محمد بن راشد: الحوار طريـق التـــــــآخي بين الحضارات

محمد بن راشد يتقدم نخبة شعراء العالم مفتتحاً « مهرجان دبي الدولي للشعر». تصوير: لؤي أبوهيكل

أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن الحوار الثقافي بين الحضارات الطريق هو الأمثل والأقصر للوصول إلى تآخي هذه الحضارات، ومن ثم اندماجها بحيث ترتقي بالانسانية والعلاقات بين الشعوب إلى المثل الأعلى. وقال سموه خلال افتتاح فعاليات مهرجان دبي الدولي الاول للشعر أمس في مركز دبي التجاري العالمي: إن «الحدث تظاهرة ثقافية عالمية تجسد سياسة الانفتاح الثقافي والانساني التي تؤمن بها الإمارات قيادة وحكومة وشعبا»، معربا عن سعادته بهذا الجمع الثقافي العالمي الذي يلتقي للمرة الأولى على أرض عربية، وفي رحاب دولتنا العزيزة.

وتفقد سموه، قبيل حفل افتتاح المهرجان الذي يستمر حتى العاشر من الشهر الجاري بمشاركة 104 شعراء ينتمون إلى 46 دولة، معرض «حلم فارس» الذي تنظمه وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع على هامش المهرجان، واطلع سموه على أكثر من 30 لوحة تشكيلية تجسد فروسية سموه خصوصا، وإرث الامارات الثقافي والتراثي عموما.

وأشاد سموه بفكرة تنظيم المعرض، باعتباره فرصة لضيوف الإمارات من الشعراء والكتاب والمثقفين العرب والأجانب، للتعرف إلى ملامح تراثنا الثقافي العريق. وأمر سموه بتمديد فترة المعرض «حلم فارس» شهرا كاملا لتمكين أكبر عدد ممكن من الزوار لمشاهدة اللوحات.

وأعرب الشعراء لـ«الإمارات اليوم» عن تقديرهم لمبادرة دبي بإطلاق مهرجان دبي الدولي للشعر، والذي يأتي في سياق تأكيد أهمية الفعل الثقافي عموما، والنتاج الشعري منه خصوصاً، مؤكدين أن التاريخ الثقافي سوف يسجل هذه الخطوة، التي تجيء في سياق وصفه بعضهم بالمفصلي على صعد مختلفة، في واحدة من صفحاته المشرفة، مشيرين إلى أنه بمثابة «مولد جديد لفعل الكلمة على أرض عربية» .

وقال الشاعر التونسي المنصف المزغني: إن «دبي أبقت بهذا المهرجان صوت الشعر صادحاً، بعد أن كاد أن يتعرض لواحدة من أشد فتراته كسادا»، ووصف الشاعر الأردني سعد الدين شاهين الحدث المهرجاني بأنه «مولد جديد للشعر على أرض عربية»، وقال الشاعر الإسباني خوسيه أوليفير: إنه «حدث استثنائي عالمي أعاد تشكيل خارطة المهرجانات الشعرية»، فيما اعتبره الشاعر الإماراتي خالد البدور «انسجاما مع عالمية دبي».

ألق

وأشارت انطلاقة المهرجان إلى ارتداء إمارة دبي ثوب الألق الشعري هذه المرة، بعدما سبق لها أن ارتدت ثيابا مختلفة في مناسبات دولية كثيرة أخرى، لتصدح الكلمة الشعرية في مختلف جنبات دبي المتعددة في أماكن استضافة الفعاليات الرئيسة، في كل من مركز دبي التجاري العالمي ومسرح مدينة جميرا وبيت الشعر في الشندغة، إلى جانب أماكن أخرى كثيرة، تشتمل على مراكز التسوق والجامعات والأندية الاجتماعية والمراكز الثقافية، من أجل تفعيل حوار حضاري بلغة الشعر، مادته البحث عن المشترك بين ثقافات العالم المختلفة من أجل تحقيق سلام عالمي فشلت في تحقيقه الأجندات السياسية.

وكما كانت الخلفيات الثقافية للشعراء المشاركين تشكل بانوراما متنوعة عبر فسيفساء لغوية شديدة التنوع، بين إنجليزية وفرنسية وألمانية وإسبانية وإيطالية ويابانية وصينية، كان الحضور أيضاً متنوعاً ولم يقتصر فقط، كعادة الفعاليات الثقافية، على القائمين على تلك الفعاليات وبعض الجمهور النخبوي الثقافي، ليتعدى ذلك إلى عدد كبير من المسؤولين والمثقفين والإعلاميين والجمهور والطلاب، عاكسين تنوعاً وحّدته صفوف الإنصات للكلمة الشعرية .

وحضر افتتاح مهرجان دبي الدولي للشعر سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران الرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات، وسمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس هيئة الثقاقة والفنون في دبي، والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ووزير شؤون مجلس الوزراء محمد بن عبدالله القرقاوي، ووزيرة الشؤون الاجتماعية مريم محمد خلفان الرومي، ووزير التربية والتعليم الدكتور حنيف حسن، ووزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع عبدالرحـمن محمد العويس، ووزيرة الدولة ريم إبراهيم الهاشمي، ورئيس مجلس دبي الاقتصادي جمعة الماجد، وعدد من الشيوخ وكبار رجال الدولة والمثقفين.

حفل

وتضمن الحفل، الذي استهل مراسمه بعزف النشيد الوطني، عرض فيلم تسجيلي عن تاريخ الشعر في العالم، وأهم مراحل تطور الشعر بين الأمم، وتواكب دخول الآلات الموسيقية إلى المسرح بشكل تتابعي مع تحرك الصورة لتشمل مشاهد مختلفة من ثقافات العالم، قبل أن تعاود الاستقرار على دبي الحديثة، لتكون البداية مع الغيتار ثم الناي فالكمان والطبلة، لتكتمل المعزوفة الموسيقية في نهاية مشهد حاز تصفيق الحضور بحرارة.

وألقى الشاعر والرسام العالمي الجنوب إفريقي برايتن برايتنباخ كلمة أشاد فيها بمبادرة مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، بإطلاق مهرجان دبي الدولي للشعر، كخطوة مطلوبة للتقريب بين ثقافات الشعوب وإجراء حوارات مباشرة، تغلب عليها الأحاسيس المرهفة واستيعاب الآخر.

وأعرب عن سعادته بوجوده في هذا المهرجان وفي دبي، معتبراً أن هذا التجمع الفريد من نوعه، والذي يعقد للمرة الأولى هو فرصة للتخاطب بين الثقافات والحضارات، مشيراً إلى الدور الذي لعبه الشعر في التعريف بالقضية الفسطينية وبثقافة المقاومة بشكل عام، ملمحاً إلى قصائد الشاعر الراحل محمود درويش.

وقال رئيس اللجنة المنظمة للمهرجان جمال بن حويرب المهيري: إن «الشعر كان منذ الأزل إحدى أهم قنوات التواصل مع الآخر، وكان أجمله يشيع الحب والجمال وينشر السلام بين بني البشر، حيث إن إحدى ركائز التواصل مع الآخر هي التحلي بالأخلاق والقيم الحميدة. وفي تاريخنا العربي، استطاع الشعراء على مر العصور أن يبعثوا الإرادة في النفوس ويدفعوا بالناس للوقوف صفاً واحدا».

وأضاف: «المسؤولية على عاتق الشعراء كبيرة، حيث إنهم يحملون شعلة الحكمة عبر التاريخ، ويأتي هذا المهرجان تجسيداً لأهمية الأدب وتفوقه على كل فن إنساني آخر، وهو تأكيد أن الشعر هو القنطرة الأقوى الباقية بين الشعوب، حيث نريد للشعر أن يصلح ما أفسدته السياسة ونريد للأدب أن يجمعنا أذا ما فرقتنا السياسة».

ودعا الشعراء إلى أن يتفاعلوا مع الدراسات النقدية التي ستطرح خلال الجلسات النقدية التي سيحفل بها المهرجان، وأن يفتحوا الباب على مصراعيه للاستفادة من تجارب بعضهم بعضا، ما من شأنه أن يسهم في نهضة الفكر والأدب، معتبراً أن الشعر والنهضة صنوان متلازمان.

كما دعا المهيري الشعراء إلى التعرف إلى رواد الشعر الإماراتي الذين رحلوا بأجسادهم وبـقوا بـينـنا بأشعـارهم، من أمـثال أحـمد بن سـليم، وسلـطان العويس، وحمد بوشهاب.

فعاليات

وفي اليوم الأول للمهرجان خلال الفترة المسائية، استضاف مسرح مدينة جميرا أمسيتين شعريتين، حيث أحيا الأولى الشاعر الألماني ولفغانغ كوبين، والشاعرة السودانية روضة الحاج، والشاعرة الإندونيسية دوروثيا هيرلياني، والشاعر المنصف المزغني الذي يعد من أبرز الشعراء التونسيين، ويشغل منصب مدير بيت الشعر التونسي، والشـاعرة الإيـرانية ناهـد كبيري، والشاعر الإماراتي إبراهيم محمد إبراهيم، والشاعر البحريني عبدالرحمن رفيع.

وأحيا الأمسية الشعرية الثانية الشاعر الكويتي حامد زيد سعدون العازمي، الذي يُعرف بقصائده الشعرية الطويلة (المطولات). وقد أطلقت عليه وسائل الإعلام الخليجية لقب «شاعر الشباب» و«شاعر المطولات»، تقديراً لإسهاماته النوعية في الارتقاء بمسيرة الشعر الخليجي، كما يحيي هذه الأمسية أيضاً الشاعرة الجزائرية د. إنعام بيوض، والشاعر الألماني يواخيم سارتوريوس، والشاعر المصري أحمد عبدالمعطي حجازي والشاعرة اللبنانية جمانه حداد.

كما تضمنت فعاليات اليوم الأول للمهرجان قراءات شعرية، وورش عمل، وجلسات حوارية، وأمسيات خاصة، إضافة إلى فعاليات سوق عكاظ التي تسعى إلى إحياء العصر الذهبي للشعر العربي، من خلال عروض مسرحية قصيرة تحاكي روح العصر.

وتستضيف مراكز تسوق عدة في دبي، منها ابن بطوطة مول، ودبي مول، ودبي فستيفال سيتي، إضافة إلى مراكز اجتماعية في دبي، وفعاليات متنوعة طوال فترة انعقاد مهرجان دبي الدولي للشعر .2009

ويشهد المهرجان فعاليات متعددة، منها الأمسيات الشعرية والأنشطة الثقافية الأخرى التي تقام في القاعات الرئيسة للمهرجان، والمراكز التجارية والجامعات ونوادي الجاليات.

ويسعى مهرجان دبي الدولي للشعر إلى إعادة الاعتبار لفن النقد الذي يسهم في تطوير القصيدة عبر تنوير مفرداتها وبنية صورها وفك رموزها، وهناك ورش العمل المعنية بدراسة الشعر وتطور فنيات كتابته ومناهج نقده. ويعيد المهرجان للذائقة الشعرية الحالية تقاليد الإرث العربي القديم عبر فعالية «سوق عكاظ»، ويعيد إلى الأذهان أيضاً أشعار مبدعين راحلين، كعمر الخيام الذي يستحضره المهرجان، عبر ترجمة إماراتية مميزة للكاتب محمد صالح القرق.

 الموسيقى حاضرة 

من وحي علاقتها الأزلية بالشعر، الموزون أو التفعيلة أو قصيدة النثر وغيرها من القوالب الشعرية المختلفة، كان الفعل الموسيقي حاضراً في اليوم الافتتاحي للمهرجان، وهو حضور أجاد مخرج الحدث تقديمه بشكل تدريجي، امتزج بمشهدية نقلتها شاشتان على جانبي المسرح الذي شهد الافتتاح في مركز دبي التجاري العالمي.

 

 روح الشعر 

لاحظ حضور الحفل الافتتاحي لمهرجان دبي الدولي للشعر تحليق حمامة في أعلى المسرح الذي أقيم فيه الافتتاح في مركز دبي التجاري العالمي، من دون أن يتأكدوا تماماً ما إذا كان وجودها في المكان وذلك التوقيت مصادفة، أم أنه جزء من جماليات المشهد الافتتاحي، إذ تمثل روح الشعر المتعلقة بالحرية .

وكانت اللجنة المنظمة للمهرجان قد صرحت أن القضايا الإنسانية المشتركة وتفعيلها، في مقابل نبذ عوامل الفرقة والخلاف، هو أحد المواضيع الأساسية التي يهدف المهرجان إلى تفعيلها كمادة شعرية . وقال رئيس اللجنة المنظمة جمال المهيري أن «الشعر خلال هذا المهرجان سيسعى لأن ينجح فيما فشل فيه الساسة».

 

 المنصف المزغني: شكراً دبي 

وصف الشاعر التونسي المنصف المزغني مشاعره بعد افتتاح المهرجان لـ«الإمارات اليوم»، قائلا: «شكراً دبي، لمراهنتها على قدرة الشعر في إشعار العالم بضرورة التحرك من أجل تغيير واقع سلبي، مهدد بمخاطر حروب عسكرية وأزمات اقتصادية طاحنة، لاسيما أن الشعر هو الفن الأول للإنسانية عموماً والعرب خصوصاً». وأضاف «أحد جوانب عبقرية المهرجان أيضاً تكمن في توقيته، ففي حين ينشغل العالم بمعالجة أزمته الاقتصادية الطاحنة، تبرز دبي لتقول بأن ثمة مكانا لائقا يجب أن يفسح للشعر من أجل عالم مسالم، أو على الأقل عالم أقل شراسة ضد الإنسانية».

 

 برايتنباخ: أتواصل مع محمود درويش 

عرج الشاعر الجنوب إفريقي الكبير برايتنباخ في كلمته التي افتتحها بتحية «السلام عليكم» بالعربية، في حفل افتتاح مهرجان دبي للشعر على علاقته بالشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، قائلاً «لم ألتق درويش سوى مرات قليلة، كانت آخرها قبل وفاته بأسابيع قليلة، تناقشت معه في أمور كثيرة، وفتحنا حواراً لم يغلقه رحيله، لأنني مازلت أحاوره من خلال أشعار تتواصل مع المبادئ التي دعا إليها، وجسّدتها أشعاره».
 

برنامج اليوم

  • جلسة نقدية بعنوان: «ترجمة الشعر مهمة تحفها المخاطر»، من 10 صباحا ـ 1 ظهراً في مدينة جميرا.
  • قراءات شعرية، المشاركون: نجوم الغانم (الإمارات)، هالة محمد (سورية)، إيمان عبد الجليل (تونس)، من 10 صباحاً ـ 1 ظهراً في جامعة زايد.
  • فعالية خاصة، ليلة الخيام (محمد القرق)، من 6 ـ 8 مساءً في بيت الشعر - الشندغة.
  • أمسية شعرية، المشاركون: إبراهيم الخالدي ( الكويت)، أليس ستيغير (سلوفانيا)، أماجد عبدالرحمن (الإمارات)، محمود عبدالغني (المغرب)، هاريس فلافيانوس (اليونان)، علي جعفر العلاّق (العراق)، خميس المقيمي (عمان)، من 6 مساءً ــ 8 مساءً في مدينة جميرا.
  • أمسية شعرية: المشاركون: إبراهيم الأسود (سوريا)، إليسا بياجينيأأ (إيطاليا)، محمود نور (الإمارات)، باتريزيا كافالي(إيطاليا)، نجوم الغانم (الإمارات)، كيرت درافرت (ألمانيا)، محمد الجار اللهأ (الكويت)، من 30:8 مساءً ــ 30:10 مساءً في مدينة جميرا.
  • قراءات شعرية، المشاركون: أحمد عبد المعطى حجازي (مصر)، سعدالدين شاهين (الأردن)، سيد حجاب (مصر)، من 6 مساءً ــ 8 مساءً في النادي المصري.
  • قراءات شعرية، المشاركون: صبا إكرام (باكستان)، من 6 مساءً ــ 8 مساءً في المركز الاجتماعي الباكستاني.
  • أمسية شعرية خاصة، المشاركون: عبدالرحمن العشماوي (السعودية)، عائض القرني (السعودية) من 30:8 مساءً ــ 30:10 مساءً في مركز دبي التجاري العالمي.
تويتر