فيلم من لقطات أفلام سابقة

«لوميير 2018» يحتفي بالعرض الأول لـ «ذا إيميج بوك» خارج «كان»

صورة

تحتفي مدينة ليون الفرنسية هذا العام بالدورة العاشرة لمهرجانها السينمائي الفريد من نوعه (لوميير 2018)، إذ هو مهرجان داخلي تنظمه المدينة لإحياء تاريخ السينما، فهو الوحيد المعني بالسينما الكلاسيكية بدل عرض أحدث الأفلام كما تفعل بقية مهرجانات الفن السابع.

جين فوندا

كرّم مهرجان لوميير 2018 النجمة الأميركية جين فوندا في ليلة ختامه، بعد أن كرّم وونغ كار واي، وكاترين دينوف ومارتن سكوسيزي وبيدرو ألمودوفار، وكوينتن تارانتينو وكين لووش، وجيرارد ديباردو، والراحل ميلوش فورمان وكلينت إيستوود في السنوات السابقة.

عمل غاضب

قد يكون «ذا إيميج بوك» فيلماً جديداً أو أصلياً أو جريئاً، لكن هو أيضاً من أقبح الأفلام وغير مفهوم نهائياً وغاضب، وفنياً رديء من صانع أفلام يُعد أحد رواد الفن السابع وأسطورة من أساطير السينما الفرنسية والعالمية.

85

دقيقة، مدة الفيلم الذي يبدو كأنه رحلة إلى عالم غودارد، أو ربما إلى داخل عقله.


- يُعد المهرجان فرصة لمشاهدة أفلام قديمة تعود إلى الحقبة الصامتة، وأخرى توثيقية.

ليون مولد السينما، وتحتضن متحف لوميير الذي يحكي قصة الأخوين لوميير واختراعاتهما التي قادتهما إلى صنع الكاميرا والبروجيكتور (مكبر الصورة)، وهما الآلتان اللتان تصنع منهما الأفلام. فرنسا ليست بحاجة إلى مهرجان غير «كان السينمائي» العريق، لكن العالم - وليس فرنسا فقط - بحاجة إلى مهرجان يهتم بإرث هذه الصناعة، مهرجان السينما الكلاسيكية القديمة، وهنا جاءت الفكرة من متحف لوميير للسينما بإقامة مهرجان ليون السينمائي ابتداء من عام 2009.

يُعد هذا المهرجان فرصة لمشاهدة مجموعة من الأفلام القديمة تعود إلى الحقبة الصامتة، بالإضافة إلى أفلام توثيقية عن نجوم السينما القديمة وصناع أفلام من مختلف مناطق العالم أتحفوا عشاق السينما بأعمالهم الإبداعية، كما يستضيف صناع أفلام مرموقين معاصرين للتحدث عن تجاربهم، أي إنه مهرجان للاحتفاء بالسينما القديمة، وفي الوقت نفسه لا يتجاهل جماهير السينما المعاصرة، وقد تمكن في دورة العام الماضي من جذب أكثر من 171 ألف زائر. كما يهتم المهرجان بجانب تقني مثل ترميم الأفلام القديمة وتنظيفها قبل عرضها على الشاشة الكبيرة لأول مرة.

فوضوي لأبعد الحدود

في هذه الدورة أتاح «لوميير 2018» عرض فيلم «ذا إيميج بوك» لصانع الأفلام الفرنسي - السويسري العريق جون لوك غودارد (87 عاماً) رائد الموجة الجديدة في السينما الفرنسية في ستينات القرن الماضي، والذي سبق عرضه لمرة واحدة في «كان» في مايو الماضي، وهذا ثاني عرض للفيلم، الذي من غير المتوقع عرضه في أي مهرجان آخر.

لا تتوقع أن تفهم شيئاً من هذا الفيلم؛ فهو فوضوي لأبعد الحدود، لا تحاول أن تفهمه أو تفك طلاسمه. غودارد قلب مسيرته السينمائية رأساً على عقب، فهو بدأ منذ 50 عاماً قوياً مهتماً بالقصة والشخصية في أفلامه الماضية التي أحدثت ثورة سينمائية في القرن الماضي، وانتهى بأفلام لا تعتبر أكثر من مجرد تمرين، بكلمات أخرى، أفلام لا يصنعها إلا هواة أو طلاب سينما، يضحكون عليها بعد تحقيق شهرتهم.

ليست هناك قصة، أو حتى خيط رفيع لقصة ممكن تتبعها، أو مشهدان على الأقل يمكن استنتاج نوع من تتابع الأحداث منهما. هذا الفيلم مكون من 85 دقيقة من صور! مجرد صور قديمة أو أرشيفية أو مشاهد من أفلام أميركية وعربية وغيرها، خليط عجيب من صور لا تمت لأي صلة ببعضها بعضاً.

هناك صور غريبة وجميلة تستحق التأمل، خصوصاً أن غودارد تلاعب بها، وهناك صور مزعجة يرغب المشاهد في عدم النظر إليها. بالنظر إلى الصور وحدها فيمكن كتابة موضوعات حولها للمهتم بفن الصور، أما لو نظرت إلى الصورة العامة للفيلم، فأفضل وصف له هو هجوم كاسح على حواس المشاهد، دون أدنى اعتبار لمشاعر الشخص، وهو هجوم أو فلنقل تفكيك فكرة السينما كقصة وسيناريو وحوار أو ما عرف بـ«المدرسة الأميركية أو هوليوود».

لا تحاول أن تفهم لأن غودارد لا يريدك أن تفهم، ولو أراد أن نفهم لما تحدث بلغة غامضة فلسفية ذات طابع شعري، ولما تجنب حضور مهرجان كان السينمائي، وهذا أيضاً، كغيره من صناع الأفلام الذين يفضلون العزلة.

الحلم المزعج

يبدو الفيلم كأنه رحلة إلى عالم غودارد، أو ربما إلى داخل عقله، والجمل الوحيدة المفيدة من فيلمه كانت على شكل أبيات شعرية ترجمتها: مثل الحلم المزعج المكتوب على ليلة عاصفة، تحت سماء غربية، الفردوس الضائع، الحرب هنا.

لو اعتبر المشاهد أو القارئ هذه الأبيات نوعاً من الهراء فهو على حق، ولو اعتبرها غودارد نفسه مفتاحاً لفهم فوضى فيلمه فهو محق كذلك، وعندما اختار العديد من جماهير هذا العرض الخروج من الصالة لعدم فهمهم الفيلم أو لانزعاجهم أو لعدم اهتمامهم فهم محقون أيضاً.

الصوت الذي يروي نص الفيلم وأبيات غودارد الشعرية لم يكن متناسقاً كذلك، فتارة يأتيك من الجانب الأيمن من الصالة، وأخرى من الجانب الأيسر، بدل أن يأتيك من الوسط كما هي العادة، وهو مقطع ومتقطع بشكل جنوني. ولا نظن أن غودارد لا يقصد ذلك، بل هو يقصد أن يصنعه بهذه الصورة لكن لا نعلم لماذا؟ غودارد أحد أكثر صناع الأفلام تطرفاً في الستينات والسبعينات، غاضب جداً، هذا هو التفسير الوحيد لصنع فيلم بهذه القباحة، ربما يريد أن يعبر عن غضبه بهذه الصورة، هو غاضب على الغرب والشرق والمتطرفين وأشياء أخرى غير واضحة، لكن السؤال: لو كان غاضباً فما ذنبنا ليسلط هجومه علينا؟ وما ذنب السينما ليشوهها بهذا الأسلوب؟!

صور غودارد الفيلم في بعض الدول العربية، منها تونس، دون ممثلين، ثم ضم إليه مجموعة لقطات من أفلامه السابقة، وأفلام أخرى مثل King Lear وجوني غيتار الشهير لنيكولاس راي وبطولة جوان كراوفورد، ود. مابوس، وآنا كرينينا، وأورفيي، والفك المفترس، وأفلام عربية مع مجموعة من لقطات نشرات أخبار وصور فوتوغرافية. هذا فيلم غاضب شكلاً ومحتوى.

الترجمة المصاحبة للفيلم غير دقيقة طبقاً لبعض الحضور، أحياناً تظهر خلال مقاطع باللغة الفرنسية وأخرى لا تظهر قط، وثالثة تتحول الترجمة الإنجليزية إلى أداة سرد بدل الصوت بالفرنسية، وأحياناً رابعة تختفي الترجمة والصوت وتظهر حوارات من أفلام عربية من مصر ودول المغرب العربي. الجزء الأخير من الفيلم يتحدث عن شخصية خيالية يسميها غودارد الشيخ بن خادم من دولة دوفو، حتى لو ظن المشاهد العربي أنه انتقاد للعرب فإن المشاهد الأميركي يرى فيه إسقاطاً مباشراً على الرئيس دونالد ترامب، وهي وجهة نظر غودارد أن السياسيين حمقى.

تويتر