العطّار يُصوّر ما أفسده الدهر

«السينما في الإمارات».. بـــوسترات وتذاكر ومقاعد من دور عرض الســـــبـعينات

صورة

إحساس جارف بالحنين، يولّده التجول في معرض «السينما في دولة الإمارات» للمصور عمار العطار، مستدعياً ذكريات قديمة كادت أن تختفي بين طيات الذاكرة، في ظل الحداثة التي نعيشها بالوقت الحالي.

المعرض، الذي ينظمه رواق الفن بجامعة نيويورك أبوظبي، المتحف الأكاديمي بالجامعة، يتتبع بدايات دور السينما وعروضها في دولة الإمارات عبر مجموعة كبيرة من الصور والوثائق والمواد التي سعى من خلالها العطار لرسم صورة بانورامية لمراحل تطور دور السينما المستقلة، التي تم بناؤها في بدايات سبعينات القرن الماضي، وما آلت إليه في الوقت الحالي، والدور الذي قامت به في المجتمع، باعتبارها مراكز فنية وثقافية قدمت لزوارها أعمالاً فنية وترفيهية في وقت يعتبر مبكراً نوعاً ما، كما يستعرض العطار في معرضه جوانب من الثقافة السينمائية في دولة الإمارات ومنطقة الخليج، من خلال رصد ظواهر عدة، من بينها الطقوس العائلية الأسبوعية المتمثلة في الذهاب إلى صالات السينما، أو الملصقات الدعائية المستخدمة في ترويج الأفلام أمام شريحة عريضة ومتنوعة من الجمهور.

جولدن سينما

هدم مبنى «جولدن سينما» القريب من بيت جده كان النواة الأولى للمعرض؛ بحسب ما أوضح عمار العطار لـ«الإمارات اليوم»، وأضاف: «منذ البداية كان لديَّ اهتمام بتصوير المباني القديمة ومنها دور السينما القديمة، لذلك عندما سمعت عن هدم مبنى (جولدن سينما) في دبي عام 2015، والذي كان يحمل اسم (سينما بلازا) في البداية، وكان المبنى قريباً من منزل جدي، ذهبت لتصوير المبنى لتوثيق المكان قبل هدمه، وهناك وجدت مجموعة كبيرة من الأوراق الخاصة بالسينما، وكثير منها يرجع إلى فترة السبعينات ما يمنحها قيمة كبيرة، وعندما تحدثت مع المسؤول عن المبنى أخبرني بأنه لا مانع لديهم من أن أحتفظ بهذه الأوراق، بعدها فكرت في ضرورة عرض هذه الوثائق للجمهور، ومن هنا بدأت فكرة إقامة المعرض». لافتاً إلى أنه قام خلال السنوات الثلاث الماضية بتصوير مباني ما يقرب من سبع دور سينما في مختلف الإمارات، مثل غرناطة في أم القيوين، والحمراء في الشارقة، وسينما بلازا في الفجيرة، والخليج في رأس الخيمة، والدورادو في أبوظبي، وغيرها، وهذه المباني بعضها لايزال قائماً، والبعض تم هدمه، والبعض الآخر تحول إلى نشاط اقتصادي آخر مثل محال متنوعة وغيرها. معتبراً أن هذا التحول طبيعي في ظل انتشار دور العرض السينمائي الحديثة، وما تتميز به من إمكانات ضخمة، سواء في ما توفره من راحة للمشاهد أو جودة في عرض الأفلام، كما أن معظم الدور القديمة كانت لأشخاص وليست تابعة لمؤسسات ومن الطبيعي أن يبحث أصحابها عن مكسب مادي في مشروعات أخرى مع تراجع الإقبال على السينمات القديمة.

ملصقات ومقاعد

تقريباً كل ما يتعلق بالسينما يمكن لزائر المعرض أن يجده ماثلاً أمامه، حتى المقاعد الخشبية التي كان يجلس عليها رواد السينما قديماً، حولها عمار العطار إلى عمل فني في إحدى قاعات العرض، وعلى الجدار المقابل علقت مجموعة كبيرة من ملصقات الأفلام الهندية «البوسترات» تحمل صور وأسماء نجوم السينما الهندية في السبعينات والثمانينات مثل ملصق فيلم «سوراج» إلى جانب أفلام من مصر وبنغلاديش وهوليوود وباكستان. كذلك ضم المعرض، الذي يستمر حتى 5 نوفمبر المقبل، مجموعة من الوثائق القديمة، وهي جانب من مخاطبات رسمية بين دار عرض «سينما بلازا» من جهة وبلدية دبي أو وزارة الإعلام والثقافة من جهة أخرى، ومن بينها خطاب صادر من بلدية دبي في فبراير 1977، يفيد بموافقة البلدية على رفع أسعار تذاكر الدرجة الثانية في السينما من ثلاثة دراهم ونصف الدرهم إلى أربعة دراهم، ورفع أسعار تذاكر الدرجة الثالثة من درهمين ونصف الدرهم إلى ثلاثة دراهم ونصف الدرهم، أسوة ببقية دور العرض الأخرى، وخطاب آخر من البلدية يفيد بالموافقة على طلب «سينما بلازا» بعرض فيلم «طرزان» لأطفال إحدى المدارس في دبي مجاناً، «وذلك إسهاماً من السينما في الترويح عن الأطفال»، وهو ما يلقي بالضوء على وظيفة دور العرض في ذلك الوقت، التي لم تكن فقط عرض الأفلام داخل قاعاتها، لكنها كانت تسهم في خلق حراك فني ثقافي ترفيهي في المجتمع. وخطاب آخر يعود إلى ديسمبر 1975، صادر عن رقابة الأفلام بوزارة الإعلام والثقافة في ذلك الوقت، ويطالب مدير السينما بدفع مبلغ قدره 300 درهم بدل رسوم عن الأفلام التي تمت مراقبتها في شهر نوفمبر من العام نفسه. إلى جانب مجموعة كبيرة من دفاتر تذاكر السينما، وصور من داخل غرفة عرض الأفلام وصور لدور السينما من الداخل والخارج، وكذلك قصاصات من صحف ومجلات مختلفة تضم مواد مرتبطة بالسينما مثل إعلانات الأفلام ومقالات نقدية وأخبار متنوعة، وغيرها.

حوار فني

يعد معرض «السينما في دولة الإمارات» جزءاً من مؤتمر «السينما ووسائل الإعلام البصرية في الخليج»، الذي تنظمه علياء يونس، بالتعاون مع ديل هدسون في معهد جامعة نيويورك أبوظبي، خلال الفترة من 28 إلى 30 الجاري. وتزامناً مع المؤتمر، يقام حوار فني مع الفنان عمّار العطار، في مساحة المشروع، في تمام الساعة السادسة مساءً، يوم 29 الجاري.

«عكس الزمن»

أوضح عمار العطار أنه يعمل، منذ عام 2014، على مشروع فني بعنوان «عكس الزمن»، يتتبع فيه مراحل تطور التصوير الفوتوغرافي والاستديوهات في الإمارات، منذ بدايته وحتى الوقت الحالي، متوقعاً أن يصدر هذا المشروع في كتاب، خصوصاً أنه يضم العديد من المعلومات واللقاءات، مع مصورين عاشوا بالإمارات في فترات زمنية مختلفة.

• خطاب صادر من بلدية دبي في فبراير 1977، يفيد بموافقة البلدية على رفع أسعار تذاكر الدرجة الثانية في السينما، من ثلاثة دراهم ونصف الدرهم إلى أربعة دراهم.

• المقاعد الخشبية، التي كان يجلس عليها رواد السينما قديماً، حوَّلها العطار عملاً فنياً.

تويتر