مريم بوسالمي: «زهايمر» تمردت على الــرقيب

صورة

تعد مسرحية «مرض زهايمر» اول عمل مسرحي تونسي يعرض من دون رقابة، أو تدخل من قبل أي لجنة فنية، على الرغم من أنه كان يوشك أن يمنع قبل قيام الثورة التونسية، وسقوط الرئيس زين العابدين بن علي، إلا أن المؤلفة المخرجة الشابة مريم بوسالمي رفضت مقص الرقيب الذي كان يحوم حول «زهايمر» والأعمال التي تنبأت بالثورة التونسية.

وقالت مريم بوسالمي لـ«الإمارات اليوم» إن «مُشاهِد مسرحية مرض زهايمر قد يتولد لديه اعتقاد بأن النص كتب بعد اندلاع الثورة، او على أقل تقدير بعد سقوط النظام السابق، إلا انه تم تأليفه قبل ذلك، إذ كان الممثلون يتدربون على بروفات المسرحية أثناء وجود الاضطرابات والمظاهرات في الشوارع التونسية، ولكنني لا اعتبر أن العمل ملهماً للثورة»، مشيرة إلى أن العمل تمرد على الرقيب، وتدخل الجهات المراقبة للأعمال المسرحية، التي تمنح الموافقة عن النص من خلال تجريده من التلميحات السياسية والأمور التي لا تتعارض مع السقف المسموح به في ذلك الوقت، وقد عارضته بشده عندما حاولوا في وقت سابق التدخل بإلغاء أجزاء من النص.

أجندة عرض اليوم

المسرحية: أمس البارحة.

الفرقة: مسرح كلباء.

المكان: معهد الشارقة للمسرح

قاعة .2 السابعة مساء.

عرض ثاني

المسرحية: اخوان شما.

الفرقة: المسرح الحديث.

المكان: معهد الشارقة للمسرح

قاعة ،1 الثامنة والنصف مساء.

وأكدت مريم أنها تواجه تخوفاً كبيراً من الارتباك السياسي الواضح الذي يمثل خطراً كبيراً على المثقف التونسي، الذي كان، ومازال، يعاني التهميش المرتبط بالوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي «إذ إن العدو في السابق كان واضحاً، أما الآن فلا تعلم من هو عدوك، لاسيما في وجود الحرية المطلقة الحاصلة في البلد، فبعد الكبت والقمع هناك حرية تشكل خطراً على الجميع ما لم تكن في إطار مدروس».

ولم تخل مسرحية «مرض زهايمر» من تلميحات يمكن قراءتها بسهولة تدور في إطار «الربيع العربي»، وحال الشباب التونسي الذي يعاني البطالة والتهميش كما حال المثقفين بمختلف اتجاهاتهم الذين يحاربون من قبل الأنظمة السياسية، في حين يعكس العمل جانباً من الواقع العربي قبل قيام الثورة وبعدها، فالوضع في العمل التونسي لا يختلف كثيراً عن علاقة الحاكم الظالم بشعبه، التي لا تخلو من مظاهر القمع والتجبر والبطش، الأمر الذي ولّد عند كثير من الشعوب حالة الانفجار المتوقعة التي انعكست بالتظاهر والاحتجاج ضده لإسقاطه عن الحكم.

وقالت مريم ان «العمل كشف الحالة الواقعية حول وضعية شاعر فاشل او مثقف مهمش، امام السلطة العقيمة المجسدة في شخصية الأب، الذي هو في الأساس رجل عصامي تمكن بفضل مثابرته وعزمه من الوصول إلى مكانه مرموقة على مستوى مهنة المحاماة التي كان يمارسها ويعرف خباياها ويتقنها، إذ لم ينفك الأب عن ترديد فصول وبنود القانون ويستحضره بشكل دائم على مسامع ابنه الذي اعتبره شاعراً فاشلاً يبيع الكلام الذي لا يطعم خبزاً ولا يدر ربحاً، خصوصاً أن ابنه فضل كتابه الشعر على مزاولة مهنة المحاماة التي ورثها والده عن جده».

واعترفت المؤلفة التونسية بأن مرض الزهايمر يشكل بقعة داكنة في حياتها، لاسيما بعد المعاناة التي كانت تلمسها في جدتها التي أصيبت بالمرض وصارت تفقد تدريجياً الإحساس بالزمان والمكان والذاكرة، والتي طالما كانت مصدر سعادة حفيدتها التي تروي لها حكايات من ذاكرتها، تلك الحالة من التأرجح بين الذكريات والنسيان، على اعتبار ان الانسان من دون ذاكرة غريب عاجز عن التعرف إلى وجهه في المرآة، ومن دون الذاكرة تصبح الإنسانية من دون أمل.

ولأن مرض الزهايمر، يوصف بتطوره البطيء وانتكاساته السريعة، مثله مثل الحياة التي تأتي بشكل شيء وتطلقه في جميع الاتجاهات، من دون أن يأتي على الوتيرة نفسها، فقد كان مرض زهايمر ذريعة أو ربما سبباً ظاهرياً لأمور أخرى مبطنة، إذ تصف أحداث المسرحية ذات الوتيرة المتذبذبة، علاقة ابن بوالده لا تخلو تلك العلاقة من التوتر العالي المتصاعد مع تطور حالة النسيان والهذيان، التي صاحبت الأب بعد اصابته بمرض الزهايمر.

واستخدمت مريم بوسالمي طرقاً إخراجية متنوعة اعتمدت على سرد حكاية في سبع حكايات مختلفة، ولجأت إلى الأجهزة والتقنيات الحديثة في المسرح مثل المسرح المفتوح والتفاعلي والاقتصاد في الحركة والإيماءات والتلاعب بالإضاءة، وغالباً ما كان المسرح المعتم دليلاً على الكبت والكآبة واليأس، وأشارت مريم إلى أن «هناك تغييرات طرأت على العرض المسرحي الذي تشارك فيه فرقة المسرح الوطني التونسي للمرة الأولى في الخليج، وتحديداً خلال أيام الشارقة المسرحية ضمن العرض الافتتاحي للمهرجان، إذ تم تقليص المدة الزمنية للعرض، كما اسقطت كلمات وعبارات باللغة الفرنسية الدارجة في تونس، التي قد لا يفهم معناها المتفرج العربي أو الخليجي تحديداً، لتدارك وقوع الاشكالية، إذ قام الممثلان الفنان صلاح مصدق في دور الأب (المصاب بالزهايمر) والفنان الشاب قابيل السياري في دور الابن (الشاعر الفاشل) بعمل ترجمة فورية لتلك الكلمات».

تويتر