«نجم الخليج» يقترب من الشمال الإفريقي للمرّة الأولى

المسابقة استقطبت مواهب من دول عربية عدة. من المصدر

لم يكن معظم متابعي برنامج «نجم الخليج» الذي نقلت «الإمارات اليوم» كواليس انطلاقته من بيروت على شاشة دبي الفضائية، يتوقع أن تخلو منافساته النهائية من المتسابقين الخليجيين، باستثناء متسابق وحيد، كما أشرت جولة مساء أول من أمس، بخروج العراقية ورود في حفل كان ضيفها مواطنها المطرب ماجد المهندس الذي تكررت استضافته في حلقات مسابقات غنائية أخرى شهدت أيضاً خروج متسابقين عراقيين على نحو جعل البعض يصف الظاهرة الصدفة مداعباً على أنها «لعنة المهندس».

وشكل تساقط المواهب الخليجية مع اشتداد وتيرة المنافسات صدمة قوية لمتابعي البرنامج بعد خروج متسابقي الإمارات والكويت والبحرين وقطر وسلطنة عمان، ليبقى متسابق سعودي واحد هو الممثل الوحيد حالياً لدول الخليج العربي في المسابقة، بعد خروج ورود الخفاف، العراقية التي سقطت هي الأخرى مساء أول من أمس، فاسحة المجال لأن يكون اللقب الخليجي شمال إفريقي لأول مرة في تاريخ أي منافسة خليجية بعدما اتسعت المسابقة هذا العام لتشمل مختلف المواهب العربية المجيدة للغناء الخليجي، دون أن تقتصر المنافسة على أبناء دول الخليج، حيث سيتنافس خلال الأسبوعين على اللقب أربعة متسابقين أحدهم من المملكة العربية السعودية والثلاثة الآخرون من تونس ومصر.

ورغم استبعاد الجمهور حسب استطلاع لـ«الإمارات اليوم» أن يذهب اللقب الخليجي لموهبة غير خليجية، إلا أن الآراء الفنية والنقدية لم تستبعد ذلك بل هدفت منذ البداية إلى التمهيد لهذه النتيجة، حيث قال مدير قناة دبي الفضائية عبداللطيف القرقاوي «ما حدث في دورة هذا العام أننا توافقنا مع الانتشار المتنامي لمختلف الألوان الطربية الخليجية في الوطن العربي، وقررنا الانحياز للمظلة الأكثر اتساعاً وتواؤماً مع تنوع مشاهدي (دبي الفضائية) على اختلاف انتماءاتهم القطرية، وهو هدف وجد له أساساً مهماً مع الانتشار الجيد للأغنية الخليجية عربياً، سواء تذوقاً أو إبداعاً، ومن خلال تواتر طلبات الالتحاق بالبرنامج من مختلف البلدان العربية، والجودة الفنية لعدد من تلك الأصوات حسب شهادات لجنة الاستماع، كان هناك إحساس بأن الأصوات غير الخليجية ستُقدم مفاجآت فنية سارة للجمهور خلال المسابقة إلى حد قد نرى نجم الخليج لأول مرة من بلد عربي شقيق، خارج نطاق دول الخليج».

هذه القناعة أيضاً انتقلت إلى أعضاء لجنة التحكيم الكويتي عبدالله الرويشد والإماراتي فايز السعيد واللبنانية ديانا حداد، حيث قال الرويشد لـ«الإمارات اليوم» «أعتقد أنه ليس صحياً أن يمر الفن، كما هي الحضارات والثقافات الناضجة، بعوامل تأثر فقط دون أن يكون قادراً على التأثير في غيره، وهذا هو تماماً ما حدث بين الأغنية الخليجية، وغيرها من ألوان الطرب الأخرى في الأغنية العربية، سواء كانت مصرية أو تونسية وغيرهما، فقد مررنا بمرحلة تأثر، بالنسبة لعلاقة اللون الخليجي بغيره، والآن من الصحي جداً أن نشهد آثاراً لجانب تأثير الأغنية الخليجية في الساحة العربية، إلى الحد الذي نرى معه مواهب عربية غير خليجية تجيد الغناء باللهجة الخليجية، وهو أمر يترجم نجاحات وانتشار الأغنية الخليجية على الساحة العربية بشكل ملموس».

الفنانة اللبنانية ديانا حداد في السياق ذاته باعتبارها أحد الأصوات التي استفادت من ثراء الأغنية الخليجية دون أن تتقوقع على لونها الوطني اللبناني، أشادت من جانبها بإجادة الأصوات العربية المشاركة في المسابقة للون الغنائي الخليجي، مضيفة «الأمر أحياناً يتعلق بعدم اعتياد بعضهم على نطق حروف بعينها وفق المخارج الصحيحة متأثرين بلهجاتهم الأساسية، وبعض الإشكالات الفنية البسيطة التي يمكن التغلب عليها من خلال مزيد من التدريب والاستماع إلى أغانٍ خليجية»، مؤكدة من جانبها أنها لم تستبعد منذ البداية أن يكون لقب «نجم الخليج» غير خليجي.

وعن الأغنية الخليجية قال العراقي ماجد المهندس إنها أغنية لها خصوصيتها وخصوصاً في الكلمة التي تحمل عمقاً في معانيها، ناصحاً من يريد تقديم الأغنية الخليجية بالتعمّق بمعاني الكلمات وإتقان الإيقاع الخليجي.

السعيد: مكسب إماراتي

رفض الفنان فايز السعيد التعامل مع ظاهرة خروج المتسابقين الخليجيين بمن فيهم الإماراتي من مسابقة «نجم الخليج» في مقابل ظهور أصوات تشق طريقها لانتزاع لقب البرنامج من تونس ومصر بصفة خاصة لأول مرة، على أنها ظاهرة تؤشر سلباً الى مستوى المواهب الخليجية، مضيفاً «الأمر برمّته مكسب للإعلام والفن الإماراتي، فالأول يرعى هذه التظاهرة مستظلاً مواهب من مختلف الدول العربية، في إطار رسالته والتزامه تجاه انتمائه العربي الأكبر، في الوقت الذي يمثل استكشاف مواهب عربية جديدة تؤدي اللون الخليجي الذي يبرز فيه بشكل خاص حالياً اللون الإماراتي، إثارة وتجديداً مطلوبين بشكل دائم في هذا المجال».

الرويشد: تلاقح فنون

عبر ظاهرتي التأثير والتأثر المعروفتين في سياق العلاقة بين الثقافات، فسر الفنان عبدالله الرويشد ظاهرة إجادة مواهب عربية غير خليجية الانتماء للون الغنائي الخليجي، مضيفاً «تأثرنا جميعاً بالأغنية المصرية وغنيناها بعد أن اعتادت آذاننا على اللهجة المصرية العذبة سواء في أغاني الكبار، أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم وغيرهم، أو الدراما التلفزيونية الرائدة، والآن بعد الانتشار الكبير للأغنية الخليجية عبر مخضرمين من أمثال محمد عبده وجيل شاب مثل الجسمي، من الطبيعي أن نجد أصواتاً مصرية وتونسية وسورية وغيرها تلهج بالأغنية الخليجية، لأن «الفنون ببساطة تتلاقح» في ظاهرة صحية تحفظ للفن دائماً صيرورته وتطوره.

«ما صدقت سبقها»

وحول خروج المتسابقة العراقية من المنافسات، وصف المهندس صوت ورود بالرائع والحسّاس، مؤكداً أن خسارة أي صوت جميل يشعره بالحزن، متمنياً من إدارة البرنامج دعم الأصوات الأربعة، «خصوصا أننا نعيش أزمة أصوات»، على حد تعبيره. من جانبها استقبلت المتسابقة العراقية ورود الخفاف النتيجة التي أعلنها مقدما البرنامج ديالا مكي ومحمود بوشهري بابتسامتها العريضة التي تعوّد عليها جمهور برنامج «نجم الخليج»، في الوقت الذي شارك الفنان ماجد المهندس في هذه السهرة مقدماً في البداية أغنية (ما صدقت سبقها)، بعد أن قدم المشتركون الخمسة مجموعة من الأغاني الخليجية، تمهيداً لغنائهم لأول مرة أغنيتين لكل مشترك أمام لجنة التحكيم.

وكانت الإطلالة الأولى للمتسابق مودي من مصر مع أغنية (الحريم) التي نال عنها 19 نقطة، بعدها قدمت ورود من العراق أغنية (عمري ما اخترت بحياتي) ونالت 18 نقطة، فيما استحق غسان من تونس 25 نقطة على أدائه لأغنية (بتبع قلبي)، بعدها أشعل الفنان ماجد المهندس مسرح نجم الخليج من خلال أدائه لأغنية (الميجنة) لتطلّ من بعده آمال من تونس في أغنية (سلامات) وتنال 19 نقطة، فيما جاء ختام المرور الأول للمشتركين مع عبدالله من السعودية الذي قدم أغنية (أنا ودّي) التي نال عنها 24 نقطة رغم مرضه.

«مو نادمة»

مجدداً التقى المشتركون في خيمة نصبت وسط المسرح، حيث قدّموا (ميدلي- نوع من الغناء الشعبي) جديد لأجمل الأغنيات الخليجية بمرافقة فرقة أورنينا للأداء المسرحي ترافقت مع ديكور مميّز وخلفية متناسقة أكملت المشهد الغنائي، تلاها عرض تقرير مصور حول المشتركين الخمسة، قبل أن يقدم غسان أغنيته الثانية (وحشتني) للفنان راشد الماجد والتي نال عنها 27 نقطة، وتنويهاً من لجنة التحكيم على أدائه المتميز، أما آمال فقدّمت أغنية (مو نادمة) للفنانة نوال الكويتية والتي نالت عنها 27 نقطة أيضاً، وإشادة من فايز السعيد لإجادتها المقام الموسيقي لهذه الأغنية والذي يعد من أصعب المقامات العربية، في حين نال عبدالله 23 نقطة على أدائه لأغنية (رحمة الله) للفنان فيصل الراشد وتنويهاً من اللجنة بأدائه المتميّز للوّن الغنائي الشعبي.

وقبل أن تقدّم ورود أغنية (ما روم) للفنانة يارا والتي نالت عنها 20 نقطة، التقى ماجد المهندس مع المشتركين بمجموعة من بعض أغانيه (شلونك حبيبي، أنا انجنيت، اذكريني)، والتي سبقت أداء مودي لأغنية (كثر الله خيرك) للفنان جواد العلي التي استحق على أدائها 21 نقطة، وتنويهاً من ديانا حدّاد لتحسّن لفظه للمفردات الخليجية، فيما وصفه السعيد بالفنان، ليختتم المهندس هذه السهرة بأغنية (حمودي) مقدماً نصيحة للمشتركين الذين لم يفوزوا باللقب، آملاً منهم بألا يعتبروا هذه الخسارة انكساراً، بل مجرد انعطافة عابرة في دربهم الفني.

تويتر