هيمنة الرواية في سينما 2008

مشهد من فيلم «القارئ». آوت ناو

لا تقرأ الرواية شاهد الفيلم فقط، لا تشاهد الفيلم إقرأ الرواية، وبما أن حديثنا سينمائي، يمكن القول - وكحل وسط - شاهد الفيلم وانس الرواية المأخوذ عنها إن كنت قد قرأتها، المهم ألا تُخضع الفيلم لمقارنة بالرواية والعكس . قد يكون الفيلم في أحيان كثيرة كارثياً، بينما الرواية المأخوذ عنها تحفة أدبية، وفي أحيان أخرى، كم من روايات تافهة تحولت إلى أفلام خالدة.

لما تقدم ما يستدعيه، ونحن نلحظ أن صلة السينما بالفنون الأخرى مازالت على أشدها، لا بل إن جوائز الأوسكار هذا العام والترشيحات التي سبقتها لها أن تقودنا إلى تلك الخلاصة، ولعل البداية من الحاصد الأكبر للأوسكارات أي «مليونير الأحياء الفقيرة» ستضعنا مباشرة أمام عمل روائي مأخوذ عنه الفيلم، كتبه الهندي فيكاس سوارب، وكان عنوان روايته «كيو آند إيه» (سؤال وجواب) وصدرت عن دار «راندوم هاوس» الشهيرة، وبعيداً عن مدى قيمة العمل الأدبية، فإن الكاتب سيمون بيوفوي محول الرواية إلى سيناريو نال أوسكار أفضل سيناريو مقتبس عن عمل منشور، الشيء الذي سيغيّب أهمية العمل الروائية، ما دام النجاح كان من على سطح الشاشة.

هذا سيقودنا إلى فيلم هو الأهم من بين الانتاجات الهوليودية لهذا العام، وهو «القارئ» الذي حصلت كيت وينسلت عن دورها فيه على أوسكار أفضل ممثلة في دور رئيس، وكان يستحق أكثر من ذلك، وليكون هذا الفيلم مأخوذاً عن رواية الألماني برينهارت شلينك، وبما أن الحديث هنا عن وينسلت فإنه سيقودنا إلى دور مهم ثان قدمته هذا العام في فيلم «طريق ثوري» المأخوذ أيضاً عن رواية شهيرة لريتشارد يتس (1926 - 1992)، وليعمل سام منديس على مسرحة أحداثها وحواراتها وأخذها إلى مساحة سينمائية خاصة، ولننتقل أيضاً إلى فيلم ديفيد فينشر «الحالة العجيبة لبنيامين باتون» فنجده مقتبساً من قصة قصيرة مصورة للروائي الشهير سكوت فيتزجرالد.

وبالخروج من الرواية إلى المسرحية، وفي مواصلة لتعقب المنابع الأدبية لأهم أفلام هذا العام، سنتوقف في الحال أمام فيلم «فورست/نيكسون» الذي نزل صالات العرض المحلية هذا الأسبوع، وليكون الفيلم مأخوذاً عن مسرحية بالعنوان نفسه لبيتر مورغان، لا بل إن فرانك لانغيلا جسد شخصية الرئيس ريتشارد نيكسون على خشبة المسرح والفيلم، وكذلك الأمر بالنسبة لمايكل شين الذي لعب دور مقدم البرامج الشهير ديفيد فروست.

فيلم آخر لم يعرض بعد في دورنا المحلية، ولاقى اهتماماً واسعاً، هو «شك» إخراج جون شانلي الذي نقل مسرحيته التي كتبها إلى فيلم كان هو مخرجه، بعد إخراجه للمسرحية أيضاً، وبمشاركة ميرل ستريب وفيليب هوفمان.

شيء لافت من الجدير ذكره في هذا المقام، وهو احتواء مكتبة «كينو كونيا» في «دبي مول» على جناح خاص أطلق عليه مسمى «فيلم إن» يحتوي على عدد كبير من الأعمال الأدبية التي حولت إلى أفلام، ولعل في ذلك ما يشكل فرصة لإشباع فضول المشاهد والقارئ في آن معاً، إذ إنهما سيقعان على كل ما أوردناه من أفلام، وقد حملت أغلفة الكتب صور نجوم الأفلام التي اقتبست عنها.
تويتر