«الذين يحدقون بالماعز».. خوارق الحروب

الفيلم يستكمل سلسلة أفلام كلوني التي تنحو باتجاه السياسة.              كمينغ سون

الفيلم كوميدي، لكنه عن الحرب، حربي لكنه كوميدي، هذا ما يمكن أن يوصف به فيلم (الرجال الذين يحدقون بالماعز)، الذي يشكل جديد الممثل الأميركي جورج كلوني، في فيلم آخر له أن يكون استكمالاً لما بدأه في أفلام تحلت بصبغة سياسية واضحة. ونقصد هنا «سريانا» 2005 الذي مازلت أعتبره من أهم الأفلام السياسية التي أنتجت في السنوات الـ10 الأخيرة، مضافاً إليه وفي العام نفسه «تصبحون على خير، إلى اللقاء» والذي أخرجه كلوني، وجسد شخصية فرد فريندلي. وليواصل مع فيلمنا هذا مقاربة مختلفة هذه المرة، كونه يقدم مقاربة تاريخية، لكن عبر الكوميديا، فالصفة السابقة، أي ما يمكن اعتباره هموماً سياسية، كانت طاغية على الفيلمين سابقي الذكر.

يتحدث الفيلم الذي اختتم به مهرجان الشرق الأوسط في أبوظبي دورته الثالثة، عن فصيل خاص في الجيش الأميركي اكتسب قدرات خاصة يمكن وصفها بالخارقة، تستمد قوتها من الرياضات الروحية الشرقية، وغيرها من عتاد روحي يكسب الإنسان ما يوصف بالخوارق.

نكتشف ذلك، ونحن نتعرف إلى مراسل صحافي اسمه بوب (إيوان مغرغير)، يقرر التوجه إلى العراق، هرباً من أزمته العاطفية المتمثلة باكتشاف خيانة زوجته له، وعليه يعلق في الكويت من دون أن يعرف طريقاً إلى العراق. يتعرف بوب إلى لين كاسادي (جورج كلوني) الذي يكون منتمياً إلى القوة الخاصة سابقة الذكر، وعليه يقع على قصة العمر، حيث يروي له كاسادي ظروف نشأة القوات الخاصة، وكيف اكتشف مؤسسها أسسها ومبادئها بيل داجنكو (جيف بريدغز) في حرب فيتنام، واستجابة القيادة الأميركية لمقترح كهذا له أن يستثمر الرياضات الروحية في زيادة مناعة الجندي الأميركي وإكسابه قدرات خارقة لها أن توظف في خدمة أغراض على تناقض تام مع ما وجدت له هذه الرياضات التي تكون عادة في خدمة الصفاء الروحي والنوايا السلمية.وعليه، يكون تدريب الجنود متمثلاً في الرقص، ومحاولة إكسابهم تصالحاً مع الذات، ومضيهم خلف المختبئ في دواخلهم وليكون لين واحداً من هؤلاء الجنود.

ما تقدم تتم استعادته بينما الصحافي بوب يرافق لين في مهمة خاصة في العراق، والتي تكون محفوفة بالمخاطر التي تتحول إلى مساحة للمفارقة والضحك، فكل ما يقوم به لين، والذي من المفترض أنه محنك وقادر على القيام بالمعجزات، يكون مليئاً بالاضطراب والأخطاء، وسرعان ما يقعان في الأسر، بعد اصطدام سيارتهما بصخرة، وليهربان بعد لجوء لين إلى إحدى قدراته التي تقدم مضحكة أيضاً، ولينجو مع رجل عراقي اسمه محمود (وليد زعيتر)، ومن خلال الشركات الأمنية في مشهد يمتد إلى الخوف الذي يسكن عناصرها لدى دخولهم مدينة عراقية، فما أن تمر دراجة نارية تصدر عنها فرقعات من محركها، حتى يبدأ تبادل إطلاق النار بين عناصر الشركة التي تقل لين وبوب ومحمود مع شركة أخرى، وليتمكن بوب ولين من الهرب، بمساعدة محمود الذي يستضيفهم في بيته، ويعتذر منه لين على ما يفعل الأميركيين في بلاده. حسناً، في الأمر سخرية، لا أعرف إن كان توصيفها بالسوداء دقيقاً، في مجاورة لما تطمح الآلة الحربية الأميركية لاستثماره، وإن كان نقيض القتل والتدمير، وهناك منعطف يتمثل في حضور لاري هوبر (كيفن سبياسي) الذي يحرف ما وجدت عليه القوات الخاصة الروحية، وتحويلها إلى مساحة لاختبار أشياء أخرى. يقول لنا الفيلم إن قدرة لين على قتل ماعز بالتحديق فيها شيء، والحرب شيء آخر، وفي أخذ ذلك إلى مكان آخر، لنا أن نضع فيه المعجزة كحاجة ملحة للقوات الأميركية، لكن هذه المعجزة عاجزة، معطلة، والواقع أكبر من أن تتمكن من تغيير شيء فيه، لا بل وإن أتيح لها أن تكون فاعلة، فإن من هم مثل لاري سيكونون لها بالمرصاد.

«الرجال الذين يحدقون بالماعز» يعزز الشراكة التي تجمع جورج كلوني وغرانت هيسلوف الذي أخرج هذا الفيلم المأخوذ عن كتاب بالعنوان نفسه لجون رونسون، ويمنح لكلوني خوض غمار شيء جديد، من الصعب تقدير مساحته خارج تلك الصفة.

تويتر