الأكثر مشاهدة على «نتفليكس»

«حب من أول نظرة» يخفق في إحصاء عدد الكليشيهات

صورة

عنوان مبتذل.. وهو مختصر من عنوان الرواية التي اقتبس منها، حيث إنه في عنوان الرواية ست كلمات تسبق عنوان الفيلم ولا داعي لكتابتها هنا ومن يريدها فعليه بـ«غوغل». عنوان عام يعكس كسل كيتي لافجوي، كاتبة الفيلم، عن محاولة الإتيان بأي عنوان جاذب، لكننا في النهاية نشاهد فيلماً جديداً على «نتفليكس».

فيلم Love At First Sight لا يحاول حتى تحدي المشاهد أو قلب توقعاته، ويمضي حسب قائمة الكليشيهات «المتفق عليها» للأفلام الرومانسية الكوميدية، والتي تعشقها الجماهير حول العالم.

لكن لو طرحنا التساؤل التالي: «هل الوقوع في الحب من النظرة الأولى يستغرق ساعة ونصف الساعة؟ أو حتى 70 دقيقة؟» نعلم أنه من الصعب جداً على كاتبة الفيلم إيجاد سبب مقنع أو عائق لإبقاء الحبيبين مفترقين على النص معظم مدة الفيلم.

العوائق التي اعتمدتها الأفلام الرومانسية لإبقاء الحبيبين مفترقين إلى لحظة الذروة، هي عادة كذبة أو سوء فهم، ثم تطوّر الأمر فأصبح عائقاً اجتماعياً أو دينياً، وكلها أصبحت قديمة ومستهلكة بالضبط مثل أن يركض الحبيب إلى المطار لإعلان حبه لحبيبته المسافرة في زمن الهواتف الذكية!

«الحب من أول نظرة» يلوم بطارية هاتف، لأنها العائق الذي فرق الحبيبين في بداية الفيلم! وهل هذا سبب مقنع لتصديق إن كان الحبيبان يستحقان بعضهما بعضاً؟! أو الاهتمام بما سيحدث في النهاية؟

تقول راوية الفيلم (جميلة جاميل): «هذه ليست قصة عن الحب، ولكنها قصة عن القدر وإحصاءات». ونقول: «القصة ليست عن أي شيء مما ذكر، رغم أن الراوية تلقي علينا كثيراً من الأرقام والإنفوغراف المتحرك على الشاشة بهدف الاستظراف، وربما لأن بطل الفيلم مهووس بالرياضيات».

وكما يخبرنا عنوان الفيلم: «لدينا شاب وشابة ينجذبان لبعضهما بعضاً فوراً في مطار، لكن المزاح وعبارات متبادلة تعكس الثقة بالنفس لا تساوي حباً مهما حاولت المخرجة الإنجليزية فانيسا كاسويل إقحام أغاني حب أصلية ومقلدة في الخلفية لفرض علينا ما يجب أن نشعر به».

هادلي (هيلي لو ريتشاردسون) مسرعة في مطار «جي إف كي» في نيويورك للحاق بطائرة متجهة إلى لندن (نلاحظ معظم الأفلام الرومانسية تقع في هاتين المدينتين). وتشرح الراوية أن تاريخ 20 ديسمبر أسوأ يوم في السنة في نيويورك، لأن أكثر من 193 ألف مسافر يصلون أو يغادرون متسببين في معدل تأخير لأكثر من 23 دقيقة عند مكاتب إدخال المسافرين إلى الطائرات، و 117 دقيقة من الانتظار في طوابير الفحص الأمني.

لا نفهم سبب هذه المقدمة ولماذا هي مهمة لنا كمشاهدين أو مهمة للشخصيات، لأن هادلي فوتت طائرتها بعد تأخر أربع دقائق وانتظرت الطائرة التالية، حيث لم يتوافر إلا مقعد في درجة رجال الأعمال.

لكن لو افترضنا أن الفيلم بدأ بمشهد إبلاغ البطلة بتفويت طائرتها وركوبها التالية دون عرض هذه المقدمة لما أعاق ذلك فهمنا للفيلم. فالمقدمة لا سبب لها سوى أن المخرجة وكاتبتها تريدان تقديم شيء جديد بأي طريقة، وحتى لو كانت الرواية كذلك فليس ذلك يكون سبباً لاقتباس هذه الجزئية منها دون البناء عليها.

بالطبع سبب المقدمة إعطاؤها وقتاً لشحن هاتفها وفي مكان الشحن تلتقي بأوليفر (بين هاردي) والذي يدرس علم الإحصاء في جامعة ييل المرموقة. يعرض أوليفر على هادلي شحن هاتفها، فتقول: «آسفة لا أتشارك في الأجهزة الإلكترونية حتى الموعد الثالث».

درجة الابتذال في المشهد المذكور تعدت حدودها إلى درجة أن كاتب هذا الموضوع فكر في إيقاف الفيلم والبحث عن غيره. المهم، يخبرها أوليفر باسمه. وكأنها غبية لم تسمعه من قبل، فتتأكد منه: «كما في أوليفر تويست؟». فيقول لها للتأكيد والاستنكار: «وتقولون إن الأميركيين لا يتمتعون بأي ثقافة».

هذا المشهد بغض النظر عن وجوده في الرواية، أو لو جاءت به الكاتبة المقتبسة من خيالها، فإنه يستحق أن تجر كاتبته جراً إلى محكمة لمحاكمتها على سوء الكتابة والابتذال الشديد وعدم محاولة الإتيان بحوار مبتكر أو قريب من الواقع.

ثم يتشاركان الطعام في المطار - ولا داعي لذكر حوار المايونيز - ويتسابقان للوصول إلى الطائرة، وهناك يتعطل حزام الأمان الخاص بمقعده، فتأتيه المضيفة وهي راوية الفيلم وتأخذه إلى مقصورة رجال الأعمال لتجلسه بجانب هادلي. ويتبادلان أطراف أحاديث مبتذلة قبل وقت النوم وكاتب هذا الموضوع ينظر كم تبقى من مدة الفيلم.

نحن نعلم أن هناك رابطاً رومانسياً قوياً بين الاثنين، لأن الفيلم يخبرنا عنه باستمرار، ولكن الفيلم يصرّ على إبقائهما بعيدين حتى الدقيقة الأخيرة أو لحظة المخرجة المناسبة. ثم يتبادلان معلومات التواصل وعند افتراقهما المؤقت يكتشفان أنهما لا يعلمان اسميهما الأخيرين. ثم يأتي الفصل الثاني من الفيلم والذي يحاولان فيه إيجاد بعضهما بعضاً في مدينة كبيرة مثل لندن.

وعن القدر، تقول راوية الفيلم: «القدر لا يكون قدراً إلا إذا قررنا نحن أننا نريده قدراً». هذه بالطبع ليست كتابة ذكاء اصطناعي، بل هي كتابة كاتبة متفلسفة لا تعلم ما تقول وتعلم أن جمهورها من (المراهقين) سيصدقون ما يتلقونه. وقد حاول كاتب هذا الموضوع بشتى الطرق فهم المقصود من العبارة ولم يتمكن من ذلك.

هناك شيء واحد نعلمه هو أن فكرة القدر لا تتضمن أرقاماً وإحصاءات، ولا تتضمن راوية فيلم تظهر لنا على شكل مضيفة وضابطة جوازات وسائقة حافلة لإلقاء أجزاء من حوار ينقل العاشقين من مرحلة إلى أخرى.

راوية الفيلم ليست موجودة في الرواية، وإنما مضافة هنا بلا أي سبب، وبدلاً من أن تكون إضافة ظريفة أو مفيدة، فهي تعيق انسيابية الفيلم بظهورها المتكرر، والذي يصبح ثقيلاً وسخيفاً بمرور دقائق الفيلم.

حققت «نتفليكس» نجاحاً منقطع النظير في إعادة إحياء الرومانسية الكوميدية عبر السنوات الماضية، وهذه الأفلام كانت في بداية مرحلة أفول سينمائي لولا اتجاه هوليوود لتحويلها إلى أفلام للكبار فقط. فجاءت «نتفليكس» ونقلتها بالكامل إلى المنصّة وأصبحت مقصداً للمراهقين، لكن هذا الفيلم وهو الأحدث، ليس أفضل ما لدى «نتفليكس».

• راوية الفيلم ليست موجودة في الرواية، وإنما مضافة هنا بلا أي سبب، وبدلاً من أن تكون إضافة ظريفة أو مفيدة، فهي تعيق انسيابية الفيلم بظهورها المتكرر.

• الفيلم لا يحاول حتى تحدي المشاهد أو قلب توقعاته، ويمضي حسب قائمة الكليشيهات «المتفق عليها» للأفلام الرومانسية الكوميدية.

للإطلاع على الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر