صالح والسودي إلى تصــفيات «أمير الشعراء»

الشاعر العراقي بسام صالح. من المصدر

التباين في مستوى القصائد المشاركة؛ وتعدد «الهنات النحوية» في هذه القصائد، كما أشار عضو لجنة التحكيم الدكتور عبدالملك مرتاض، كانا السمة الابرز في الحلقة الثالثة من المرحلة الثانية من برنامج «أمير الشعراء»، والتي انتهت بإعلان تأهل الشاعر العراقي بسام صالح، بعد أن حصل على أعلى درجات لجنة التحكيم، كما شهدت الحلقة تأهل الشاعر محمد السودي «اليمن» من الحلقة الماضية ليتأهل بالتالي إلى الحلقة ما قبل الأخيرة من البرنامج. كما استعرض عضو لجنة التحكيم الدكتور علي بن تميم معايير المشاركة في الحلقة المقبلة من البرنامج وهي الحلقة ما قبل الأخيرة، حيث أكد أن النص المطلوب من الشعراء يجب أن يلتزم وزن بحر الطويل بقافية اللام المضمومة، وأن يكون موضوعه في وصف قلعة الجاهلي في العين كمعلم أثري تاريخي يبرز الدور الرائد للمغفور له الشيخ زايد بن خليفة، المعروف بزايد الأول أو زايد الكبير الذي أمر ببنائها في العقد الأخير من القرن الـ .19

تفاوت

اتسمت القصائد التي قدمها الشعراء المشاركون في الحلقة وهم: بسام صالح مهدي «العراق»، وتركي عبدالغني «الأردن»، وصفوان قديسات «الأردن»، وحسن القرني «السعودية»، ونجاة الحجري «عمان»، بالتفاوت في الموضوعات ومستوى الحبكة واللغة بشكل واضح، بل تضمنت بعض القصائد تفاوتاً في مستوى ابياتها، الامر الذي أثار استغراب لجنة التحكيم وكان موضوعاً لتعليقات اعضائها.

ووصف الدكتور أحمد خريس أول قصائد متسابقي الحلقة، الشاعر بسام صالح والتي حملت عنوان «مدينة الليل»، وصفها بأنها «من التجارب الشعرية التي تعجب القارئ والسامع، وأضفت مؤثرات كثيرة أنقذت القصيدة من تلك الرؤية التي اعتدنا أن نسمعها من شعراء كثر»، فيما رأى الشاعر نايف الرشدان أن النص «غاية في الجمال يعمل على إيصال الرسالة دون تعرجات، وعنوانه يشي بتموجات الليل وتزاحم عوالمه، كما ينطوي على مجموعة من القيم الإنسانية التي تمثل الهم الإنساني العام»، بينما اعتبر الدكتور صلاح فضل أن «عنوان القصيدة يذكّره بمفردات الليل التي استحضرها الشعراء العرب طويلاً في مسيرة الشعر العربي، فهكذا هو قلب الشاعر بعد خراب البصرة وبغداد»، مشيراً إلى أن صور الشاعر في نصه لا معقولة ولكنها مدهشة وجميلة، وأن روح الشاعر لا تفصح عن الهم الذي يشاجرها بشدة.

المتسابق الثاني تركي حسين عبدالغني ألقى نصاً بعنوان «الروح أوسع من حدود وعائها» رأى الدكتور علي بن تميم أن عنوان القصيدة يقرر مضمون النص وما يحمله من شاعرية، وإن استعمل الشاعر عبارات وتراكيب لغوية مكررة ومتناولة»، أما الدكتور مرتاض فأشار إلى أن «هنات لغوية جعلت النص فاقداً للشاعرية المكتملة»، بينما خالفه الرأي الدكتور خريس الذي قال لتركي «إنك شاعر مقتدر، ولديك بعض الصور الشعرية الجميلة».

المتسابق الثالث حسن القرني ألقى قصيدة بعنوان «بكفي ظل» أشاد بها نايف الرشدان الذي قال إن «لدى الشاعر مضامين جمالية تحرض القارئ والمتلقي على استكشاف المزيد من الرؤى»، مشيراً إلى أن الشاعر يملك مخيلة فنية قادرة على التعبير الجميل والبوح، ورأى الدكتور فضل أن «الغزل كان ولايزال من الموضوعات الشيّقة جداً في تاريخ الشعر العربي، آخذاً على الشاعر اللعب التقليدي بالمفردات كما في مطلع القصيدة الذي لا يشف برأيه عن تجربة محققة»، بينما أشار بن تميم إلى تمكن الشاعر من وزن بحر المجتث وفي ذلك كثافة للموسيقى وانسيابية للمعاني بعيداً عن الأسى في التجربة الشعرية.

وقرأ المتسابق صفوان قديسات قصيدته «اغتراب» التي قال فيها مرتاض «كان على الشاعر أن يميز بين الغربة والاغتراب، وإن استطاع أن يبرز شعريته عبر لغة رصينة الإيقاع» وقال خريس إن «الشاعر يولد ولا يصنع، على عكس ما ذهب إليه قديسات، وعلى الشاعر أن يتعلم من أخطائه وألا يكررها، وأن يبتعد عن الكلمات المدرسية وأن يــأتي بمــا هــو جديد في نصه الشعري»، ورأى الرشدان أن «النص تراوح بين النظمية والشعرية».

وعلق فضل على قصيدة المتسابقة نجاة الحجري التي جاءت بعنوان «يوسف آخر» قائلاً إنها «تقدم معادلة صعبة عبر التوظيف العقلاني المركب، ويبرز ذلك في المطلع النادر والختام القرآني، وبينهما فوح الشعر الذي لا يتوهج إلا في الاحتدام»، واعتبر بن تميم أن «القصيدة انساقت عبر اتجاهات سياسية، سعت الشاعرة من خلالها إلى بناء معمار شعري جديد لكن بحجارة قديمة»، وأشاد الدكتور عبدالملك مرتاض بجمالية النص وجدّته وحداثته.

مجاراة الحمداني

بعد ذلك منحت لجنة التحكيم الشعراء فترة زمنية قدرتها بـ15 دقيقة لكتابة نصوص المجاراة لقصيدة الشاعر أبي فراس الحمداني خصوصاً الأبيات:

أقول وقد ناحت بقربي حمامةٌ

أيا جارتا لو تعلمين بحالي

أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا

تعالي أقاسمك الهموم، تعالي

معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى

ولا خطرت منك الهموم ببالي

وتعليقاً على قصائد المجاراة قال خريــس إن «الشعراء خاطبوا حمامة أبي فراس الحمداني وتوسعوا في النص ومجاراته، وكأن القصيدة أفلتت في بعض مواضـع الوصف»، ورأى الرشدان في مجاراة الشعراء «إنصاتاً لصوت الزمن ورغبةً في الانعتاق منه، وإن أخذ على بعض الشعراء المتسابقين هروبهم من الهم الذاتي إلى الفرح والأمل في قصائد مجاراتهم»، وأشار فضل إلى أن «الشعراء تميزوا بتنمية جميلة للنص وإضافة بعض التفاؤل والفرح بسلاسة ومرونة أبرزت شاعريتهم وتمكنهم»، وأشاد بن تميم بثقة الشعراء بأنفسهم وقدرتهم على الإلقاء الجيد والمجاراة الارتجالية لقصائد كبار الشعراء، بينما ألمح مرتاض إلى أن «الشعراء تحولوا في معظمهم من فكرة الأسر إلى الانعتاق والانطلاق وكأن تجاربهم من صميم الحياة الحاضرة لا التجربة المستعادة من الشاعر أبي فراس الحمداني».

درجات

في ختام الحلقة أعلن مقدم البرنامج حامد المعشني عن تأهل الشاعر بسام صالح بعد حصوله على أعلى درجات لجنة التحكيم «47٪»، بينما توزعت الدرجات الباقية على الشعراء: تركي عبدالغني «36٪»، وصفوان قديسات «32٪»، وحسن القرني «38٪»،ونجاة الحجري «38٪». كما اعلن عن اسماء الشعراء المتسابقين في الحلقة المقبلة وهم حسن بعيتي «سورية»، حكمت حسن جمعة «سورية»، بسام صالح مهدي «العراق»، محمد السودي «اليمن»، وليد الصراف «العراق».

 

تويتر