القصص الفرعية لا تخدم الفيلم

«ذا لوست ستي».. الحبكة اللامنطقية تطغى على الرومانسية

صورة

قد يخطئ البعض فيلم The Lost City (المدينة المفقودة)، ويظنه فيلم مغامرات، لكنه حقيقة رومانسي كوميدي مع عناصر المغامرات. بغض النظر عن ذلك، فهو فيلم ترفيهي، لكنه منسيّ، ولا يرسخ في الذاكرة.

العنوان عام وشامل ويناسب مادة الفيلم، هذا عمل ترفيهي بلا قيمة فنية، ويعتمد بالكامل على جاذبية بطليه: ساندرا بولوك وتشاننغ تيتم والانسجام بينهما. المشاهدون من سن الـ40 فما فوق ربما يتذكرون تشابهاً كبيراً بين «المدينة المفقودة» وفيلم روبرت زيميكيس الشهير Romancing the Stone عام 1984.

ذلك الفيلم من بطولة مايكل دوغلاس وكاثلين تيرنر، وكان عن قصة حب بين بطليه في قالب مغامرة بحثاً عن كنز في الأدغال من طراز إنديانا جونز. التفاصيل مختلفة لكن القالب مشابه تماماً. هنا، بولوك في دور لوريتا سيغ أرملة مؤلفة قصص محبوبة فقدت شغفها بالحياة بعد موت زوجها مستكشف الآثار.

عندما تضغط عليها ناشرة قصصها بيث هاتين (دافين جوي راندولف) للترويج لكتابها الأخير، تخضع لوريتا بأقل درجة من الحماس. تذهب لوريتا في جولة ترويجية للكتاب رغماً عنها بصحبة ألان كابريسون (تيتم)، وهو ممثل لشخصية كتب لوريتا تظهر صوره على أغلفة كتبها الـ20.

ما لا تستوعبه لوريتا هو أنه رغم جاذبية ألان الشديدة وعشق جماهيرها من النساء له، إلا أنه منجذب لها. وما كان متوقعاً أن يكون جولة مملة تحول إلى مغامرة لم تكن في الحسبان عندما اختطفت لوريتا على يد أبيغيل فيرفاكس (دانيال رادكليف)، وهو ملياردير اكتشف المدينة المفقودة «دي»، لكنه بحاجة إلى لوريتا لتترجم له مخطوطة ربما تكشف عن كنز مخبأ.

أساساً، يظهر أبيغيل غريب أطوار، ومع الوقت يبرز الجانب المظلم من شخصيته. في الوقت نفسه، تضع بيث وألان خطة إنقاذ لوريتا. يستعين ألان بجندي قوات خاصة سابق يدعى جاك ترينر (براد بيت) لتنفيذ العملية. ولا تظن أبداً يا قارئنا الكريم أن بيت يظهر ليستمر، فذلك في معادلة النجوم مستحيل، لأن بيت ثقيل سينمائياً وسيسرق الضوء حتماً من تيتم.

بيت هنا لأداء دور قصير ساخر، وهو في حد ذاته الماكينة التسويقية للفيلم، فقد استخدم في حملته التسويقية. ولا يمر وقت طويل حتى تتحرر لوريتا من أبيغيل ونراها مع ألان تعبر الأدغال بحثاً عن الحضارة، وخلفهما مجموعة رجال يطاردونهما.

تبرز مجموعة معوقات في خطة الإنقاذ متضمنة علقات الماء التي تلتصق بمؤخرة تيتم، فتظهر على الشاشة بكاملها أو ربما هي مؤخرة ممثل بديل، في مشهد لا يضحك سوى مراهقين. وهناك مشهد تسلق لوريتا صخوراً في ملابس ديسكو السبعينات اللامعة.

بلا تفكير

معظم مشاهد المغامرات منفذة بلا تفكير، وكلما يعتمد المخرجان الشقيقان آدم وأرون ني على الأكشن يفقد الفيلم جاذبيته. وكلما حاول رادكليف أن يكون جاداً ومخيفاً فإنه يظهر عادياً مقارنة بشخصيات مماثلة في أفلام أخرى.

ربما أن رادكليف لم يأخذ الدور بجدية فهذا في نهاية الأمر رومانسي كوميدي، ولا يتطلب وجود شرير يسرق المشاهد من البطلين. ولو نظرنا إلى الصورة الكاملة؛ فإن رادكليف لا يضيف شيئاً مقارنة بتاريخه السينمائي، فهو الطفل الذي حمل على كتفيه سلسلة «هاري بوتر» إحدى أغلى وأشهر وأنجح سلاسل أفلام هذا القرن.

وهناك قصة فرعية كان يجب اقتطاعها في غرفة المونتاج لأنها لا تضيف قيمة للفيلم، وهي عن بيث تطارد مؤلفتها محاولة العثور عليها. وهناك مجموعة مشاهد تصلح لفيلم خيالي أكثر من مغامرة، ولا تخدم الفيلم في شيء.

التفاصيل الفرعية هي أكثر ما يسيء لهذا الفيلم ويتسبب في إطالته، فهو من المفترض ألّا يتعدى 90 دقيقة، لكنه يصل إلى 110 دقائق.

للنساء فقط

ربما كان هذا الفيلم موجهاً لمجموعة ديموغرافية واحدة بالدرجة الأولى، وهي النساء من سن 35 فما فوق، لكنه غالباً يصلح للجميع بغض النظر عن جنسهم وأعمارهم.

الفيلم «سهل الهضم» وخفيف، ورغم أن عناصره «ثقيلة الدم» تحتاج إلى بعض الصبر، إلا أن الانسجام بين البطلين والكوميديا الجسدية والرومانسية بينهما تحقق عملية التوازن المطلوبة لتمرير العيوب.

بولوك خبيرة في هذا النوع من الأفلام الرومانسية الكوميدية أو حتى الكوميديا التهريجية، وظهرت فيها في العقود الثلاثة الماضية، أي لا جديد بالنسبة لها، وهي تعلم ذلك وتعلم أننا نعلم ذلك، وحتى تيتم أدى نصيباً لا بأس به من هذه النوعية يؤهله لتغطية عيوب الفيلم، وأبرزها أن الفيلم كان بحاجة إلى رومانسية أو «قلب وعواطف» أكثر من حبكة لا معنى ولا منطق لها.

بولوك ومعها توم كروز من آخر نجوم السينما الصامدين في عصر هيمنة تقنية البث عبر الإنترنت، وهي نجمة أثبتت قدرة على جذب الجماهير الأميركية والعالمية إلى السينما في حقبة ما بعد «كوفيد».

لا ننسى أن جزءاً من خطة تسويق الفيلم كانت في الترويج لقدرته على اختطاف المركز الأول من «ذا باتمان» في شبّاك التذاكر الأميركي في مارس الماضي، ولا غرابة فالكوميديا الموجهة للجميع تستطيع سرقة الجمهور من الأفلام الكئيبة.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.


ربّما لم يأخذ رادكليف الدور بجدية، فهذا في نهاية الأمر رومانسي كوميدي، ولا يتطلب وجود شرير يسرق المشاهد من البطلين.

الفيلم «سهل الهضم» وخفيف، ورغم أن عناصره «ثقيلة الدم» تحتاج إلى بعض الصبر.. إلّا أن الانسجام بين البطلين مرّر العيوب.

 110

• دقائق، مدة العمل بسبب التفاصيل الفرعية، وهي أكثر ما يسيء لهذا الفيلم ويتسبب في إطالته.

تويتر