«سبيس جام: نيو ليغاسي».. استعراض فجّ لكاتالوغ وورنر بروس

منذ 25 عاماً أتى فيلم Space Jam بفكرة غريبة، وإن كانت رخيصة، هي دمج شخصيات الكرتون المحبوبة لوني تونز مع اللاعب السابق مايكل جوردان في مباراة كرة سلة، درّ ذلك الفيلم أرباحاً غير متوقعة، وحلّ في المركز الـ15 عام 1996 في قائمة الأفلام الأكثر ربحية بين فيلمين كلاسيكيين آنذاك، الأول «ستار تريك: فيرست كونتاكت»، والثاني «مستر هولاندز أوبس».

لكن لم يولد جزء ثانٍ رغم تلك الأرباح، وكانت هناك محاولة مع «لوني تونز باك إن أكشن» عام 2003، تحت إدارة جو دانتي، لكنها باءت بالفشل، اليوم وبعد ربع قرن تأتي وورنر بجزء ثانٍ مع لاعب كرة السلة ليبرون جيمس مكان جوردان، وإعادة استخدام الفكرة نفسها!

غابت الشخصيات البشرية التي شاركت في الفيلم الأول، لكن الكرتونية كلها عادت إلى الثاني، وهذا شيء طبيعي لأن شهرة الأشخاص تشيخ معهم ولا تستمر مع تغير الأجيال، بينما شخصيات الكرتون لا تكبر أبداً وتتجدد بتجدد التقنية التي تصنعها.

فيلم Space Jam: A New Legacy، مليء بدعايات عن شخصيات وأعمال استوديوهات وورنر بروس، كل ما تتخيله من شخصيات قصص «دي سي» المصورة إلى هاري بوتر إلى كازابلانكا إلى كينغ كونغ، أو أي شيء قد لا يتخيله المشاهد يظهر لثوانٍ عدة، مادامت وورنر تملكه.

هذا النوع من الدعايات أو الترويج لمنتج من خلال نصّ فيلم من الممكن أن يكون ظريفاً وممتعاً للمشاهد لو استُخدم بشكل معتدل، لكنه في الفيلم يظهر في وجهك بشكل مستمر ولا يخلو مشهد منه، ويصل إلى مرحلة أن الشخص قد يسأم منه.

بكلمات أخرى، لا يأخذ الفيلم وقتاً طويلاً قبل أن تشعر بأنك تشاهد دعاية فجة لساعتين عن كاتالوغ وورنر بروس، وليس فيلماً قائماً بعناصره الخاصة.

كتب الفيلم ستة كتاب، أحدهم شقيق المخرج رايان كوغلر (بلاك بانثر وكريد)، وهذا الأخير اسمه في خانة منتجي الفيلم، وهذا يعني شيئاً واحداً.. أننا أمام شبه كارثة، عادة، كلما زاد عدد الكتّاب، زادت احتمالات تحول النص إلى فوضى.

تأخذ القصة نسخة خيالية من ليبرون جيمس وتضخه - إن صح التعبير- إلى داخل لعبة فيديو لينضم إلى شخصيات لوني تونز (باغز باني، دافي داك، إلمر فد، لوا باني.. إلى آخره)، ويشكل فريقاً يسمى «ذا تون سكواد» ضد ابنه دوم (سيدريك جو)، وهو مصمم ألعاب فيديو، ونظام الذكاء الاصطناعي الشرير إيه آي جي ريذم (دون شيدل)، ومجموعتهم التي تسمى «ذا غون سكواد».

يلعب الفريقان ضد بعضهما مباراة كرة سلة، وفي هذه الأجواء تنشأ صداقات وتتعلم الشخصيات دروساً، ويتورط المشاهد في فيلم مزدحم جداً.

الفيلم الثاني أطول من الأول بنصف ساعة، ولا يحوي أي إثارة حتى في مشاهد المباراة، هناك بعض اللحظات المسلية التي تستحضر أجواء الجزء الأول، زيارة مجمع «دي سي» ممتعة، وتتضمن أغاني باتمان وسوبرمان، وهناك مشهد «كاميو» لمايكل جوردان.

يعتمد الفيلم على عنصر الإبهار بالمؤثرات الخاصة اللامعة التي تضيء لقطاته، ومزج الشخصيات الكرتونية مع الحقيقية يبدو اليوم أجمل بكثير وأدق مما كان عليه عام 1996، عندما كان فيلم Who Framed Roger Rabbit لروبرت زيميكيس عام 1988 هو القاعدة المعتمد عليها.

رغم أن الفيلم يظهر حيوية ونشاطاً يدبان في شخصياته، لكنه يفتقد وجود روح في النص نفسه. رسالة الفيلم المتكررة عن أهمية دور العائلة في حياة الفرد، وأهمية اتباع الشخص لقدره، أو احترام ما يريده كل فرد لنفسه، تعد رسالة مبتذلة ومن الصعب جداً تقبلها من خلال المعالجة الركيكة لهذا الفيلم.

المخرج مالكوم دي معروف بصنع بعض الأفلام الكوميدية بميزانيات منخفضة، لكنه ليس الرجل المناسب لهذا الفيلم، خصوصاً لو عرفنا أن استوديوهات وورنر جلبته في وقت لاحق ليتولى إخراج هذا الفيلم.

من المثير للاهتمام تصوّر كيف سيكون الفيلم لو أن الفريق فيل ولورد ميلر تولى إخراجه، وهما المعروفان بإخراج Spider- Man: Into the Spider Verse، وغيره من أفلام الأنيميشن العائلية.

ولا عزاء لشخصيات وورنر بروس المحبوبة، التي ظهرت كنوع من الديكور لأجل تسويق نجم رابطة كرة السلة الأميركي في السينما، ولا تعد هذه محاولة لتسويق تلك الشخصيات لجيل 2020 مثلاً، لأنها كلها شخصيات ثانوية لشخصيات البشر.

لأولئك الذين يرغبون في مشاهدة شخصيات الكرتون، ننصحهم بالعودة إلى الحلقات القصيرة الكلاسيكية، والاستمتاع بأداء ميل بلانك وليس صوت جيف بيرغمان الذي يحاول تقليد الأول، الاستمتاع بتلك الشخصيات في أوج شعبيتها أفضل كثيرا من الاكتفاء بمشاهدتها في أدوار ثانوية، وبشكل عام غير متناسقة أمام جيمس.

الفيلم بريء ولا نشك في وجود نيات سيئة، لكن هل كان من الضروري ظهور - ولو لثوانٍ قليلة - المهرج القاتل بيني وايز من فيلم IT عام 1990 والنسخة المحدثة 2017، وعصابة المُغتصبين من فيلم «أكلوك وورك أورانج» 1971؟ نعم، مُغتصبون!

ليست كل شخصيات وورنر بروس بريئة، حالها حال كل استوديوهات الأفلام الأخرى، التي تتربح من شخصياتها سواء الصالحة أو الطالحة، لكن في فيلم عائلي من الغباء إظهار شخصيات شريرة ولو لثوانٍ قليلة، حتى لو صرخ مدير الاستوديو بأعلى صوته معبراً عن فخره بكاتالوغ أعماله!

حول الفيلم

بعد أن ألغت وورنر بروس فكرة «سبيس جام 2»، كانت هناك فكرة أخرى لفيلم بعنوان Spy Jam، وكانت النية إسناد بطولته إلى الصيني جاكي شان، وعندما رفض الأخير قررت وورنر صنع «لوني تونز: باك إن أكشن».

نفذت شركة «إندستريال لايت آند ماجيك»، المملوكة لجورج لوكاس، المؤثرات الخاصة بشخصيات لوني تونز بتقنية 2D، ما يجعلها المرة الأولى للشركة في صنع هذا النوع من المؤثرات في 33 عاماً، أي منذ أن نفذتها في فيلم Who Framed Roger Rabbit عام 1988.

• لا يأخذ الفيلم وقتاً طويلاً قبل أن تشعر بأنك تشاهد دعاية فجة لساعتين.

• المخرج مالكوم دي معروف بصنع بعض الأفلام، لكنه ليس الرجل المناسب لهذا الفيلم.

للإطلاع على الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

الأكثر مشاركة