20 عاماً على عرضه ولاتزال أحداث الفيلم عالقة في الأذهان

«اركضي يا لولا».. أيقونة سينمائية لا تصلح لهذا الزمن

الفيلم فاز بجائزة أفضل فيلم ضمن جوائز «الفيلم الألماني» عام 1999. أرشيفية

مرّت 20 عاماً على عرض الفيلم الألماني «ران لولا ران» (اركضي يا لولا)، الذي وضع معايير جمالية جديدة في عالم صناعة السينما آنذاك، كما أعاد برلين إلى خريطة العالم السينمائية. وشاهد أكثر من 2.2 مليون شخص الفيلم في ألمانيا فقط، وهو ما أعطى دفعة للمسيرة الفنية لمخرج الفيلم، توم تيكفير (‏‏53 عاماً)‏‏، مخرج المسلسل التلفزيوني الشهير، «بابيلون برلين»، الذي تم عرضه على شبكة «نتفليكس» لبث الأفلام والمواد الترفيهية عبر الإنترنت.

عدد كبير من النقاد قال إن الفيلم لا يتسم بالاستمرارية، ولا يصلح لهذا الزمن، ولم يعد مقنعاً اليوم، فلو كانت ثورة الاتصالات والمعلومات منتشرة في ذلك الوقت لنسفت فرضية الفيلم بشكل كامل.

الحبكة الدرامية للفيلم بسيطة، لكنها كانت رائدة بالنسبة لعصرها، حيث يتصل بطل الفيلم «ماني» بصديقته «لولا»، وهو مصاب بحالة من الهلع لأنه ترك - عن غير قصد بالطبع - حقيبة تحوي 100 ألف مارك ألماني نقداً، في قطار الإنفاق. واستقل «ماني» القطار لأن «لولا» لم تتمكن من أن تصحبه معها بعد سرقة دراجتها.

وكان يتعين على «ماني» توصيل المبلغ لمديره الذي كان سيتسلمه بعد 20 دقيقة، لأنه إذا لم يحصل على المبلغ فإنه سيقتله، وهدد «ماني» بسرقة متجر بقالة في وضح النهار إذا لم تأتِ له «لولا» بالمال.

وتبدأ «لولا» الركض في محاولة منها للحصول على المال من والدها، الذي يعمل مديراً لاحد البنوك، إلا أن خطتها فشلت، فتتوجه إلى البقالة، لكن لدى وصولها يكون «ماني» قد نفذ خطته بالفعل، وعندما يحاول كل منهما الهرب، تبدأ الشرطة إطلاق النار عليهما.

وفي هذه اللحظة، تبدأ أحداث الفيلم مجدداً، حيث يبقى أمام كل من «ماني» و«لولا» مهلة 20 دقيقة لإحضار المبلغ، وتبدأ «لولا» الركض من جديد، ويتكرر ذلك ثلاث مرات، وفي كل مرة تقع أحداث مختلفة بعض الشيء، ولها عواقب مختلفة أيضاً.

ولم يحصل الفيلم على جوائز من مهرجان فينيسيا السينمائي أو الأوسكار، إلا أنه فاز بجائزة أفضل فيلم ضمن جوائز «الفيلم الألماني» عام 1999. وتشتهر الجوائز حالياً باسم «جوائز لولا»، وذلك ليس فقط بسبب فيلم «ران لولا ران»، لكن أيضاً بسبب تجسيد الممثلة، مارلين ديتريش، شخصية «لولا» في الفيلم الألماني الكلاسيكي «ذا بلو أنجيل» (الملاك الأزرق).

ويمكن لأي شخص يعرف العاصمة الألمانية برلين أن يدرك أن المسافة التي قطعتها «لولا» في الفيلم، لا يمكن قطعها خلال الفترة الزمنية ضمن أحداث الفيلم. فقد شوهدت، على سبيل المثال، وهي تجري فوق جسر «أوبرباوم» بين كريتسبرج وفريدريشين، شرقي برلين، لكن متجر البقالة الذي تتوجه إليه «لولا» ضمن أحداث الفيلم، يقع على بعد 11 كيلومتراً في شارلوتنبورغ، على الجانب الآخر من المدينة.

إلا أن ذلك لا يهم مشاهدي الفيلم في أنحاء العالم كثيراً، فقد نال مكانة بين عشاق وخبراء صناعة السينما، ففي الولايات المتحدة أفرد له المسلسل الكارتوني التلفزيوني الشهير «ذا سيمبسونز»، حلقة كاملة.

ففي حلقة «ترايولوجي أوف ايرورز» (ثلاثية الأخطاء) تجري أحداث اليوم ثلاث مرات، واحدة من وجهة نظر «هومر»، وأخرى من وجهة نظر «بارت»، وثالثة من «ليزا»، التي تركض أيضاً عبر سبرينجفيلد على موسيقى فيلم «ران لولا ران».

ولكن استخدام حبكة درامية مماثلة لن يكون مناسباً في الوقت الحالي، بسبب ما وصلت إليه التكنولوجيا من تقدم في عصرنا الحديث، فعلى سبيل المثال يستطيع الهاتف الذكي أن يلغي الكثير من الأحداث الدرامية في الفيلم. حيث كان من الممكن أن يصل بطل الفيلم إلى «لولا» في وقت قصير عبر الاتصال بها هاتفياً أو من خلال رسالة نصية، أو حتى طلب سيارة أجرة (تاكسي) باستخدام أحد التطبيقات الإلكترونية التي توفرها الهواتف الذكية حالياً، وذلك بدلاً من أن يستقل القطار.

وتبدو العاصمة برلين اليوم مختلفة، حيث كانت المدينة وقت تصوير الفيلم شبه خاوية إلا من مبانٍ مهجورة أو مواقع تشييد، ولم يكن المهاجرون قد توافدوا على المدينة آنذاك، كما هي الحال الآن.

كما أن الفيلم يعتمد على الكثير من المصادفات والتوفيق، ولكن الأمر صار كذلك في معظم الأعمال التي تلته.

تويتر