«لعنة إبليس».. يتعقب أساطيـر الجزيرة الحمراء

«لعنة إبليس» يسعى بالصورة إلى تفنيد أساطير «الجزيرة الحمراء».                  الإمارات اليوم

لم يكن المخرج الإماراتي الشاب ماهر الخاجة يعرف أن الدخول بهدف الرصد والتوثيق إلى منطقة الجزيرة الحمراء في رأس الخيمة، ومكوث أسرة العمل وأجهزة التصوير لفترات طويلة بشكل متكرر في الليل، سيقوده إلى إقرار أساطير شعبية تروى عن الجان وسكناهم لمناطق بعينها في تلك الجزيرة، وهو ما دفعه إلى إخراج فيلم سينمائي يمزج فيه الحقيقة بالأسطورة، والواقعي بالمتخيل، ليستفيد بمشاهد من الفيلم الوثائقي الذي عمد في مفاصل كثيرة منه إلى رصد غرائبية ليل الجزيرة، وما يدور تحت سترة ظلامه بعدسات خاصة، في طيات فيلم سينمائي يصنف ضمن فئة أفلام الرعب، غير أن الخاجة قال لـ«الإمارات اليوم» إنه غير معني بأغراض الإثارة السينمائية البحتة.

وكان فيلم ماهر الخاجة الأول «الغرفة الخامسة» قد لقي ترحيباً نقدياً وحضوراً جماهيرياً هو الأكثر كثافة في أثناء عرضه ضمن فعاليات مهرجان الخليج السينمائي العام الماضي في دبي فيستفال سيتي، وقوبل أيضا بتحفظ اجتماعي في الوقت نفسه. وأفاد الخاجة أن فيلمه الجديد«لعنة إبليس» سيشارك في الدورة المقبلة من المهرجان نفسه، وقال «تبدو فرص العرض الأول للفيلم لبنانية أكثر من كونها إماراتية، بسبب مبادرة شركة إنتاج لبنانية إلى شراء حق تسويق الفيلم لدور العرض السينمائية التي من المنطقي في هذا السياق أن تكون أولاها لبنانية».

غياب الدعم

وأوضح الخاجة أن شركة «آي شوت» اللبنانية واحدة من شركات عربية عدة عرضت عليه شراء حق تسويق الفيلم حصريا، مع غياب تام لأي شركة إماراتية، لمدة خمس سنوات كاملة «حسب العقد المبرم بيننا». ويرى أن غياب الدعم التسويقي في الإمارات قد يهدد الإنجازات الكبيرة التي اكتسبتها السينما الإماراتية الشابة من تعدد المهرجانــات السينمائية، ســواء في ما يتعلق بمهرجان الشرق الأوسط في أبوظبي او مهرجاني دبي السينمائي والخليج السينمائي. وذكر الخاجة أن ميزانية الفيلم بلغت 800 ألف درهم إماراتي قدمها جميعاً من ميزانيته الخاصة. وقال «أعلم أن استباق عرض (الغرفة الخامسة) في دور العرض اللبنانية قبل الإماراتية ربما يشكل صدمة للمشاهد الإماراتي الذي قرأ كتابات نقدية جيدة، ولمس حضوراً مهرجانياً مهماً للفيلم الإماراتي، من دون أن يتمكن من الاستمتاع بمتابعته في دور العرض المحلية».

 
ثنائي

 يعمل المخرج ماهر الخاجة والمذيع عصام الخامري بثنائية مميزة، يلحظها كل من يحيط بهما، فالأول مخرج برنامج «الصقارة» على قناة «دبي للسباقات» التابعة لمؤسسة دبي للإعلام، والثاني معد ومقدم البرنامج في نسخته الجديدة. و الخاجة ومخرج فيلم «الغرفة الخامسة» والخامري مدير إنتاج العمل، وهو ما تكرر أيضاً في فيلمهما الجديد «لعنة إبليس»، من دون أن تستثنى منه الأغنية المصورة الوحيدة التي قدمها الخاجة «مليان أكتر» التي تولى الشؤون الإنتاجية والتسويقية فيها الخامري.

ونشأت ثنائية العمل، حسب الخاجة والخامري، وفق مقولة «ما حب إلا بعد عداوة»، حيث صرّحا بأنهما كانا في تنافس غير صحي، حين عملا معاً في مستهل حياتهما المهنية في قناة دبي الرياضية، تم تطويرها في ما بعد إلى مصلحة العمل المشترك، وهو أمر سيتطرق إليه الفيلم الجديد الذي سيناقش أيضاً ظواهر غير مقبولة في العمل الإعلامي.

خرافات

وحول «لعنة إبليس»، أوضح الخاجة أن المشروع السينمائي الأساسي كان متعلقاً بعمل وثائقي، يهدف إلى القضاء على الكم الكبير من الخرافات والشائعات التي نُسجت حول سكنى مناطق خربة في الجزيرة الحمراء في رأس الخيمة، من دون أن تكون هناك نية مسبقة لصناعة فيلم سينمائي يُصنف ضمن فئة أفلام الرعب. وقال «رفض ممثلون وفنيون كثيرون الوجود ضمن فريق العمل، بعدما علموا بمغزى الفيلم الوثائقي، شكّل تحدياً مهنياً لي، فقصدت الأماكن غير المأهولة في الجزيرة على مدى أسبوع، برفقة اثنين فقط ممن قبلوا مرافقتي في التحدي، هما المذيع عصام الخامري الذي يتولى في الفيلم إدارة الإنتاج، والممثلة الأردنية هديل صبح، لكن المفاجأة أننا بالفعل رصدنا ظواهر غير طبيعية تعج بها الجزيرة، تمكنا من رصد بعضها بواسطة أجهزة التصوير والتسجيل السينمائية التقليدية، ولم تتمكن الأجهزة من التقاط بعض آخر، لكننا عشنا تفاصيله، وتم تسجيله وتصويره من خلال ردات الفعل البشرية التي رصدتها الكاميرا».

وأضاف «قد يبدو هذا العمل الوثائقي، في صورته النهائية، لدى المشاهد بأنه مشاهد سينمائية معتمدة على المؤثرات الصوتية والخدع البصرية، كي تبدو شديدة الإثارة، على الرغم من أنها ثمرة فيلم وثائقي، فيما استندت رؤيتي الإخراجية إلى نوعية من الأفلام المعروفة في الصناعة السينمائية الأميركية معروفة بـ(الموكامنتري)، تمزج الحقيقي بالمتخيل، والوثائقي بالفانتازي، على نمط فيلم (الساحرة بلير) في سابقة سينمائية عربية غير مسبوقة، لذلك، استفدنا من المشاهد الوثائقية في سياق فيلم ينتمي لفئة أفلام الرعب، لكنه لا يرمي إلى مجرد الإثارة عبر استثمار أساطير منتشرة، بقدر ما يعالج ظاهرة اجتماعية موجودة بعين حيادية، من دون الاعتماد على فرضيات مسبقة، يسارع أي مثقف بإصدارها، حينما يتصور أنه بصدد قضايا تنتمي إلى رصيد الأساطير الشعبية».

يذكر أن «لعنة إبليس»، من تأليف وإخراج ماهر الخاجة، وتمثيل هديل صبح وغزلان عبدالله وفرح الشريف ومنى عبدالله والمذيعة إيفان الزبيدي ومحمد مجدي ومهند مجدي ومدير فريق رياضة الركبي في الامارات السيد سعود بالشلات، إضافة إلى الوجوه الجديدة فهد الحمر وجابر المرزوقي وفهد عبيد وعلوية ثاني.

 
فانتازيا

 
نفى المخرج الإماراتي ماهر الخاجة أنه يبحث عن الشهرة عبر صناعة أفلام ترمي إلى إثارة المشاهد، وقال إنه يهتم فقط بتفنيد المعلومات التي تتردد بين مختلف أطياف المجتمع، من دون أن يكون لها مصدر معروف على نحو يجعلها خرافات تتناقل من جيل إلى جيل. ودافع عن فكرة فيلم (الغرفة الخامسة) التي انتصرت في نهايتها لصدقية أسطورة سائدة، وأيضاً فكرة فيلمه الجديد (لعنة إبليس). وقال «الفارق بين العمل السينمائي الحقيقي وعمل التوعية المجتمعية المباشرة أن الأول يجب أن يرصد الظاهرة بحيادية، من دون تبني أحكام مسبقة، تنفي أفكاراً سائدة، من الممكن أن يكون بالفعل لها وجود ما على أرض الواقع، بغض النظر عن الإضافات الفانتازية التي تحاك على أية حقيقة تتوارثها الأجيال المتعاقبة».

وكشف الخاجة أن فريق (لعنة إبليس) صادف بالفعل أشياء لا يستطيع العقل البشري تفسيرها بشكل مجرد في أثناء التصوير، على شاكلة أذان يتلى بالمقلوب منبعث من جهة غير معلومة المصدر في الثانية ليلاً، وأحجار ترمى على فريق العمل، وكائنات تمرّ سريعاً على مقربة من أدوات التصوير. لافتاً إلى أن بعض تلك الظواهر مثبتة في الفيلم، وسيتم التفريق بينها وبين مشاهد التمثيل عن طريق لقطات حقيقية.
تويتر