يكرمه «معرض الشارقة للكتاب» الذي ينطلق اليوم بمــشاركة 789 دار نشر

عبيد: التكـريم تتويج لـ 20 عاماً من البحث

أحمد محمد عبيد: الإمارات تفتقر إلى مجهود مؤسسي في جمع التراث. تصوير: زافيير ويلسون

عبّر الباحث والشاعر الإماراتي أحمد محمد عبيد، عن سعادته الكبير بحصوله على جائزة معرض الشارقة الدولي للكتاب، لأفضل كتاب إماراتي لمؤلف إماراتي عن كتاب له حول الشاعر الأموي بعنوان «كعب بن معدان الاشقري». لافتاً إلى أن هذا التكريم يأتي بمثابة تتويج لمشوار امتد على مدى 20 عاماً من البحث والدراسة في تاريخ وتراث الإمارات والمنطقة، أنجز خلالها ما يزيد على 50 كتاباً.

وقال لـ«الإمارات اليوم» أن اهتمامه بتوثيق سيرة الشاعر الأموي كعب بن معدان الاشقري، جزء من اهتمام بدراسة وتوثيق الشعر العربي القديم، بينما يعود اهتمامه بالشاعر نفسه إلى علاقته القوية بالمهلب بن صفره وابنه يزيد، وتذهب الآراء إلى أنه خرج من منطقة ما في ما كان يسمى قديما عمان، وتشمل حاليا الإمارات وسلطنة عمان، ونظرا لارتباطه الشديد بآل المهلب الذين خرجوا من منطقة دبا في الإمارات، فمن المرجح أنه ينتمي إلى منطقة قريبة منهم، ولكنه أمر لم تؤكده او تنفه أي مصادر تاريخية. مشيرا إلى أن قلة المصادر التاريخية كانت بمثابة العقبة الرئيسة أمام عمله على انجاز هذه الدراسة وغيرها من الدراسات البحثية التي يعمل عليها. وتتضمن جوائز معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي تبدأ فعالياته اليوم بمشاركة أكثر من 789 دار نشر عربية وأجنبية عدة مجالات هي «أفضل كتاب إماراتي-لمؤلف إماراتي»، و«أفضل كتاب إماراتي في مجال الدراسات»، و«أفضل كتاب إماراتي في الإعداد والترجمة»، و«أفضل كتاب إماراتي مطبوع عن الإمارات»

سيرة ذاتية

احمد محمد عبيد كاتبٌ وباحثٌ وشاعر ومحقّقٌ ومخطّطٌ ثقافيّ، وعضو رابطة الأدب الإسلاميّ العالميّة واتحاد كتاب الإمارات، وقد أنجز ويعمل على مشروعات ثقافية عدة مثل: المشروع الوطني لتوثيق لهجات الإمارات، المشروع الوطني لتوثيق تراث الإمارات، المشروع الوطني لتوثيق المسميات الجغرافية، مبادرة أحمد عبيد الثقافية، موسوعة المؤلفين والمحققين والمترجمين الإماراتيين.

ولد احمد محمد عبيد في دبا ،1967 وحصل على درجة البكالوريوس من جامعة الإمارات، ثم الماجستير في الأدب العربي من جامعة عين شمس ،1996 وإلى جانب كتبه البحثية التي يقارب عددها الـ 50 كتاباً، صدر له تسعة دواوين شعرية هي «شموع وقناديل»، «مع الليل»، «عاشق في زمن الغربة»، «من أغاني العاشق القديم»، و«بقايا كلمات»، «آخر القوافي»، «رؤى نابضة»، «همسات على أعتاب الروح».


 ديوان كعب الأشقري

صدر ديوان «شعر كعب بن معدان الأشقري»، الذي جَمَعَه وحققه أحمد محمد عبيد عن دار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، في 128 صفحة. وكعب الأشقري هو أحد الشعراء الأمويين المعروفين، ولد في عُمان في القرن الهجري الأول، ورافق المهلب بن أبي صُفرة وبنيه في فتوحاتهم في خراسان، وكان لحضور قبيلته الأزد أثر في شعره، إذ كانت تمثل هذه القبيلة الكبيرة أكثر المشاركين في الفتوحات والمعارك التي خاضها الجيش الأموي في فتوحاته وفي حروبه ضدّ الخوارج، وكان كعب حاضراً في أكثر تلك الأحداث.

وما وصل من شعر كعب قليل مقارنة بأشعار معاصريه، على الرغم من أن الأخبار التي وردت عنه تشير إلى أنه كان كثير الشعر، فقد قال المرزباني عنه: «إنه استفرغ شعره في مدح المهلب وولده»، وقد ذكر هو نفسه في إحدى قصائده أنه مدح آل المهلب 50 عاماً، وقد قال شعراً في الفتوح وحروب الأزارقة، كما أنه هجا زياد الأعجم.

 مشروعات وطنية

قال عبيد «أهتم دائماً بمجالات، أعتقد أنه لم تتم الكتابة فيها سابقاً، أو أن التناول لم يكن بالشكل المطلوب، حيث اتتبع ما يزيد على 10 حقول من حقول الثقافة، بعضها لم يتم ارتياده إطلاقا، مثل اللهجات ومسميات المواضع في الإمارات. ويدخل الأدب ضمن هذه المجالات بحكم تخصصي في الدراسات الأدبية، ولذا فأنا معني بتوثيق ما لم يتم توثيقه في أدب الإمارات». وأضاف «أعمل منذ فترة على توثيق تراجم أدباء الإمارات في معجم كان من المقرر صدوره خلال العام الجاري، ولكنني ارتأيت إصداره مطلع العام المقبل، حتى أجمع فيه كل ما يصدر من أعمال كتاب حتى نهاية العام»، وكشف عبيد أنه يضع اللمسات الأخيرة على كتاب «كشاف الأدب الإماراتي المعاصر»، وهو عمل أشتغل عليه منذ من أكثر منذ 10 سنوات، وصدرت بالفعل منه ثلاث طبعات، وفيها توثيق لكل ما صدر من كتب وأبحاث ودراسات تصدر لكتاب إماراتيين، أو ما كتب عن إصدارات إماراتية من روايات وشعر ومجموعات قصصية ومجموعات النثر الفني وغيرها من كتابات تخص أدب الإمارات حتى نهاية العام الجاري.

وأكد صاحب «همسات على أعتاب الروح» اهتمامه الشديد بالتراث والتاريخ الشفاهي لدولة الإمارات والمنطقة، الذي يضم كماً هائلاً من الذخيرة التراثية التي لم تدون بعد. موضحاً أنه يعمل بشكل شخصي على إعداد مشروع وطني بهذا الخصوص بعنوان «المشروع الوطني لتوثيق التاريخ الشفاهي»، إضافة إلى المشروع الوطني لتوثيق لهجات الإمارات. لافتاً إلى قيامه بالعمل على «معجم أصناف نخيل التمر المنقرضة والباقية والوافدة في الإمارات»، الذي رصد فيه 870 صنفاً حتى الآن، مع محاولة توثيق كون الإمارات الأكثر تنوعاً من حيث أصناف النخيل التي تضمها، إلى جانب الرقم القياسي الذي تتفرد به كصاحبة أكبر عدد من أشجار النخيل بمجموع 42 مليون نخلة.

جهود فردية

أشار عبيد إلى أن الإمارات مازالت تفتقر لمجهود مؤسسي منظم بالشكل الذي يجب أن يكون عليه في ما يتعلق بجمع التراث وتوثيقه. موضحاً أن هناك جهوداً بحثية في هذا المجال ولكنها متفرقة ولا يجمعها رابط. معربا عن أمله أن تكون هناك هيئة رسمية تعمل على تشكيل لجنة متخصصة تعمل وفق خطة مرسومة مسبقاً. وشدد عبيد على ضرورة أن يدرك الباحث الذي يرتاد مجال البحث أن الحقيقة نسبية وليست مطلقة، وربما يأتي من يدحضها. كما أن البحث في ما يتعلق بالأنساب والقبائل لابد ان يتم بحذر ووعي كبيرين، لما تتسم به من حساسية عالية في المنطقة، كما يجب أن يدرك الباحث أن هناك أموراً من الأفضل التغاضي عن ذكرها حتى لا تؤدي إلى إثارة المشكلات. مشيراً إلى ان البحث في مسألة الأنساب، خصوصاً في الإمارات يتطلب الكثير من الحذر لانه لم ترد تدوينات موثقة حول هذه المسائل، كما أن كثيراً من المعلومات المتوارثة شفاهية فقدت عبر مئات السنين، وبعضها تم تحريفه، وبالتالي تحتاج إلى البحث والتوثيق التاريخي.

صعوبات

اعتبر أحمد محمد عبيد ان من ابرز الصعوبات التي تواجهه خلال عمله البحثي، عدم التفرغ «فالتفرغ ضروري لاي باحث ليتمكن من انجاز عمله في الوقت المطلوب وبالشكل الذي يرضى عنه، خصوصاً أنني اعمل بشكل شخصي وفردي». لافتا إلى أن هناك صعوبات اخرى تتمثل في ندرة المصادر التاريخية عن الشخصيات القديمة، خصوصاً في القرنين 18-.19 أما المصادر والكتابات المتعلقة بالنصف الأول من القرن الـ20 فقد كتبت من وجهة نظر أجنبية، لذا يجب أن تؤخذ بقدر كبير من الحذر.

وقال عبيد الذي اصدر من قبل تسعة دواوين شعرية، آخرها ديوان «نوار» الذي صدر خلال العام الجاري، إنه بصدد إصدار مجموعته القصصية الأولى التي ستحمل عنوان «خمس دقائق أخرى»، وذلك في منتصف .2011 مشيراً إلى انه كتب قصص المجموعة في فترات متباعدة، نظراً لزحام الحياة، وأعباء العمل اليومي. في حين ارجع تأخره في نشر المجموعة إلى رغبته في ان يكون نتاجه القصصي موازياً للنتاج الشعري، وخالياً من الأخطاء والمباشرة ما أمكن. ويعمل حالياً على خمسة مشروعات وطنية كبرى، يمكن أن يتفرع منها ما يقرب من 25 كتاباً.

تويتر