أن نحارب العنف وننقذ الشارع العربي، وبالشعر نستطيع أن نعيد فتح أبواب الأمل».

إذاً، هو موسم مبشر بالكثير من الحماسة واللغة العالية، من عاصمة الشعر والثقافة تبدأ رحلة البحث عن «أمير الشعراء»، وبعدها تصبح عالمية المشاهدة والتصويت، لم تجز اللجنة البعض لأسباب، منها غياب الشعر والشعرية العالية، أو عدم وجود النص المقنع الذي أسهم في قتله، أو عدم تمكّن البعض من مفاتيح الشّعر، وثمة من نظم كلاماً على كلام، حتى ذهب الدكتور علي بن تميم بقوله لأحد الشعراء «شعرك هو نظم منظم ناظم منتظم يغيب عنه الشعر، هي تراكيب متماسكة لكن يغيب عنها الشعر».

ومع الحلقات المسجّلة من البرنامج، ستواصل قناة بينونة الفضائية الإماراتية، إضافة للتلفزيون السعودي القناة الأولى، وقناة المحور الفضائية المصرية تفاصيل لقاءات لجنة التحكيم مع المئات الذين كانوا قد تقدّموا بطلبات التّرشّح للمسابقة في دورتها هذه، فيما يبدأ البث المباشر للبرنامج 25 مارس 2015.

ووثقت الحلقة الأولى وبطريقة جديدة فيها الكثير من الإبداع والتشويق للمقابلات والتصريحات التي أدلى بها الشعراء المشاركون في هذه الحلقة وكانوا من السعودية، سورية، فلسطين، البحرين، العراق، الأردن، الإمارات، مصر، السودان، سلطنة عمان، المغرب، مالي، إرتيريا، موريتانيا، وعبّروا من خلالها عن انطباعهم ورأيهم في المسابقة، قبل الوقوف أمام لجنة التحكيم وبعد أن جلسوا على الكرسي وقدموا مشاركاتهم، حيث أعلنوا وبثقة عالية ومنذ مرحلة مبكّرة، التحدي وخوض المنافسة على اللقب وبردة الشعر وخاتم الإمارة.

مواقف طريفة

مواقف طريفة عدة حصلت، كإلقاء شاعر من سلطنة عمان قصيدة في زوجته، التي استقبلها أعضاء اللجنة بطرافة، وعبروا عن إعجابهم وتقديرهم بالقصيدة الدالة على الوفاء للزوجة، ناصحين إياه بعدم المحاولة ثانية، وإلقاء قصائد من هذا النوع في المسابقات، كما شهدت الحلقة التسجيلية الأولى إقبالاً لافتاً ومتميزاً وكبيراً من قبل الشعراء السعوديين، الذين أجازت اللجنة بعضهم، فيما لم ينل البعض الآخر الإجازة.

بعض الشعراء قبيل وقوفهم أمام اللجنة لم يخفوا مشاعر الخوف التي اعترتهم تحسباً لتلقي النقد القوي من الدكتور صلاح فضل، وبعد خروج العديد من الشعراء الذين أبدوا ارتياحهم بعد لقائه، عادوا ليتفاجأوا بنقده من جديد، حيث أبدى ملاحظات ببعض الشعراء قوية في قوله للبعض «الشعر هشّ، أوصاف مرضية، اذهب للاطمئنان على صحتك، وبعدها عد من جديد، كلام فارغ، لم أفهم هذا النص».

ولد عبدي حاضر

شاعر موريتاني أهدى قصيدته إلى الراحل الدكتور محمد ولد عبدي، الذي كان أحد أعضاء اللجنة العليا للبرنامج، معبراً عن حزنه لفقد هذه القامة الثقافية الكبيرة، وقد حازت القصيدة على إعجاب اللجنة، التي بدورها قالت للشاعر لقد أثرت شجوننا في هذه القصيدة، وأعدت لنا ذكرى عزيز راحل نفتقده معنا في هذا الموسم وفي كل موسم قادم، لشخصيته البسيطة والصديقة.

شعراء شاركوا سابقاً

اللافت في الحلقة مشاركة العديد من الشعراء الذين شاركوا في البرنامج في دوراته السابقة، ومنهم من يشارك للمرة الثانية على التوالي، وهو الشاعر فريد حسين ياغي، (فلسطيني)، لكنه سوري المنشأ والإقامة، متمنياً إجازته، وذلك بعد المشاق التي تكبدها للحضور في العام الماضي، حيث إنه خسر سنته الدراسية الجامعية لرغبته في الالتحاق بالبرنامج، الذي تزامن مع فترة الاختبارات الجامعية، ومع كل ما تكبده من عناء لم يمتنع هذا العام عن المشاركة متحدياً الصعوبات التي واجهته في الوصول وعدم وجود طائرات مباشرة من دمشق إلى أبوظبي، فحضر عن طريق بيروت.

الأكثر مشاركة