مهرجانات بعلبك.. تكسر «اللعنة» بأنغام برازيلية
إلياس عزفت على مدى ساعة ونصف الساعة. أرشيفية
تحدت مهرجانات بعلبك الدولية الوضع الأمني المتوتر الذي يشهده لبنان، وكان افتتاحها مساء أول من أمس، بعد ساعات من تفجيرين في مدينة طرابلس (شمال لبنان)، بمنزلة «كسر اللعنة» التي لاحقت الدورة الحالية، بحسب وزير السياحة اللبناني فادي عبود الذي قال ان استمرار المهرجانات هذه السنة يشكّل «فعل مقاومة»، على الرغم إقامتها استثنائياً في إحدى الضواحي الشمالية لبيروت بسبب الظروف الأمنية التي تشهدها بعلبك القريبة من الحدود مع سورية.
وقالت رئيسة لجنة مهرجانات بعلبك الدولية نايلة دو فريج، في كلمة ألقتها قبيل رفع الستارة عن اولى حفلات البرنامج الفني الذي أحيته فنانة برازيلية، مساء أول من أمس، ان لبنان يمر في مرحلة «صعبة جداً، فيها تهديد لكيان الوطن». وقالت «شهداؤنا يسقطون في كل لبنان، ونعزي العائلات ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى» ، في إشارة إلى ضحايا تفجيري طرابلس اللذين أوقعا عشرات القتلى ومئات الجرحى، وتفجير آخر سبقه قبل أيام في الضاحية الجنوبية لبيروت.
واضافت «على الحياة ان تستمر، وعلى لبنان ان ينهض. لبنان بلد الحضارة والإشعاع هو كطائر الفينيق الذي ينتفض حيا من تحت الرماد». وطلبت من الحاضرين الوقوف دقيقة صمت تعبيراً عن «مشاركة كل من يتألم».
أما وزير السياحة اللبناني فادي عبود الذي مثّل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في افتتاح المهرجان، فقال لوكالة فرانس برس، إن «مسحة الحزن موجودة لدى كل اللبنانيين من جرّاء ما يحصل في بلدهم، الا ان الحياة ينبغي ان تستمر».
واضاف «لن نقبل بان يجعلونا نموت، لا جسديا ولا نفسيا ايضا. واستمرار المهرجان فعل مقاومة كي لا نموت نفسيا. يجب ان تستمر الحياة، ويجب ان نبقى الأساس في ثقافة العالم الذي يحيط بنا». ورداً على سؤال عن «اللعنة» الأمنية والسياسية والفنية التى لاحقت المهرجان، أجاب «لقد كسرناها الليلة». ووسط اجراءات امنية مشددة، حضر نحو 1000 شخص حفلة الافتتاح لعازفة البيانو والمغنية البرازيلية إلياني إلياس، في الموقع الموقت للمهرجان، وهو معمل للحرير يعود إلى القرن الـ19 في منطقة سد البوشرية، قرب العاصمة اللبنانية.
وشكلت ابنية خان الحرير التراثية الثلاثة، بأحجارها المصفوفة والمكللة بالقرميد الأحمر، خلفية المسرح. وزينت الخشبة صورة عملاقة بالأبيض والأسود لباب احد المعابد الأثرية في مدينة بعلبك التي درجت على استضافة المهرجان منذ خمسينات القرن الماضي بين أعمدة آثارها الرومانية. وحضرت مدينة الشمس أيضاً بالذاكرة من خلال معرض يتضمن صوراً لأبرز حفلات الفنانين التي قدمت في مهرجانات بعلبك الدولية على مدى عشرات الأعوام. وعلى مدى ساعة ونصف الساعة، عزفت إلياني إلياس (53 عاما) وغنّت من لوني الجاز والـ«بوسا نوفا» (وهو نمط موسيقي برازيلي شعبي يمزج الجاز بالسامبا ظهر في نهاية الخمسينات من القرن الماضي في ريو دي جانيرو). وكانت بعض المقطوعات التي غنتها الياس وعزفتها خلال الحفلة تحية الى جاو جيلبيرتو، احد رموز الـ«بوسا نوفا»، وقدمت تحية الى عازف الترومبيت ومغني الجاز الأميركي تشت بايكر من خلال اغنيتين من اسطوانتها الأخيرة. وبدت إلياني إلياس أمام البيانو مستشرسة في العزف، وكأنها نمرة تنقض على «طريدتها»، أو كأنها، بالعضلات الظاهرة في جسمها، وبحركات يديها اللينيتين والسريعيتن، بطلة رياضية ملعبها البيانو. ولوحظ أنها تعزف حافية القدمين، ما يسهل عليها استخدام الدواسات.
وخاطبت إلياس الجمهور مرارا قائلة «ان جو لبنان الحار والرطب يذكرني بالبرازيل». وكانت قبل كل اغنية تؤديها عزفا وغناء تتوقف لتروي بالانجليزية خبرتها معها، وتترجم عناوينها لجمهور كان في صفوفه عشرات البرازيليين.
وأحاطت بإلياني إلياس فرقتها التي تضم ثلاثة عازفين، هم زوجها مارك جونسون على الفيولونسيل، وروبنز دي لا كورتيه على الغيتار، ورافايل باراتا على الدرامز. يشار إلى أن البرنامج الأصلي لمهرجانات بعلبك كان يتضمن حفلة في 30 يونيو لمغنية الأوبرا رينيه فليمينغ، لكن فليمينغ أعلنت إلغاءها «لظروف خاصة». وبعد ذلك، اعلنت المغنية والممثلة البريطانية ماريان فايثفول أنها لن تتمكن من احياء حفلتها التي كانت مقررة في17 أغسطس الجاري ضمن المهرجان اللبناني، بسبب تعرضها لكسر في عمودها الفقري. أما الفنان اللبناني عاصي الحلاني فارتأى تأجيل حفلته إلى السنة المقبلة، بسبب تعذر إقامة المهرجان في بعلبك.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news